كثف الإحتلال الإماراتي تدخله في جنوب اليمن وجزيرة سقطرى، وكانت مزاعمه المتكررة بانسحابها العسكري من اليمن محط اهتمام وسائل الإعلام. وبحسب موقع “الخليج الجديد” الإخباري، فعلى الرغم من الحرب التي شنها تحالف العدوان العربي بقيادة السعودية والعواقب الكارثية لهذه الحرب على اليمنيين، فقد ظلت اليمن مرة أخرى في ذيل قائمة دول العالم.
وفي فبراير الماضي، وعد الرئيس الأمريكي “جو بايدن” بإنهاء العدوان على اليمن ومنع مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، لكن منذ ذلك الحين فشلت واشنطن في اتخاذ إجراءات لإنهاء الحرب. وعلى الرغم من أن واشنطن مارست بعض الضغط على المملكة العربية السعودية، إلا أن الزيارات المتكررة للمسؤولين الأمريكيين إلى منطقة الخليج الفارسي فشلت في الحد من نفوذ الإمارات في اليمن.
زيادة التدخل الإماراتي في اليمن
إن الإحتلال الإماراتي ليس متحالف بشكل كامل مع حكومة المرتزقة. ولقد أفادت العديد من التقارير الاخبارية، أن طائرات حربية إماراتية كانت تحلق فوق محافظة شبوة الجنوبية في 6 سبتمبر / أيلول الماضي بعد احتجاجات شعبية ضد نقل معدات عسكرية إماراتية إلى مقرات المجلس الانتقالي الجنوبي. وعلى الرغم من اتفاق الرياض التي تم التوقيع عليه في يناير 2020، تصاعدت التوترات بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات حكومة المرتزقة حول محافظة شبوة الغنية بالنفط.
ويرى مراقبون وخبراء أن أبوظبي والمجلس الانتقالي الجنوبي يعتبرون محافظة شبوة مكونًا مهمًا لجنوب اليمن بسبب ثرواتها الطبيعية والنفطية. ولقد أفاد موقع “الشرق الأوسط” الاخباري، أن المجلس الانتقالي الجنوبي انتقد مرة أخرى جماعة الإخوان المسلمين المتحالفة مع حكومة المرتزقة، باعتبارها عقبة رئيسية تقف في وجيههم في محافظة شبوة، زاعمين أن الجماعة تريد استغلال ثروات المحافظة. وهنا يمكن القوا أن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات معاد بشدة لجماعة الإخوان المسلمين، وستكون المصالحة بشأن شبوة تحديًا كبيرًا لكلا الجانبين.
هيمنة الإمارات على البحر الأحمر
إن السيطرة على جزيرة سقطرى اليمنية عامل رئيسي في سعي أبو ظبي للسيطرة على منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب. وبحسب ما ورد تنقل السفن الإماراتية أسلحة إلى هذه الجزيرة، ويقول سكان جزيرة سقطرى ومحللون يمنيون إن الإمارات تحاول استخدام الجزيرة كقاعدة لمشاريع جيوسياسية في القرن الأفريقي ومضيق باب المندب.
ومع ذلك، لا يبدو أن الإحتلال الإماراتي يبحث عن احتلال هذه الجزيرة وحده؛ ففي مايو، أطلق المسؤولون اليمنيون ناقوس الخطر بشأن وجود قاعدة عسكرية جديدة مشتبه بها في جزيرة “ميون” ذات الموقع الاستراتيجي على خليج عدن.
وتقع جزيرة “ميون” في واحدة من أكثر النقاط البحرية إستراتيجية حيث تمر السفن النفطية والتجارية من قربها. وعلى الرغم من عدم ادعاء أي دولة حتى الآن ملكيتها لقاعدة جزيرة “ميون” العسكرية في مضيق باب المندب، إلا أن حركة المرور البحرية مرتبطة بمحاولة سابقة لبناء مدرج بطول ثلاثة أميال ونصف على هذه الجزيرة منذ سنوات لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وعلى صعيد متصل، أكد المرتزق“طارق صالح” قائد الميليشيات المدعومة من الإمارات في وقت لاحق أن قواته كانت تتمركز بالفعل في هذه الجزيرة. ولقد كشف موقع “ديبكا الاسرائيلي في وقت سابق، أن الإمارات أنشأت قاعدة عسكرية في هذه الجزيرة وهذا من أجل مراقبة السفن العابرة من النقطة الجنوبية للبحر الأحمر حتى قناة السويس. وأضاف الموقع العبري إن سفنا إماراتية وصلت إلى هذه الجزيرة في مايو الماضي ومعها معدات هندسية ومواد بناء وقوات عسكرية.
ويعتقد مسؤولون عسكريون أن هناك توترات أخيرة بين الإحتلال الإماراتي “والفار هادي”، وأن أحد أسباب هذا التوتر هو طلب الإمارات من “الفار هادي” توقيع عقد إيجار لجزيرة “ميون” مع الإمارات لمدة 20 عامًا، ويبدو أن “منصور هادي” عارض هذا الامر. وتقع جزيرة “ميون” على بعد ثلاثة كيلومترات جنوب غرب اليمن. ولمئات السنين، أدركت القوى العظمى في العالم الأهمية الاستراتيجية لهذه الجزيرة. ولقد تضاعفت أهمية هذه الجزيرة بعد أن تم افتتاح قناة السويس التي ربطت البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر.
تعميق الهوة بين السعودية والإمارات
يأتي توطيد النفوذ الإماراتي في وقت تبتعد فيه الإمارات عن المملكة العربية السعودية، وتعيد توجيه سياستها الخارجية وتقدم نفسها كقوة مهيمنة إقليمية. وهذا يعني أن هذه التحركات تزيد من خطر حدوث خلاف بين الدولتين الخليجيتين، على الرغم من أنهما قد أدارتا بالفعل خلافاتهما بشأن اليمن في الماضي. و21 أيلول الماضي، أعلن صحفي يمني، أن السعودية أوقفت طائرة إماراتية كانت تقل مسافرين يمنيين من مختلف الجنسيات من أبوظبي إلى سقطرى.
ولفت الصحفي اليمني أن الإمارات أعربت في ذلك الوقت عن استيائها من هذه الخطوة السعودية. كما أن هناك بعض الخلافات والتوترات بين السعودية والإمارات والتي تشتد من حين لآخر في سقطرى، وهذه الخلافات أكبر مما تم الكشف عنه حتى الآن.
وفي الماضي، استخدمت الإمارات العربية المتحدة الاخطاء التي ارتكبتها المملكة العربية السعودية لتعزيز نفوذها الإقليمي. ومع ذلك، فإن نهج الإمارات المختلف تجاه اليمن يُظهر أنها كانت حريصة دائمًا على تحدي حليفها، الرياض. وترى الإمارات الآن أن المملكة العربية السعودية في وضع أكثر هشاشة، وخاصة أن إدارة “بايدن” تسعى إلى تقليل التدخل العسكري السعودي في اليمن ولهذا ترى الإمارات العربية المتحدة أن لديها مساحة أكبر لاستغلال مثل هذه الظروف.
إن الحرب في اليمن ليست القضية الوحيدة التي أثارت الخلافات بين السعودية والإمارات. ففي يوليو، تجاهلت أبو ظبي الخطط السعودية لخفض إنتاج النفط، ما تسبب في فوضى داخل “أوبك بلس”. كما ازداد التنافس الاقتصادي بين الجانبين هذا العام، مما قد يحفز قادة الإمارات للقيام بأعمال كثيرة في اليمن وتحدي المملكة العربية السعودية.
ولقد كشفت العديد من التقارير الاخبارية مؤخراً عن تصاعد التوتر بين الإمارات من جهة، والسعودية من جهة أخرى، منذ أواخر الصيف الماضي، عندما زادت أبو ظبي إنتاجها فوق حصتها في “أوبك” مما دفع جارتها إلى التحذير الشديد. وذكرت تلك التقارير أن هذا التوتر الذي وقع بين البلدين الخليجيين والحليفين المقربين، دفع مسؤولين للقول إن الإمارات أصبحت تفكر جديا في الانسحاب من تحالف “أوبك بلس”.
ويعود الخلاف، إلى مطالبات متكررة للإمارات بضرورة التزام كافة المنتجين بحصصهم في خفض الإنتاج منذ بداية الاتفاق في مايو/أيار الماضي، إلا أن عدم الالتزام دفعها لزيادة إنتاجها. ولفتت تلك التقارير إلى أن المسؤولين الإماراتيين لم يعطوا أي إشارة علنية إلى أنهم يناقشون عضويتهم في “أوبك بلس”، لكنهم يرون أن حصص خفض الإنتاج تمت على أسس غير عادلة.
وفي غضون ذلك، سعت أبو ظبي إلى تقديم وجه أكثر قبولًا للمجتمع الدولي، بما في ذلك الاقتراب من خصميها الرئيسيين تركيا وقطر، والتي يعتقد بعض المراقبين أنها اتخذت موقفًا دبلوماسيًا أكثر بعد سنوات من العداء الجيوسياسي. ومع ذلك، فإن استمرار تدخل الإمارات في اليمن يظهر أن هذه الدولة الخليجية تواصل السعي لزيادة نفوذها الإقليمي.
لقد كانت الإمارات العربية المتحدة أحد الحلفاء الرئيسيين للسعودية في بداية غزو اليمن، لكن مع انفصالها عن السعوديين، وجهت اهتمامها إلى الموارد اليمنية الجنوبية والجزر اليمنية الاستراتيجية، بما في ذلك سقطرى وميون. ولقد أثارت أبوظبي انقسامات في الدولة الفقيرة بدعمها المجلس الانتقالي للجنوب، الذي يريد استقلال جنوب اليمن عن شماله.
______________
المصدر: الوقت التحليلي