امتدّت التفاهمات التي تعقدها صنعاء مع قبائل مأرب، لتشمل قبيلة عبيدة، ما من شأنه أن يمهِّد لسقوط المدينة بالكامل بيد «أنصار الله»، ومن دون قتال. واقع حتَّم عزلة على حزب «الإصلاح» داخل المدينة، ليندفع إلى شنّ حملة اعتقالات واسعة استهدفت مواطنين يتحدّرون من محافظات واقعة تحت سيطرة حكومة صنعاء، بتهم التعاون مع الحركة، بالإضافة إلى نشر ميليشياته وتعزيز تحصيناته عند أطراف المدينة السكنية، استعداداً لحرب شوارع
حيث تستقبل صنعاء، منذ أيام، العشرات من مشائخ مأرب الذين قَدِموا بدعوة من زعماء القبائل الذين سبقوهم في تأييد مبادرة السيد القائد، الهادفة إلى تحييد الصراع عن مدينتهم.
وبحسب مصادر قبلية تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن حشداً كبيراً من مشائخ وحكماء المحافظة، وصلوا، خلال الأيام الماضية، إلى العاصمة اليمنية، فيما يُتوقَّع وصول آخرين، لإجراء مباحثات يُراد من ورائها تفويت الفرصة على قوات هادي، وميليشيات الإصلاح، لجرّ المدينة إلى الحرب.
وأفادت المصادر بأن زعماء من قبيلة الجدعان، وقبيلة مراد، وقبيلة الأشراف، وبعض زعماء قبائل عبيدة، يبحثون تسليم مأرب من دون قتال، وذلك بعد فرْض الجيش واللجان الشعبية» وجودهما عند تخومها من الاتجاهات: الجنوبية، والجنوبية الغربية، والغربية، والغربية الشمالية.
هذا التوافد القبلي، جاء بعد تكليف حكومة صنعاء اللجنة القبلية المكوَّنة من كبار زعماء قبائل مأرب لصنعاء، بالتواصل المكثَّف مع قبائل عبيدة المؤيّدةللعدوان، في أعقاب سقوط الجبهة الجنوبية بشكل كامل، والتحام قوات صنعاء في ثلاث جبهات رئيسية في محيط المدينة، ونجاح اللجنة القبلية في تسليم مديرية جبل مراد طوعاً.
وقالت المصادر إن التفاهمات القبلية اتّسعت، خلال الأيام الماضية، لتشمل قبيلة عبيدة، فيما كُلِّفت مجموعة من المشائخ بالتواصل مع مشائخ عبيدة لتجنيب أراضي القبيلة وممتلكاتها صراعاً باتت نتيجته محسومة.
وتتّخذ المفاوضات مع عبيدة، والمنعقدة في وادي عبيدة، طابعاً سرّياً، خشية تعرُّض هذه القبائل للانتقام من جانب «التحالف».
وفي السياق ذاته، وصل عشرات المشائخ من قبائل مراد وذو محمد في العبدية والجوبة، ومن قبائل مديريات بيحان وعين ومرخة في محافظة شبوة، إلى صنعاء.
ومع اتّساع نطاق الحديث عن مبادرة مأرب في أوساط قبائل عبيدة وقبائل شبوة، أخيراً، ازدادت عزلة حزب «الإصلاح» قبلياً وشعبياً في هذه المدينة، ليردّ عبر شنّ حملة اعتقالات واسعة استهدفت مواطنين يتحدّرون من محافظات واقعة تحت سيطرة حكومة صنعاء، بتهم التعاون مع «أنصار الله»، ونشْر ميليشياته عند أطراف المدينة السكنية التي عزَّز تحصيناتها استعداداً لحرب شوارع.
وأفادت مصادر مطّلعة، «الأخبار»، بأن الانتشار الأمني في مدينة مأرب جاء عقب إقدام مجهولين على طبع شعارات تابعة لحركة «أنصار الله» على جدران عدد من الأحياء السكنية، ما أثار هلع ميليشيات «الإصلاح» التي لا تتمتّع بأيّ حاضنة شعبية وقبلية في المدينة، أو في مديرية وادي عبيدة التابعة لقبيلة عبيدة، إحدى أهمّ قبائل مأرب.
ووفق مصادر محلية في مأرب، لجأ «الإصلاح» إلى «الدعاية السوداء» لإثارة مخاوف سكان المدينة من دخول الجيش و«اللجان الشعبية» إليها، فضلاً عن تحريضه ضدّ الحركة في المساجد.
وردّاً على ذلك، نفى عضو لجنة الوساطة في مأرب وأحد أبرز مشائخ قبيلة عبيدة، محمد عبد العزيز الأمير، تلك الشائعات، مؤكداً، في حوار بثّته قناة «المسيرة» الناطقة باسم «أنصار الله»، أواخر الأسبوع الماضي، أن «الدعاية التي تثير مخاوف المواطنين الموجودين في مدينة مأرب ووادي عبيدة غير صحيحة».
كما طمأن المقيمين في المديريتَين، والذين قدِموا من خارج مأرب، إلى عدم تعرضّهم لأيّ أذى، وأضاف: «إن أردتم البقاء في مأرب، فنحن أهلكم ونرحّب بكم. وإن أردتم العودة إلى مناطقكم، فأنتم في أمن ودماؤكم دماؤنا».
تتّخذ المفاوضات مع عبيدة طابعاً سرّياً خشية تعرُّض القبائل للانتقام من جانب «التحالف»
حتى الآن، يخضع 80% من سكان مدينة مأرب لسلطات حكومة صنعاء التي أعادت تطبيع الأوضاع في 12 مديرية من أصل 14، فيما تبقّى 20% من إجمالي الكتلة السكانية في المحافظة تحت سيطرة حزب «الإصلاح».
ووفق تقديرات شبه رسمية، فإن نحو 85% من الانتشار القبلي في مأرب أصبح تحت سيطرة صنعاء، فيما يتصدّر معظم أبناء قبائل مأرب المعارك ويتولّون المهامّ الأمنية والإدارية في المديريات المحرّرة، وتبقى نسبة 15% من الانتشار القبلي في وادي عبيدة خارج المدينة تحت سيطرة «الإصلاح».
وتفيد المعلومات بأن معظم زعماء قبائل عبيدة يفضّلون السلام وتجنيب المدينة الصراع، كون غالبية أبناء عبيدة يمتلكون مصالح كبيرة داخل المدينة والوادي. ومنذ الثلاثاء الماضي، تُجري صنعاء مفاوضات مع قبائل مأربية لإقناعها بالعزوف عن القتال في صفوف «التحالف».
وعلمت «الأخبار» من مصدَرَين قبليَّين في صنعاء، أن هناك مباحثات جارية لتجنيب المدينة وما تبقى من مأرب ــــ كالوادي وصافر النفطية ــــ الحرب، كون الحسم العسكري، هو البديل الوحيد من السلام.
أكثر من مؤشّر يفيد بأن «الإصلاح» بات يائساً من البقاء في مـأرب، إذ تؤكد مصادر محلية، انخفاض الحركة التجارية في أسواق المدينة وارتفاع مبيعات المنازل والمحال التجارية التي كانت تابعة لقيادات في الحزب، خشيةَ مصادرتها من قِبَل «أنصار الله».
كما تفيد المصادر بأن «الإصلاح» عمل على نقل مركزه المالي من مـأرب إلى وادي حضرموت والمهرة. تحرّكات دفعت العاملين في مجال الصرافة إلى استبدال الأموال المطبوعة من العملة اليمنية بعملات صعبة، كون صنعاء ترفض التعامل بالفئات المطبوعة من قِبَل حكومة هادي.
المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية