كشف توثيق حقوقي يعد الأول من نوعه عن اعتقال أكثر من 68 ألف شخص في سجون السعودية في ظل ظروف “غير آدمية” وخارج إطار القانون.
وقالت منظمة Freedom Initiative ” الحقوقية الدولية إن التقديرات الأخيرة تشير إلى أن عدد المعتقلين في السجون ومراكز الاعتقال في السعودية بلغ أكثر من 68 ألف معتقل.
وأكدت المنظمة أن هذا العدد الكبير يقبع في ظروف غير إنسانية قاسية وتم وضع العديد منهم رهن الاحتجاز مع انتهاكات منهجية لحقوقهم بدون محاكمات أو محاكمات غير عادلة.
وتحدثت المنظمة عن سياسات السعودية المتمثلة في الاعتقال والمضايقات والإيقاع بالمواطنين الأمريكيين وأفراد أسرهم، مشيرا إلى وضع هؤلاء كجزء من حملات القمع العالمية، لا سيما ضد أولئك الذين يركزون على حقوق الإنسان.
وأبرزت أن التكتيكات القمعية للحكومة السعودية تتجاوز حدودها المحلية وبات لديها تجربة عالمية بحملات الاعتقال والترهيب والتشهير والسجن والتعذيب والتهديدات.
في هذه الأثناء كشف تقرير لمنظمات غير حكومية تخاذلًا فظيعًا لدى السلطات السعودية في معالجة التوصيات التي قبلت بها في مراجعتها الدورية العامة لعام 2018 بعد انقضاء نصف مدة المراجعة.
وذكر التقرير الذي قدمته القسط ومركز الخليج لحقوق الإنسان ومؤسسة مارتن إينالز في يونيو 2021 ونشر اليوم أنّ قبول السلطات السعودية بالعديد من الـ 258 توصية التي تلقتها أثناء دورتها الثالثة في 2018 لم يتبعه أيّ تقدمٍ يذكر في العمل عليها، في حين تستمر الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان.
فرغم قبول السلطات بالتوصية “بضمان ممارسة حرية التعبير والإفراج عن المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين”، ما زالت تحتجز عشرات معتقلي الرأي وتفرض قيودًا قاسية على المفرج عنهم، بل واستمر القمع الدؤوب لحرية التعبير.
وبحسب التقرير واصلت السلطات السعودية اعتقالاتها الجماعية التعسفية المشرعنة بالرجوع إلى نظامي مكافحة الإرهاب والجرائم المعلوماتية، في تجاهلٍ صارخٍ لتوصية المراجعة الدورية العامة “بمراجعة كافة التشريعات” التقييدية و”ضمان الاستقلالية الضرورية للقضاء”.
ويتواصل التباين بين ما تقبله السلطات السعودية من توصيات وما تنفذه، مثل توصية أخذ “خطوات لمنع التعذيب، والمعاملة القاسية والمهينة في السجون ومراكز الاحتجاز” التي لم يزحزح قبولها بها احتفاظَ التعذيب بمكانته في سجلها الحقوقي الرديء.
ولم يغير من ندرة التحقيقات في مزاعم التعذيب، أو قبول المحاكم بالاعترافات المنتزعة بالتعذيب بنحوٍ روتيني، ومن بين 23 توصية معنية بعقوبة الإعدام لم تتبنى السلطات السعودية إلا واحدةً منها، ما يدل على موقفٍ ثابتٍ حول هذه القضية، وحتى الإصلاحات التي أعلنتها السلطات فيما يتعلق بعقوبة الإعدام تضمنت ثغراتٍ معتبرة، وعدد الإعدامات التي نفذت حتى الآن في هذا العام تتجاوز ضعف مجمل الإعدامات لعام 2020.
وفي جواب السلطات السعودية الرسمي للمراجعة الدرية في 2018، قبلت السلطات بعدد من التوصيات المعنية بتغيير أو إلغاء نظام ولاية الرجل على المرأة، ولكن ما نفذته لا يتجاوز كونه إصلاحات شكلية وطفيفة – منها السماح للنساء بقيادة السيارة والحصول على جوازات سفر – وظلت أوجه أخرى لنظام الولاية، وهو الإطار القانوني الذي يعامل النساء كقُصَّر طول الحياة، دونما تغيير، حيث تقيّد حريّاتهن الأساسية في الشؤون التعليمية والوظيفية والصحية والزوجية وتلك المعنية بالمواطَنة.
أما الإصلاحات المعلن استهدافها حماية النساء من التعنيف فهي تفتقر لآليات التطبيق اللائقة، ما يترك النساء عالقاتٍ في علاقاتٍ يشوبها التعنيف، في حين ما زال “العقوق” تجاه ولي الأمر يصنف كجريمة.
وعلق المدير التنفيذي لمنظمة القسط نبهان الحنشي: “عندما قبلت سلطات السعودية بهذه التوصيات في 2018 فهذا يعني الالتزام بتطبيقها تطبيقًا كاملًا قبل مراجعتها الدورية العامة في 2023، ولكن هذا التقرير النصفي يبين إخفاقًا فظيعًا في التقدم حى الآن، ما يبين نأي السلطات عن التحسين الحقيقي للوضع الحقوقي في البلاد، ومن الحري بالمجتمع الدولي أنْ يتنبه لذلك لضمان قيام السلطات السعودية بالتزاماتها”.