بخطاب غير متزن وموفق في روحه وتوقيته اجهز المدعو سلطان العرادة في مأرب على الفرصة الاخيرة لحقن الدماء وعودة مارب سلميا الى حضن الدولة ، واضاع في طريقه الفرصة الاخيرة لحزب الإصلاح للتكفير عن جرم الخيانة التي ولغ فيها منذ 7 سنوات خدمة للسعودية وتحالف ليست ” اسرائيل ” بمعزل عنه رعاية ومصالح .
وبرغم ان الرجل حاول ان يبدوا مسيطرا على نفسه على مدى 7 دقائق هي مدة خطابه المهتز تحت وقع التوتر والقلق وسيطرت حال الخوف على كلماته وتركيزه رغم قصر مدة الخطاب.
لم يستطع الرجل ان يخفي ملامح الهزيمة التي يعيشها مع تطويق الجيش واللجان الشعبية مدينة مارب حيث يتحصن اخر المرتزقة بدعم جوي من التحالف الذي نقل معداته الحساسة وغرف القيادة الى منطقة العبر والوديعة في حضرموت .
متابعون ومحللون ممن شاهدوا خطاب الرجل وتطاوله على مقام الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي ، عدوا الخطاب بمثابة خطاب الرحيل ، والاقرار بالهزيمة التي فضحتها تعابير وجه الرجل .
بحماقة اجهز العرادة على المبادرة المقدمة من صنعاء والقى بحبل النجاة الاخير الممدود له ولحزبه ومن يقاتلون في صف تحالف العدوان تحت إمرته ، وظهر في موقف الذل امام خصوم ناصبهم العداء على مدى سنوات – الامارات وطارق والانتقالي – وجميعهم يتمنون ويعملون لسقوط الإصلاح وانخرطوا اخيرا في خطة لتصفية وجود الإصلاح في تعز ، كان اغتيال ضياء الحق الاهدل اولى تجلياتها .
يؤكد متابعون بان مبادرة صنعاء لتسليم مدينة مأرب سلما قدمت في طياتها حبل الحياة سياسيا للعرادة وللـ الإصلاح في التراجع عن جرم الخيانة واتخاذ موقف وطني كمدخل للعودة عن الخطأ الكبير الذي تورط فيه الرجل وقادة الحزب المشتتون بين عواصم التحالف .
ويشير هؤلاء الى ان دائرة المعارة تضيق يوما فأخر حول العرادة ومن يتبعونه في اخر مديريتين هما مدينة مارب والوادي مضارب عبيده، والاخيرة موقفها بدا في التجلي لعدم تحويل مناطقها الى ساحة قتال والتوجه الى مصالحة مع الدولة على غرار جبل مراد ومديريات اخرى .
بعد اسقاط الخيار السلمي لعودة مدينة مارب الى حضن الدولة ، فان التوجه نحو استعادتها عسكريا محسوم وقد نشهد خلال الايام المقبلة انطلاقته بزخم كبير مع تمدد عملية التطويق للمدينة بغرض تحقيق الحسم السريع ، وتقول مصادر عسكرية أن لدى الجيش واللجان الشعبية مروحة خيارات واسعة بينها تفجير الوضع من اداخل المدينة التي تحولت الى منطقة عسكرية يصعب على الناس العيش فيها .
تدرك قيادة الجيش واللجان الشعبية ان الإصلاح والتحالف يعمد الى التحصن بالمدنيين ، وزراعة الاف الالغام وحفر الخنادق في وسط المناطق السكنية وفق ما اكدت ذلك قناة العربية ، وهي تضع لذلك الخطط المناسبة لتجنيب المدينة الدمار وتفادي وقوع ضحايا كثر بين المدنيين .
شحنات السلاح المقدمة من السعودية استمرت في التدفق على مرتزقة مارب والإصلاح عبر طريق الوديعة صافر ، -وصلت اخر هذه الشحنات نهاية الاسبوع الحالي – وهي اخر الطرق التي لاتزال مفتوحة امام مرتزقة الإصلاح بعد نجاح خطة الجيش واللجان العشبية في قطع طريق مارب شبوه ومارب البيضاء ومارب صنعاء ومارب الجوف منذ فبراير 2020م وضمن عمليات عسكرية متعددة منفصلة ومتصله بالهدف الاساسي وهو اسقاط اخر قواعد التحالف في شمال شرق اليمن .
عودة مارب الى حضن الدولة اليمنية سيمثل نقطة مفصلية في مسار العدوان والحصار على اليمن والذي قادته السعودية منذ مارس 2015م ، وسيكون لخسارة تحالف الرياض واشنطن مارب تداعيات لن تتوقف ربما عند الجغرافيا الاقليمية .
منذ سنوات تخوض دول محور المقاومة معارك متعددة – الحرب الاقتصادية ليست بمعزل عنها – في عدد من الميادين على امتداد المنطقة العربية وخاصة في سوريا والعراق ، في الاخيرة نجح الحشد الشعبي بطرد داعش من العراق بعد ان روجت الولايات المتحدة لاستحالة ذلك خلال اقل من 20 سنة قادمة ، وفي سوريا تمكن المحور من استعادة حلب عاصمة الشمال السوري والعاصمة الاقتصادية من ايدي المجموعات المسلحة المدارة خليجيا وتركيا وامريكيا .
ميدانيا دخلت المعارك الحدود الادارية لمدينة مأرب مع سيطرة الجيش واللجان الشعبية على منطقة العمود الاسفل ، وبات يفصلها عن نقطة الفلج سيئة الصيت ، المدخل الجنوبي والرئيسي لمدينة مارب نحو 3 كيلومترات .
عودة مديريات مارب الى حضن الدولة باستثناء مديرية المدينة والوادي ومسالمة قبائلها صنعاء ، وزيارة وفود منها الى صنعاء كما فعلت قبائل العبدية وبيحان ، حيث على الصفح والعفو على مادونه من جراح والام لم تفصل بينهما سوى ايام في مشهد صدم جميع المراقبين وستخلده ذاكرة الحرب في اليمن ، اراد العرادة تشويهه بالقول ان ابناء تلك المديريات سيعودون للقتال وتأطير معركة مارب بعيدا عن اطارها الوطني .
يقتصر مقاتلي الإصلاح اليوم في البقعة الضيقة من مارب حيث وصلت المعركة في اخر فصولها على العقائديين الوهابيين وقلة ممن ارتبطت مصالحهم ببقاء سيطرة هذا الحزب على مارب ومنابع النفط والغاز ، وقيادات فضلت الانغماس في وحل الخيانة مقابل حفظ مصالحها التي بنتها من دماء اليمنيين في الخارج ، وهي اليوم الى الفرار من ميدان المعركة اقرب منها الى الصمود والقتال حتى اخر قطرة.
بينما يستعد من كانوا يقاتلون صنعاء بالأمس الى الانخراط في القتال ضد التحالف – بعد ان لمسوا حلاوة العفو والصفح من صنعاء ، وطغت الاخوة اليمنية على سنوات الغي – دائما يقولون العبرة بالخواتيم ومعركة مارب وصلت الى خواتيمها ، ومن قاتلوا سنوات الى جانب التحالف هم اليوم سيوف بيد الحق ويضعون خاتمة لوجوده في مأرب وغدا في مناطق اخرى .