إن تأمل تضاريس المساحات المحررة في العملية يخلق أسئلة مدهوشة من قبيل: كيف حرر المجاهدون كل هذه المساحات في غضون ساعات، كم كان عدد قواتهم وحجم عتادهم؟ ما هي الأساليب التكتيكية الميدانية الحربية التي استخدموها؟ من قاد العملية؟
خاصة أن الإنهاك يكاد يأخذ بالمتجول في المساحة المحررة فكيف بمن اقتحمها مقاتلاً واعتلى جبالها مهاجماً؟!
مع انتهاءِ معارك تحرير قانية وهي العزلة التي تتقاسمها محافظتي مارب والبيضاء بدأت معارك تحرير ماهلية بمسارَين اثنين الأول من الطريق الإسفلتي العام الواصل بين البيضاء ومارب والثاني جبلي التفافي.
وخلال ساعات قليلة ومع بلوغها العمود مركز مديرية ماهلية، أطبقت كماشةُ المجاهدين خناقَها على قواتِ ومواقعَ المنافقين الفارّين من قانية والمتجمعين أملاً في الدفاع عما بقي من ماهلية.
وبتحرير العمود لم تتوقف العملية التي تشارك فيها مجاميع كبيرة من أبناء قبيلة مراد تحت لواء (مراد) بل تواصلت صوب جبل ذي حمر والمرتفعات الجبلية الموازية.
على إثر التهاوي السريع لقواتهم استسلمت مجاميع كبيرة وقُتِل آخرون ليبدأ من لحظتها الطيران بالتحليق وإسناد قواته بعشرات الغارات العبثية التي دمرت معظم منشآت المديرية الخظمية بالإضافة إلى عدد من محطات الوقود وسيارات المسافرين.
وعلى مداخل منطقة الصدارة وصلت مجاميع الجيش واللجان أولى مناطق مديرية رحبة مساءً، حالة من الابتهاج والسرور تعم الناس سكان ومسافرين أكدوا إن سرعة الحسم وفرت كثيرا من الدماء والخسائر التي كانت ستجرها المعارك فيما لو طال أمدها.
اختار المجاهدون وقت بدء المعركة وجرى تنفيذها بعملية محكمة مدروسة ودقيقة تجاوزت المديريتين (ماهلية ورحبة) وصولاً إلى أطراف الجوبة وجبل مراد فضلا عن امتداداتها صوب مديرية حريب؛ والأهم هنا -في مقام التأمل والدراسة- هو ما بدى عليه المجاهدون جيشاً ولجاناً من ذكاء بالغ وخبرة عظيمة لعل أحد مظاهر تجلياتها كان في استغلالهم حالة الانهيار في صفوف قوات العدو ليواصلوا الضرب والحرب عزفاً على الرعب الجاري في أوصال المنافقين وصولا إلى تحقيق العمليةِ ضعفَ أهدافها الموضوعة؛ وللتذكير فقد تحرّرت رحبة على هامش معارك ماهلية.
غنائم متنوعة شملت بالإضافة إلى الآليات والأسلحة الخفيفة والمتوسطة ذخائر بكميات ضخمة داخل مستودعات معسكرات المنافقين وفي تحصيناتهم القتالية، يقول مجاهدو الجيش واللجان إن كثيرًا منها لا يشبه أسلحة الجيش اليمني وذخائره في إشارة إلى أنها من الأسلحة الحديثة التي يوفرها تحالف العدوان لمرتزقته والتي عادةً ما تقع في أيدي المجاهدين إثر انتصاراتهم الكبيرة في معارك التحرير الجارية.
الأسلحة المغتنمة شملت قاذفات مدفعية بعضها من مخازن الجيش السعودي كما توضح البيانات المدونة عليها، لكن الصادم في الأمر وجود كميات كبيرة من ذخائر المدفعية الثقيلة بختم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في فضيحة تكررت في أكثر من جبهة وأثارت التساؤلات من جديد عن طبيعة الذي تقوم بها أمريكا تحت غطاء العمل الإنساني.
ويشار إلى أن الإعلام كان قد عرض إبان عملية تحرير قانية أسلحة مدموغة بختم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية كجزء من الغنائم التي وضع يده عليها في العملية.
تمثل الأسلحة التي يغتنمها مجاهدو الجيش واللجان أحد مصادر إمداد المعركة بالسلاح ومصدر رافد لمخازن المؤسسة العسكرية والأمنية، فالسلاح المغتنم اليوم في هذه العملية يجري تفعيله مباشرة في المعارك الجارية ويتم رفع غالبيته إلى مخازن الجيش واللجان، في مفارقة باتت شبه مألوفة تكرر حدوثها في معظم العمليات ومختلف الجبهات
وخلال سنوات من معارك التحرير المستمرة راكم مجاهدو الجيش واللجان خبرة عالية في عمليات إخلاء أرض المعركة من أسلحة العدو المغتنمة حيث تقوم فرق نقل متخصصة بعمليات رفع الأسلحة وإخلائها في غضون دقائق من دخول قوات المشاة معسكرات العدو ومواقعه؛ وهو تكتيك سريع يُفقد طيران العدوان القدرة على استهداف وتدمير الغنائم.
تقرير – يحيى الشامي