قالت صحيفة “لاكروا” الفرنسية إن المملكة العربية السعودية تزيد من تسريح آلاف اليمنيين الموجودين على أراضيها، الأمر الذي يجبرهم على العودة إلى بلادهم، التي تشهد حربًا لا نهاية لها، ووضع إنساني مأساوي.
وأوضحت أنه وفقًا لعدة منظمات غير حكومية، فإن الأطفال اليمنيين في المملكة ممنوعون من قبل السلطات السعودية من الحق في الالتحاق بالمدارس، بهدف منع وصول وافدين جددًا إلى البلاد، أو حتى إجبار العائلات الحريصة على تعليم أبنائها على مغادرة المملكة.
وذكرت الصحيفة أن منع الأطفال اليمنيين من التعليم اعتبرته السلطات السعودية قبل بضع سنوات هو الحل الوحيد لوقف وصول اللاجئين من جارتها الشمالية إلى أراضيها.
ووفقا لجولييت هونفولت، الباحثة بمعهد الأبحاث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي (IREMAM-CNRS) في مدينة إيكس إن بروفانس الفرنسية، فإن “هذا الإجراء ليس تافهًا. إذ قررت العديد من العائلات الثرية مغادرة المملكة العربية لتعليم أطفالها في أماكن أخرى، لا سيما مصر”.
وتابعت “أما أولئك الذين بقوا في السعودية أو تمكنوا من دخولها منذ ذلك الحين يعودون إلى عائلات فقيرة جدًا جاءت للبحث عن عمل. مصيرهم محفوف بالمخاطر وغير مرحب بهم في المملكة”.
وأكدت الصحيفة على أنه في اتصال مع وكالة “فرانس برس”، لم تقدم الرياض ردًا على هذه الاتهامات الموجهة إليها بشأن العمال اليمنيين.
“مخاطر جسيمة”
وتقول الصحيفة اليومية الفرنسية إن المملكة السعودية أصبحت تتصرف بلا رحمة لطرد اليمنيين الذين يعتبرون غير مرغوب فيهم، ففي بيان صدر يوم 1 سبتمبر / أيلول الماضي، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن الرياض قررت “إنهاء أو عدم تجديد” عقود العمل الخاصة بـ”مئات، إن لم يكن الآلاف من الموظفين اليمنيين” بهدف طردهم.
ولفتت إلى أن هؤلاء العمال، الذين يعيش بعضهم في المملكة بشكل دائم، يقطنون في جنوب المملكة، وتحديدًا بمنطقتي جازان ونجران المتاخمتين لليمن.
وقالت أفراح ناصر، باحثة في هيومن رايتس ووتش باليمن: “لا تزال المملكة العربية السعودية تتفاخر بمساهماتها الإنسانية في اليمن، لكن الخطوات الأخيرة تجاه العمال تشكل مخاطر جسيمة لكثير من اليمنيين”.
وبحسب المنظمة غير الحكومية، التي تعتمد على وسائل الإعلام المحلية، فإن السلطات في الرياض تضع قيودًا على توظيف الشركات السعودية للموظفين من اليمن، وبالتالي، لا يمكن أن يتجاوز 25٪ من كشف رواتب الشركة.
شكوى للأمم المتحدة
وقدمت 13 منظمة غير حكومية يمنية ودولية لحقوق الإنسان التماسات إلى هيئات دولية، وأيضًا بشكوى إلى الأمم المتحدة حول هذا الموضوع.
وجاء في النص الذي يطالب السلطات السعودية بحماية “إقامة العمال اليمنيين من أجل وضع حد لخوفهم من الترحيل” أن بقاء عدد لا يحصى من العائلات اليمنية يعتمد على التحويلات التي يرسلها أقاربهم من السعودية.
وتنوه اليومية الفرنسية إلى أن التحويلات التي يرسلها العمال في المملكة العربية السعودية إلى اليمن بلغت 3 مليارات دولار (حوالي 2.53 مليار يورو) في عام 2017، وفقًا للبنك الدولي.
وبحسب الحكومة اليمنية، فإن حوالي مليوني مواطن من مواطنيها يقيمون في السعودية التي تعد موطنًا للمقدسات الإسلامية. يمكن أن يتأثروا في نهاية المطاف بهذا الإجراء.
وتقول جولييت هونفولت: “الذهاب إلى المملكة العربية السعودية هو السبيل الوحيد للخروج من البؤس الذي يعانيه الشعب اليمني بالنظر إلى ما كان يحدث في السنوات الأخيرة”.
وتؤكد المؤرخة، أن اللاجئون بالنسبة لليمن، يعتبرون بصيص الأمل الوحيد والصغير، حيث يستعد هؤلاء، ويبلغ عددهم نحو 3,3 ملايين شخص، وخاصة المقيمون في القاهرة، لإعادة إعمار بلد دمرته الحرب التي قادتها المملكة العربية السعودية وتسببت في أزمة إنسانية غير مسبوقة.
ولفتت إلى أنه بسبب هذه الحرب هناك 12 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وفقا للمنظمات غير الحكومية المحلية.
كما شهد النزاع في اليمن الذي اندلع عام 2014، مواجهات دامية بين الحوثيين وقوات هادي والمدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية.
وخلّف عشرات آلاف القتلى ودفع نحو 80 في المئة من السكّان للاعتماد على الإغاثة وسط أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقاً للأمم المتحدة، وتركَ بلداً بأسره على شفا المجاعة.
أما بالنسبة لتأثير الحرب على العملية لتعليمية، فتقول منظمة الأمومة والطفولة يونيسف إنّ ” ثلثي المعلمين في اليمن – أي أكثر من 170 ألف معلم – لم يتقاضوا رواتبهم بصفة منتظمة منذ أكثر من أربع سنوات بسبب النزاع والانقسامات الجغرافية والسياسية في البلاد”.
ويعرّض هذا الأمر “حوالي أربعة ملايين طفل آخر لخطر تعطل العملية التعليمية أو الانقطاع عن الدراسة بسبب توقف المدرسين الذين لا يتقاضون رواتبهم عن التدريس بغرض البحث عن طرق أخرى لإعالة أسرهم”.
تم نقله حرفياً من المصدر: صحيفة “لاكروا” الفرنسية