عطوان يفجر مفاجأة من العيار الثقيل ويكتب.. الحرب تدخل مرحلة خطيرة وحدوث خسائر بشرية كبيرة في الجانب السعودي من جراء قصف مطارات جازان ونجران وأبها.. ما هي الرسالة التي تريد قيادة حركة “انصار الله” توجيهها الى الرياض عبر صواريخها الباليستية “الدقيقة”؟
بإعلان الجنرال يحيى سريع المتحدث العسكري باسم تحالف حركة “انصار الله” الحوثية ان قواته استهدفت مساء الخميس مقرا للقيادة، ومخازن أسلحة، ومرابض طائرات أباتشي، في مطار جازان السعودي، وأوقعت 35 “عسكريا” بين قتيل وجريح، تكون حرب اليمن المستمرة منذ سبع سنوات قد دخلت مرحلة جديدة من التصعيد غير مسبوقة.
من حيث بدء حصول خسائر بشرية في الجانب السعودي، بعد ان كانت هذه الخسائر في معظمها مقتصرة على الاضرار المادية والمعنوية، بالتركيز على منشآت النفط والبنى التحتية السعودية منذ بداية الازمة.
حسب البيان العسكري الحوثي جرى اطلاق خمسة صواريخ باليستية “دقيقة”، ولهذا جاءت الإصابات دقيقة أيضا، وتجنب نظيره المتحدث العسكري السعودي التعليق على هذا البيان حتى كتابة هذه السطور.
هذا التحول في مسيرة الحرب يأتي انعكاسا مباشرا للمعارك الضاربة المشتعلة حاليا في محافظة مأرب اليمنية التي تحاصرها القوات الحوثية بعد ان حققت نجاحات عسكرية كبيرة تمثلت في الاستيلاء على العديد من المديريات المحيطة بها، وباتت على بعد بضعة كيلومترات من قلب المدينة الاستراتيجي.
الطيران الحربي السعودي المتطور الذي يضم اسرابا من طائرات “اف 16″ و”اف 15” الامريكية الصنع دخل معركة مأرب بكثافة في الأسابيع الأخيرة، وشن غارات “مؤلمة” على القوات الحوثية المتقدمة نحو مركزها، عرقلت تقدمها، لعدم وجود أي أنظمة جوية فاعلة لدى تحالف “انصار الله” لإسقاط هذه الطائرات الامر الذي دفع بقيادتها بتكثيف هجماتها على المدن السعودية الجنوبية مثل جازان ونجران وابها ومطاراتها كورقة ضغط.
مأرب المحافظة الوحيدة تقريبا التي ما زالت خارج سيطرة تحالف “انصار الله” الحوثي في الشمال اليمني، ستقرر مصير الحرب في اليمن صمودا أو سقوطا، ومصير حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها عربيا ودوليا، بالتالي فهذه المحافظة لها أهمية سياسية، ومكانة تاريخية تحتوي ارضها على ثروات نفطية وغازية ضخمة.
من الواضح ان الإدارة الامريكية الحالية ادارت ظهرها للازمة اليمنية عسكريا على الأقل، بسحبها لمنظوماتها الصاروخية الدفاعية من صواريخ “باتريوت” و”ثاد” الأكثر دقة، في تخل واضح عن الحليف التاريخي السعودي، وفي لحظة حرجة من تاريخ الازمة اليمنية.
تصاعد اعداد القتلى والجرحى، ومن العسكريين والمدنيين، في الجانب السعودي، يعكس تطورا خطيرا جدا، ستكون له انعكاساته السلبية المقلقة في أوساط الرأي العام السعودي الذي ظلت هذه الحرب وتطوراتها بعيدة نسبيا عنه، منذ بدئها، لكن يبدو ان المشهد يتغير وبشكل متسارع هذه الأيام، خاصة اذا انتقلت هذه الحرب من مدن “الحد الجنوبي” المحاذي لليمن، الى المدن الكبرى في العمق السعودي.
وهذه نقله غير مستبعدة في ظل اشتداد المعارك في مأرب، وحالة عدم الاستقرار في عدن، وغياب جميع الوساطات السلمية للبحث عن حلول للازمة، ولعل المفاوضات السعودية الإيرانية الجارية حاليا، والتي لم تتمخض عن أي نتائج عملية حتى الآن، مثل إعادة فتح القنصليات في مشهد الإيرانية وجدة السعودية، هي الامل الوحيد لإيجاد مخارج من هذه الازمة النازفة وحقن دماء الشعبين الشقيقين.