إثيوبيا.. أديس أبابا تعلن حالة الطوارئ اثر تهديد المتمردون باقتحام العاصمة وأمريكا تتدخل بمقترح والرئيس يرفض ويدعو الجيش للتحشيد والمواطنين للتضحيات (تفاصيل كاملة)
تزداد التوترات حدة في إثيوبيا، بين القوات الحكومة برئاسة آبي أحمد، وبين المعارضة المسلحين، وسط محاولات أوروبية وأمريكية للحد من التوتر بمقترحات والدعوة الى المفاوضات لإنهاء النزاع بين الأطراف المستمر لأكثر من عام.
إعلان حالة الطوارئ
فرضت السلطات في إثيوبيا الثلاثاء حالة الطوارئ في البلاد عقب إعلان متمردي إقليم تيغراي تقدمهم ميدانيا وتوجههم نحو العاصمة أديس أبابا. جاء إعلان فرض الطوارئ عبر وسائل إعلام تابعة للدولة، بعد يومين من طلب رئيس الوزراء آبي أحمد من المواطنين حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم.
وفي وقت سابق أصدرت السلطات في العاصمة توجيهات للسكان لتسجيل أسلحتهم والاستعداد للدفاع عن أنفسهم والأحياء التي يقطنونها. وتضمن البيان أيضا أن السلطات تجري تفتيشا من بيت إلى بيت في العاصمة وتلقي القبض على مثيري الاضطرابات.
وتابع البيان “يستطيع السكان التجمع في محال إقامتهم وأن يحرسوا الأماكن القريبة منهم… ننصح من بحوزتهم أسلحة ولكنهم لا يستطيعون المشاركة في حراسة الأماكن القريبة منهم بأن يسلموا سلاحهم إلى الحكومة أو إلى أقرب أقاربهم أو أصدقائهم”.
وكان قد أعلنت جبهة تحرير تيغراي خلال الأيام الماضية سيطرتها على مدن إستراتيجية عدة في إقليم أمهرة، بعدما استولت على جميع مناطق إقليم تيغراي في يونيو/حزيران الماضي. وأكدت أن مقاتليها باتوا على مسافة مئات الكيلومترات من أديس أبابا، كما قال جيش تحرير أورومو المتحالف معها إن العاصمة قد تسقط في غضون أسابيع.
بالمقابل، نفت الحكومة الإثيوبية سقوط المدن بيد المتمردين، وأعلنت أمس الثلاثاء حالة الطوارئ في كل أنحاء البلاد في مواجهة التهديدات الأمنية المتمثلة في إحراز المتمردين مكاسب ميدانية واقترابهم من العاصمة.
رفض مقترح أمريكي
وأفادت مصادر مطلعة،أن أديس أبابا رفضت مقترحات المبعوث الأمريكي للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان الذي زار العاصمة.
وكانت مصادر أفادت إن المبعوث الأمريكي قدم خريطة طريق لإنهاء الأزمة في إثيوبيا. الخطة تتضمن وقف إطلاق النار وانسحاب القوات إلى ما قبل الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وإيصال المساعدات الإنسانية، وبدء الحوار فورا دون شروط مسبقة.
وأضافت المصادر، أن إثيوبيا رفضت مقترحا أمريكيا لإجراء مفاوضات غير مشروطة، إذ تواجه الحكومة حاليا جبهة تيغراي باعتبارها جماعة “إرهابية” وتطالب بانسحاب مسلحيها فورا من إقليم أمهرة دون شروط مسبقة. وتابعت أن الجانبين الأمريكي والإثيوبي اختلفا بشأن طبيعة المفاوضات، إذ قالت أديس أبابا إنها هي من تحدد ذلك دون تدخل أطراف خارجية.
آبي أحمد يدعو الى التحشيد والتضحيات
قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، يوم أمس السبت، إن البلاد يجب أن تكون مستعدة “لتقديم تضحيات” من أجل إنقاذ إثيوبيا، وذلك مع تصاعد القتال في الشمال بين القوات الحكومية ومتمردي تيغراي الذين يهددون بالزحف إلى العاصمة.
وكتب آبي أحمد في رسالة قصيرة على تويتر “هناك تضحيات يجب تقديمها لكن هذه التضحيات ستنقذ إثيوبيا”، مضيفا “واجهنا المحن والعقبات وهذا جعلنا أقوى.. لدينا حلفاء أكثر من الذين انقلبوا علينا”.
واستدعى الجيش الإثيوبي -أول أمس الجمعة- العسكريين السابقين للقتال في صفوفه مجددا لمحاربة المتمردين. وقال الجيش -في بيان- إنه يدعو الأعضاء السابقين في القوات المسلحة الإثيوبية لتسجيل الوقوف إلى جانب الجيش الوطني، والإسهام بمعرفتهم وخبراتهم من أجل إحباط الهجوم المستمر لتدمير البلاد، حسب ما نقله موقع “أديس ستاندر”.
وتأتي هذه التصريحات غداة إعلان تحالف من 9 منظمات متمردة من مختلف المناطق والأعراق في إثيوبيا مع جبهة تحرير شعب تيغراي التي تقاتل القوات الحكومية منذ أكثر من عام. وتهدف هذه “الجبهة الموحدة” إلى “قلب نظام” آبي أحمد كما أعلن ممثل الجبهة برهان جبرخريستوس عند توقيع هذا التحالف في واشنطن.
تحالف عسكري
وفي وقت سابق، أعلنت 9 جماعات مناوئة للحكومة الإثيوبية تحالفا جديدا للإطاحة بحكومة آبي أحمد، في وقت تعيش فيه البلاد حالة طوارئ مع اشتداد المعارك بين القوات الإثيوبية وجبهة تحرير شعب تيغراي.
وأعلن التحالف الجديد من العاصمة الأمريكية واشنطن، وفي مؤتمر صحفي بواشنطن، أعلن ممثلو عدد من الفصائل الإثيوبية عن التحالف العسكري الجديد الذي يضم: جبهة تحرير شعب تيغراي، وجيش تحرير أورومو، وهما فصيلان متحالفان أصلا ويقاتلان القوات الحكومية منذ أشهر في إقليم تيغراي وأمهرة (شمالي البلاد).
ويضم التحالف أيضا: جبهة عفار الثورية للوحدة الديمقراطية، وحركة أغاو الديمقراطية، وحركة التحرير الشعبية بني شنقول، وجيش التحرير الشعبي لغامبيلا، وحزب كيمانت الديمقراطي، وجبهة تحرير سيداما الوطنية، ومقاومة الدولة الصومالية.
وقال التحالف -في مؤتمر صحفي- إنه يعتزم حل حكومة آبي أحمد، سواء بالقوة أو بالمفاوضات، ثم تشكيل حكومة انتقالية، وأضاف أن جبهته تشكلت “للتصدي للأضرار الوخيمة المترتبة على حكم رئيس الوزراء آبي أحمد على الشعوب في الداخل والخارج”، و”إقرارا بضرورة التعاون وتوحيد القوات للتحرك صوب انتقال آمن”.
تحرك أممي
وقال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث التقى الجمعة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وأجرى معه مناقشات بناءة في أديس أبابا حول الوضع الإنساني.
وأوضح حق أن غريفيث سيلتقي غدا ممثلي المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة لمناقشة جهود إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين. وأضاف أن الاحتياجات الإنسانية تتزايد في جميع أنحاء إثيوبيا، وأن المنظمة الدولية تواجه تحديات بشأن تمويل جهود الاستجابة الإنسانية.
وفي المقابل، انتقد نائب رئيس الوزراء الإثيوبي وزير الخارجية الإثيوبي دميقي موكنن ما أسماها الروايات المضللة من بعض الجهات في ما يتعلق بحالة المساعدة الإنسانية في بلاده. وخلال لقائه في أديس أبابا غريفيث اتهم موكنن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بإلحاق الضرر بالشعب الإثيوبي.
دعوة أوروبية لوقف توريد السلاح لإثيوبيا
وقد دعت رئيسة لجنة العلاقات مع أفريقيا في البرلمان الأوروبي ماريا رودريغيز راموس -في مقابلة مع الجزيرة- إلى ضرورة وقف توريد الأسلحة إلى إثيوبيا كخطوة مستعجلة.
وأكدت أن أجهزة الاتحاد الأوروبي تدرس المطالبة بإرسال قوات أممية للسهر على استتباب الأمن في المنطقة، مشيرة إلى أن الموقف الأوربي موحد بشأن الأزمة في تيغراي. كما أعربت عن قلق أجهزة الاتحاد الأوروبي من الأزمة المتفاقمة في إثيوبيا وتداعياتها على الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي.
واشنطن تدعو دبلوماسيها للمغادرة
في غضون ذلك، أمرت واشنطن دبلوماسييها غير الأساسيين في السفارة الأمريكية في إثيوبيا وأقرباءهم بمغادرة البلاد بسبب تصاعد النزاع الدائر في شمال البلاد بين متمردي إقليم تيغراي والقوات الحكومية.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان نُشر يوم أمس السبت، “أمرت الخارجية الموظفين غير الأساسيين التابعين للحكومة الأمريكية وأفراد عائلاتهم بمغادرة إثيوبيا بسبب النزاع المسلّح واضطرابات مدنية”.
وأفادت مجلة “فورين بوليسي” (Foreign Policy) بأن وزارة الخارجية الأمريكية أنشأت فريق عمل جديدا للإشراف على مغادرة بعض موظفي سفارة بلادها في إثيوبيا، إلى جانب المواطنين الأميركيين الذين يسعون للخروج من البلاد.
ونقلت “فورين بوليسي” عن مصادر مطلعة قولها إن الفريق الجديد سيساعد في تنسيق المغادرة الطوعية للموظفين الحكوميين الأمريكيين، وتسهيل الرحلات الجوية التجارية للرعايا الأميركيين الراغبين في المغادرة. وذكرت المجلة أن هذه الخطوة تشير إلى مدى قلق صانعي السياسة الأمريكية من أن الصراع بين الحكومة المركزية والقوات في إقليم تيغراي، يمكن أن يهدد العاصمة أديس أبابا.
من جهتها، قالت السفارة الأمريكية في أديس ابابا، يوم أمس السبت، في موقعها على الإنترنت إن “حوادث الاضطراب المدني والعنف العرقي تقع من دون سابق إنذار، الوضع مرشح لمزيد من التصاعد ويمكن أن تنشأ عنه أزمات في سلاسل الإمداد وانقطاعات في الاتصالات وتعطل في السفر”.
وتأتي هذه التطورات، بعد ساعات من بيان صحفي أصدره مجلس الأمن الدولي يدعو أطراف النزاع لوقف الأعمال العدائية وتهيئة الظروف لبدء حوار وطني شامل وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن.
بيان مجلس الأمن
اعتمد مجلس الأمن بيانا صحفيا يعرب فيه عن القلق العميق إزاء توسع وتكثيف الاشتباكات العسكرية خلال الأسابيع الأخيرة شمالي إثيوبيا، في حين أعلنت 9 حركات مسلحة عزمها على الزحف إلى العاصمة أديس أبابا لإسقاط حكومة آبي أحمد.
ودعا مجلس الأمن أطراف الصراع هناك إلى إنهاء الأعمال العدائية والتفاوض على وقف دائم لإطلاق النار، وطالب المجلس أيضا بتهيئة الظروف لبدء حوار وطني إثيوبي شامل لحل الأزمة.
كما دعا مجلس الأمن جميع أطراف النزاع إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن، وغير مقيد وفقًا للقانون الإنساني الدولي. وأعرب مشروع البيان، عن القلق البالغ إزاء تأثير الصراع على الحالة الإنسانية في إثيوبيا، فضلا عن استقرار البلد والمنطقة الأوسع.