أكد فخامة المشير الركن مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى، أن ثورة 21 سبتمبر ثورة يمنية مستقلة بامتياز، لا وصاية عليها.
وأشار الرئيس المشاط في حوار مع قناة المسيرة الفضائية، بثته مساء اليوم، إلى أن الصمود الأسطوري إلى حد الآن، وتماسك مؤسسات الدولة، أكبر إنجاز لثورة 21 سبتمبر.
ولفت إلى أن العدوان حاول أن يضعف ويكسر هذه الثورة، لكنه من حيث لا يشعر قوى عمادها، وهي اليوم تقف وقوفا صلباً غير قابل للانحناء ولا للانكسار.. مؤكدا أن العدوان على اليمن جهّز له منذ أن بدأ السيد حسين بدرالدين الحوثي بالصرخة الأول من جبال مران.
وجدد رئيس المجلس السياسي الأعلى التأكيد على أن أمريكا هي من تقف وراء الإجرام بحق الشعب اليمني.. وقال: “العدوان على اليمن هو أمريكي بامتياز، ولدينا معطيات أن العدوان لم يكن مفاجئا إلا من حيث التوقيت”.
وفي رده على سؤال حول موقع اليمن بعد هذه السنوات من العدوان، قال الرئيس المشاط: “اعتقد أنه لحد الآن ارتقى اليمن إلى مستوى لم نكن نتوقعه، وبما أن المخاض لا زال مستمرا ستكشف الأيام القادمة المستوى الطبيعي الذي وصل إليه اليمن”.
وفيما يتعلق بالحرب الاقتصادية، أوضح الرئيس المشاط أن المعركة واحدة، فالمعركة العسكرية لها رجالها الذين أثبتوا جدارتهم، والعالم يشهد بذلك، والمعركة الاقتصادية لها رجالها وستنتصر الجبهة الاقتصادية كما انتصرت الجبهة العسكرية.
القضية الفلسطينية:
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أوضح الرئيس المشاط أن ثورة 21 سبتمبر هي ثورة كل المستضعفين في العالم العربي والإسلامي، وعلى رأس هذا الاستضعاف القضية الفلسطينية .. مؤكدا أن الوضع في فلسطين على رأس أولويات هذه الثورة اليمنية المباركة.
وقال: “كلما اشتد الضغط علينا كلما ازددنا حنينا وشوقا إلى إخوتنا في فلسطين، وإلى القضية الفلسطينية، ونعرف أن ما نتعرّض له هو ثمن موقفنا التحرري والواضح والصريح من القضية الفلسطينية”.
تعيين المبعوثين:
وحول تعيين المبعوثين إلى اليمن، قال الرئيس المشاط: “أعتقد أن اختيار مبعوث أو تغيير مبعوث لا يُعد مؤشرا، نحن من قبل تغيير المبعوث السابق اتخذنا قرار عدم التعامل مع هذه المتغيرات، فالأمم المتحدة هي الأمم المتحدة بغضّ النظر من هو مبعوثها”.
ولفت إلى أن الأمم المتحدة -للأسف الشديد- لحد الآن لديها دور محدد مرسوم من قوى الاستعمار التي أسست هذه الجمعية، بما فيها التغطية على استمرار العدوان.. وقال: “لذلك أبلغنا المبعوث الجديد أننا سنتعامل معه من حيث فشل المبعوث السابق”.. مؤكدا عدم السماح لقوى العدوان باستخدام ورقة المبعوثين للانتكاسة والبدء من جديد.
وأشار إلى أن المبعوث السابق فشل في قضية مهمة، وأعلن موقفه منها في الإحاطة الأخيرة في مجلس الأمن، وهي ضرورة دخول السفن ورفع الحصار البري والجوي، ودول العدوان هي سبب في إفشاله وعدم استجابتها له في هذه المطالب التي يرى أنها محقة.
الملف الإنساني:
وجدد رئيس المجلس السياسي الأعلى التأكيد على الرفض المطلق لأي مفاوضات أو مبادرات تحمل في مضامينها مقايضة الملف الإنساني بالسياسي والعسكري.. وقال: “من حيث المسؤولية الملقاة على عاتقنا لن نخضع لقمة العيش، ورقبة المواطن لابتزاز العدو السياسي والعسكري، هذا شيء تاباه لنا كل القيم والأعراف”.
وأضاف: “ما يقال في الكواليس هو إصرار الجهات الدولية على المقايضة، رغم اقتناعهم أن كلامنا منطقي”.
زيارة الوفد العماني:
وفيما يتعلق بزيارة الوفد العماني، أوضح الرئيس المشاط أن العمانيين نقلوا إلينا رغبة سعودية من مستوى أعلى للتوصل إلى حل، لكن للأسف الشديد تتفاجأ أنه تتغير هذه الرغبة وهذا يحدث في عدة منعطفات.
وقال: “الذي حصل هو رغبة سعودية لتدخل الأخوة العمانيين الذين يدفعون منذ انطلاقة الشرارة الأولى للعدوان على بلدنا، باتجاه السلام، ولم يتوانوا في تلبية هذه الرغبة السعودية بأن يكون لهم تدخل ودور، جاءوا عرضوا علينا الفكرة، ونحن شرحنا لهم تفاصيل كل ما قد جرى من البداية، وأين نقاط الإخفاق، وأين نقاط النجاح، وسجلوا كل النقاط التي طرحناها ونقلوها للسعوديين، والجهود لا زالت مستمرة لحد الآن، لكن الرغبة تتدحرج حسب المستجدات الدولية، وحسب المعطيات لدى طرف العدوان”.
مبادرة مأرب:
وأكد الرئيس المشاط أن المعركة في مأرب هي معركة لتحرير جزء مهم واستراتيجي وكبير من الوطن، ومن ضمن المخرجات عندما جاء الأخوة العمانيون وزيارتهم إلى هنا، تقديم السيد القائد -يحفظه الله- المبادرة التي أعلنها مؤخراً.
وأضاف: “حمّلنا الوفد العماني المنطق والعقلانية، والطرح المنصف، حملّناه بعض النصائح لدول العدوان وعلى رأسها السعودية، أنهم كلما دخلوا في وحل العدوان، وأوغلوا في دماء اليمن كلما كان الخروج صعبا عليهم”.. مبينا أنه تم تحميل الوفد العماني المبادرة التي أعلن عنها السيد القائد بخصوص مأرب.
ولفت إلى أنه تم وضع العمانيين في صورة كل ما يحصل، والحرص على السلام، والطرف الآخر يرفع شعار السلام بينما هو يمارس العكس، كما أنه يطلب في الكواليس عكس ما يقوله في الإعلام.. مشيرا إلى “أن قناعة الوفد العماني عند المغادرة غير ما كانت عليه عند الوصول، حيث شرحنا لهم كل المعطيات”.
وأشار إلى أن الرغبة السعودية كانت مؤقتة وبدأت تتغير، بسبب متغيرات دولية جعلتهم توقفوا شيئا ما عن الاندفاع في هذا الجانب، ومن ذلك المستجدات في أفغانستان، كون الأمريكي والسعودي لهم ارتباط بالمجريات في أفغانستان.
وحول المسار التفاوض، وتصريح وزير الخارجية العماني بأن السلام في اليمن بات قاب قوسين أو أدنى، قال الرئيس المشاط: “لا يوجد حاليا أفق للحل السياسي غير الجهود الضئيلة والمترددة بين السعودية وعمان”.. مشيرا إلى أن المتغيرات الأخيرة على الصعيد العسكري ستخضع دول العدوان للانصياع للسلام الحقيقي.
وفيما يتعلق باهتمام أطراف إقليمية ودولية بالأوضاع في مأرب، أوضح الرئيس المشاط أن الدور الأمريكي وكذا البريطاني القذر يقف وراء استهداف حرية وكرامة وثروات المنطقة العربية والإسلامية بالدرجة الأولى.. مؤكدا أن الضجيج الدولي حول مأرب كله كذب، ولا إنسانية فيه، بل ضجيج اللصوص ممن يحرصون على نهب النفط.
وقال: “أي جزء محتل من تراب الوطن يقع على عاتقنا مسؤولية تحريره، سواء في مأرب أو في أي منطقة تحت الاحتلال”.
مبادرة قائد الثورة:
وفيما يتعلق بمبادرة قائد الثورة، وهل ما زلت مستمرة، أشار الرئيس المشاط أن “الأمور بحكم معرفتنا لهذا العدو الغاشم تخضع للمجريات الميدانية، فقد تنتهي وقد تسير مفاعيلها إلى أبعد مما ذهبت إليه وكل شيء وارد”.
وقال: “الخيار العسكري هو آخر خيار لدينا، نحن طرحنا خيار السلام، وهذا الكلام قلناه للسعودي وللأمم المتحدة حتى بطريقة غير مباشرة للأمريكي، أن الخيار العسكري لدينا في مأرب هو آخر الخيارات، لدينا نقاط منطقية، ومن لديه أي رد منطقي تجاه ما قدمناه في هذه المبادرة، يتفضل للنقاش، وللأسف حتى النقاش والأخذ والرد في هذا الموضوع لم يتم”.
وأشار إلى أن “الموضوع في مأرب حساس جدا جدا لدى الأمريكي والبريطاني، وفيه درجات من الأهمية، مثلا مرتزقة حزب الإصلاح والمرتزقة اليمنيون قد يكون لهم خانة معينة في ملف ما، لكن في ملف معين لا يعتبرون أي رقم، قد يكون السعودي والإماراتي في منزلتهم أمام هذا الملف.. لافتا إلى أن ملف مأرب مثلا لأهميته بحكم الثروة المتواجدة في مأرب يركز الأمريكي والبريطاني في هذا الموضوع أن تظل تحت سيطرة عملائه.
وخاطب الرئيس المشاط أبناء مأرب قائلا: “الخير لنا جميعا في المبادرة التي قدمها السيد القائد، فهي مبادرة منصفة ومنطقية، ولا يوجد فيها شيء يدعوهم للنكوص، إلا قضية واحدة أن القرار ليس بأيديهم، ونحن لا زلنا ندعوهم إلى ما دعاهم إليه السيد القائد لما فيه الخير لهم, وكان منصفا، رغم أننا نقف على أسوار مدينة مأرب”.
عمليات الردع:
وأكد الرئيس المشاط أن عمليات الردع في العمق السعودي هي في سياق عمليات الوجع الكبير من العملية الأولى إلى ما لا نهاية، وفي إطار سياسة النفس الطويل، وستستمر في السياق التصاعدي – إن شاء الله.. مشيرا إلى أنه ما دام العدوان والحصار مستمرا فكل الخيارات مفتوحة، وكل المفاجآت واردة.
ولفت إلى أن المسار العسكري لا يخضع لمزاج الرأي العام، القائد العسكري هو الذي يحدد متى يضرب، وأين يضرب، وكيف يضرب، وكم يضرب.
وبيّن أن السعودي والإماراتي هم أداة تنفيذ للأجندة الأمريكية والبريطانية في المنطقة، سواء في الملف اليمني أو غيره، وهم في مستوى واحد من الدور المطلوب منهم تنفيذه.
الأوضاع في المحافظات الجنوبية:
وتطرق الرئيس المشاط إلى الأوضاع في المحافظات الجنوبية المحتلة، مشيرا إلى أن “ما يحز في النفس هو حالة المواطن في تلك المناطق، وهو ما كنا نقوله من اليوم الأول من العدوان، والواقع أثبت ما كنا نطرحه”.
وقال: “التحركات التي حصلت في عدن في الفترة الأخيرة، وفي مناطق كثيرة، كان الطابع لها أكثر من كونها ثورة مطلبيه خدمية، بل ثورة رفض للاحتلال، بمعنى أن المواطن بدأ يفهم ويستوعب ما كنا نطرحه، أن ما دام هناك احتلال فهناك كثير من التفاصيل التي ستحصل بما فيها الجوع والحالة المزرية بما فيها الخدمات”.
وأشار إلى أن الاحتلال لا يأبه لأي مواطن، ولا يريد الخير لأي مواطن يمني لا في الشمال ولا في الجنوب، بل لديه سياسة هيمنة وإرادة متكبرة متغطرسة، لا يحمل في طياتها أي خير لأبناء بلدنا.
ولفت إلى أن 75 إلى 80% من ثروة الشعب اليمني تذهب إلى دول العدوان، ومجموعة من حكومة اللصوص، تذهب إلى جيوبهم يشترون بها الفلل والقصور والاعتمادات في الخارج.. لافتا إلى أن رقم الموازنة حاليا لا يساوي 7% من الإمكانات التي كانت تدرس قبيل العدوان.
وفيما يتعلق بالمهلة المحددة للمغرر بهم، أوضح الرئيس المشاط أن هناك إجراءات صارمة ستتخذ على المستوى الأسري والقبلي تجاه كل خائن وعميل، وباب العفو العام لن يبقى مفتوحا إلى ما لا نهاية وسيغلق.
محطات الإنجاز:
أشار الرئيس المشاط إلى أنه يتم إدارة الدولة بالحد الأدنى من الإيرادات.. وقال: “عصبنا على بطوننا، وأوجدنا الإرادة، وحددنا مصيرنا، وقطعنا بشكل خفي كل الأيادي اللصوصية، واستقر الوضع”.
وفي مسار بناء الدولة، أكد الرئيس المشاط أن كل ما حصل على المستوى العسكري ومستوى بناء الدولة كان نتيجة جهد مضنٍ.. وقال: “كل هذه التفاصيل ستحكى في يوم من الأيام، هناك تفاصيل كثيرة لا يمكن أن أطرقها في مقابلة ولا في خطاب، فالأمور لم تتغيّر بعصى سحرية، بل تغيرت بجهود مضنية وبإرادات صلبة”.
وأكد أن اليمن تحول من مرحلة الدفاع على المستوى العسكري إلى مرحلة الهجوم، وهذا شيء ملموس لا يستطيع أحد أن ينكره.. وقال: “على المستوى الاقتصادي كان العدو السفير الأمريكي بنفسه، أبلغنا في الكويت أنه في يوم كذا في شهر كذا سيحصل انهيار”.
وأشار إلى أنه، و”بعد خمس سنوات من ذلك التهديد، أوقفنا انهيار الجانب الاقتصادي، وتم إفشال هذا التآمر، واستقر الوضع وبعد ذلك تحركت عجلة الاقتصاد إلى الأمام، وكل هذا لم يحصل بالتمنّي، بل بجهود وأعمال جبارة تبذل”.
السياسة الخارجية:
وفيما يتعلق بكسر العزلة، التي فرضتها قوى العدوان على اليمن، أوضح الرئيس المشاط أن لدى القيادة في صنعاء برنامج في هذا السياق.. وقال: “لدينا أكثر من ثلاث أو أربع دول أبلغتنا في الأسابيع الأخيرة بأنها على جاهزية للتعامل معنا، لذلك نحن لدينا مسار، وخطة وسياسات، وأهداف في هذا السياق، وستكون النتيجة ملموسة”.
ولفت إلى أن هذه الدول أدركت أن هناك دولة، وقاعدة جماهيرية صلبة تحطمت عليها ترسانة أفضل التكنولوجيا على مستوى العالم.. وقال: “الوضع الذي نحن فيه أصبح بفضل الله سبحانه وتعالى وبجهود الرجال، معجزة بالشكل الذي لا يعتبر مستغرب دور أي جهة تلتفت أو تسأل ماذا يحدث في اليمن”.
وأشار الرئيس المشاط إلى أنه “تم إغلاق ميناء الحديدة، لأننا خصصنا إيرادات هذا الميناء لصالح الراتب، وهناك تآمر على راتب الموظف من أمريكا رأساً وبريطانيا، وهي من تمسك هذا الملف”.. وقال: “سنعمل جاهدين -إن شاء الله- على توفير أقصى ما يمكن من الإيرادات الممكنة والمتاحة”.
وفي وصفه للحظة استشهاد الرئيس الصماد، قال الرئيس المشاط: “لم أفكر في المسؤولية آنذاك، لأن الصدمة على نفسي كانت أكبر بكثير من تفكيري في المسؤولية التي ألقيت على عاتقي، ولم أفكر بحجم وكبر هذه المسؤولية إلا بعد أن أفرغت الأحزان شيئا فشيئا فشيئاً”.
ودعا فخامة الرئيس، في ختام الحوار، أبناء الشعب اليمني، سواءً مسؤولين وعسكريين وأمنيين إلى شحذ الهمم، وجعل هذه المناسبة المباركة “فرصة لإعادة تقييم وضعنا وترتيب أوضاعنا، ومواصلة الصمود وتماسك الجبهة الداخلية، وتعزيز كل عوامل الصمود، كلا في موقع مسؤوليته، فالجميع معنيون بتعزيز عوامل الصمود، وسيأتي النصر لشعبنا الذي يطمح ويتوق إليه – بإذن الله”.