شكلت الحرب على سورية الحدث الأبرز للقرن الواحد والعشرين، كما شكل صعود حزب الله كقوة إقليمية مع تشكل محور للمقاومة ترافق مع انتصار سورية وتحولات العراق واليمن وفلسطين وصمود إيران، أبرز التطورات التي سترافق صناعة التوازنات وعبرها رسم السياسات، لكن هذه وتلك بقيتا تدوران حول معادلات كانت قائمة وجرت محاولة لتغييرها وفشلت، وترتب على فشلها إنتاج معادلات أشد قسوة، لكن الحدث الذي جاء من خارج العلبة التقليدية هو ما شهده اليمن، الذي لا يمكن أن ينكر الغرب بكل أطرافه أنه جاء مفاجأة من خارج العلبة التقليدية للقوى التي يدور معها الصراع.
– في اليمن كان سقف التوقعات يدور حول نجاح أو فشل الحرب في تحجيم قوة أنصار الله كلاعب يمني محلي يشكل حضوراً متواضعاً لثقافة قوى المقاومة، سقف تطلعاته أن يبقى شريكاً في أي تسوية سياسية محلية تحفظ له حصة في تشكيلة السلطة القادمة، وتحمي المكون الذي يمثله والمحصور بمحافظة صعدة، فجاءت سبع سنوات من الحرب لتقول إن ثمة ما لم يكن متوقعاً، وجاء من خارج الحسبان، فقد ظهرت حركة أنصار الله أنها حركة عابرة للمحافظات اليمنية، قادرة على حشد الملايين في الساحات والميادين تحت عنواين مواقفها كركن مقرر في محور المقاومة، وظهرت قدراتها التقنية والقتالية قادرة على تشكيل سلاح صواريخ بااليستية وطائرات مسيرة باتت هي القوة الممسكة بأمن الخليج وأمن الطاقة، وبأمن البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهذا يعادل ظهور حزب الله كقوة صاعدة في ختام معركة التحرير عام 2000 وانتصار حرب تموز 2006 معاً، وقد احتاج الغرب لعقدين لهضم هذه الحقيقة ولم يصل للتسليم بها بعد، فكيف سيهضم مثلها في منطقة ثورات النفط والغاز، التي يمثلها الخليج، والتي لا تقل قيمة استراتيجية عن تأثير حزب الله على أمن كيان الاحتلال، إن لم تكن تفوقها أهمية بعدما تراجعت كثيراً أهمية إسرائيل في ظل تراجع قدرتها على خوض الحروب.
– اليمن سيحضر بقوة أكبر في القراءات السياسية والاستراتيجية بصفته المتغير الجيواستراتيجي الأبرز للقرن الواحد والعشرين، لا يمكن تشبيهه إلا بصعود المقاومة في لبنان بين عامي 2000 – 2006، وربما بانتصار الثورة الإيرانية عام 1979.