بحسب وسائل اعلام محلية خليجية، تعمل الرياض على استضافة مهرجان MDLBesy منتصف ديسمبر المقبل كأكبر حدث موسيقي في الشرق الأوسط كانت قد افتتحته عام 2019.
حيث تضمنت الدورة الافتتاحية آنذاك نعروض لديفيد جوتا، وتيستو، ومارتن غاريكس، وستيف أوكي، وأفروجاك، وجي بالفين، ما اجتذب 400 ألف شخص وساهم في الترويج للمهرجان الموسيقي حينها مجموعة من المشاهير على تطبيق إنستغرام، بما في ذلك عارضة الأزياء في مجموعة فيكتورياز سيكريت آنجيل إلسا هوسك، والبريطانية جوردان دان.
وقد أثار هؤلاء انتقادات شديدة على الإنترنت، بزعم قبولهم مبالغ هائلة للمساعدة في إعادة تلميع صورة المملكة في مجال حقوق الإنسان ويقول القائمون على الحفل اليوم بأنه سيكون أكبر وأفضل مما كان عليه عام 2019 من حيث عدد الفنانين وبه نجومًا بارزين عالميين، وعروض رقص عالمية، وفنانين محليين وإقليميين.
وبأوامر من ولي عهد السعودي محمد بن سلمان، ستبدأ مدارس في المملكة اعتبارا من العام المقبل بتدريس مناهج الموسيقى. ويأتي هذا القرار الذي يعتبر الأول من نوعه في السعودية بتعليمات من ابن سلمان ضمن خطته لإحداث تغيير جذري في المجتمع. في حين أصدرت وزارة التعليم السعودية في يناير الماضي قرارًا بتقليص ساعات دراسة القرآن الكريم واللغة العربية لطلبة المدارس. وجاء هذا القرار ضمن مجموعة قرارات لولي العهد السعودي محمد بن سلمان ضمن رؤية 2030
حيث تشمل الرؤية افتتاح دور للسينما والسماح للمرأة بحضور المباريات الرياضية في الملاعب وقيادة السيارات، وزيادة الفعاليات الفنية والرياضية. وتتضمن الرؤية أيضاً تنظيم حفلات غناء لمغنين عرب ومن أنحاء العالم، وذلك لأول مرة في تاريخ السعودية.وتأتي هذه الفعاليات والأنشطة مقابل خفوت أصوات جمعيات ومؤسسات دينية في المملكة التي كانت على مدار سنين طويلة بيئة محافظة.
وأسفرت هذه الرؤية عن اتجاه المملكة للاستثمار في الترفيه والسينما وحفلات الغناء، وتم استحداث موسم الرياض الذي أزال الشكل التقليدي للسعودية بعدما استقدم مشاهير الفن والغناء والرقص والموسيقى من مختلف أنحاء العالم، وواجه بالمقابل انتقادات من فئات من المجتمع المحافظ حيث أثار إعلان رئيس هيئة الترفيه السعودية تركي آل الشيخ، السماح للمطاعم بإحياء الحفلات وبث الغناء، في يناير 2019م، جدلا واسعا في المملكة ووصف مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأنشطة بـ “التحريض على الفجور”، من خلال إتاحة الغناء والموسيقى المحرمة من قبل هيئة كبار العلماء.
و كان مجلس الشورى قد تحرك للمرة الأولى عام 2019 ضد فساد هيئة الترفيه بسبب فعاليات الهيئة العامة للترفيه ممثلة برئيسها تركي آل الشيخ التي شكلت أزمة داخل مجلس الشورى بعد أن انتقد عدد من الأعضاء الحفلات الراقصة والاستعانة بفرق عالمية مثيرة للجدل وطالب مجلس الشورى، الرئيس العام لـ”هيئة الترفيه”، تركي آل الشيخ، بأن تكون الفعاليات مراعية لهوية المملكة، وفق الأنظمة واللوائح المعمول بها داخل البلاد. وشدد المجلس على أهمية دراسة دعم الأنشطة الترفيهية ذات الطابع المحلي لكل منطقة، وإشراك الأهالي في تصميم البرامج والفعاليات المستدامة.
ويرى مراقبون، أن مجلس الشورى أغفل تمامًا مسألة الحفلات الراقصة والفرق الغنائية الأجنبية المثيرة للجدل، وهو ما يدل على رفض الأعضاء لها، بينما أكد على أهمية إقامة الفعاليات التي يريدها المواطن السعودي.
وسبق وأن شن الداعية عمر المقبل هجوما على هيئة الترفيه وأنشطتها في المملكة، محذراً من عواقب سلخ المجتمع من هويته. وكان الداعية عمر المقبل قد حذر قائلاً”“كم هو الأثر السيء الذي سيحدثه حضورهم وحضور مهرجانات يشترك فيها أناس عرفوا في مواطن أخر من شذاذ الأفاق والبلاد الغربية بشرب الخمر ولبس الصليب ومعاقرة الفواحش وجذب الفنانين الاجانب”.
واعتبر أن ذلك “تسفيه وتغريب لا ترفيه وسلخ للمجتمع من هويته وجلب لسخط الرب وسبب لعقوبته”. وجاء رد السلطات على المقبل باعتقاله بسبب انتقاده ممارسات هيئة الترفيه.
و كان نظام آل سعود قد أقر في عام 2016 تنظيما جديدا لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقلل من صلاحياتها، ويمنعها من توقيف الأشخاص. ولحق ذلك مجموعة قرارات بالتخلي عن عدد من القوانين والأعراف الرسمية، التي اعتمدتها البلاد على مدار عقود، من أبرزها السماح للنساء بقيادة السيارة، ودخولهن ملاعب كرة القدم، والسماح لهن بالسفر دون إذن ولي الأمر.
ماذا عن المتحور دلتا؟
يخشى العديد من السعوديين ان تتسبب حفلات هيئة الترفيه المرتقبة بإحداث انفجار جديد في إصابات فيروس كورونا في المملكة العربية السعودية وخاصة بعد اعلان وزارة الصحة السعودية وصول متحور دلتا إلى البلاد. وكان المتحدث باسم وزارة الصحة السعودية “محمد العبدالعالي”، قد صرّح الأسبوع الماضي إن المتحور الفيروسي “دلتا”، الذي تم التعرف عليه لأول مرة في الهند، بات الآن موجودا ومنتشرا في المملكة، مؤكداً تسجيل حالات إصابة بمتحور “دلتا” في مختلف المناطق.
حيث تشير الدراسات إلى أن سرعة انتشار متحور “دلتا” بلغت ثلاثة أضعاف سرعة الفيروس الأساسي الذي تم تسجيله في بداية أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) و بالتالي يعتبر هذا المتحور أكثر المتحورات إثارة للقلق في العالم.
الرياض انفتاح أم تلميع سياسي ؟
تثير إقامة هذه الحفلات في السعودية تساؤلات حول غاية قيادة المملكة من ذلك، خصوصاً أنها تأتي مع استمرار انتقادات المنظمات الدولية للرياض بشأن ملفات حقوق الإنسان. حیث يرى العديد من المراقبين أن ادعاء السلطات السعودية بأنها تسعى إلى راحة المواطنين السعوديين ورفاههم هو جزء من سياسة محمد بن سلمان بنزع الهوية العربية و طمس الطابع الإسلامي داخل المجتمع السعودي بحجة محاربة التطرف.
و ينفق آل سعود استثمارات مالية ضخمة في قطاع الترفيه لتحويل الشباب السعودي بسياساته المتهورة ونشر الفساد والانحطاط في المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى ذلك، يعتزم ولي العهد السعودي تحسين صورة السعودية التي تنتهك حقوق الإنسان والحريات من خلال التغييرات الاجتماعية الأخيرة التي أحدثها.
بما في ذلك احتجاز السعودية ناشطات لاتهامات تتعلق بنشاطهن في مجال حقوق الإنسان والتواصل مع صحفيين ودبلوماسيين أجانب في قضية لاقت اهتماما عالميا بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول.
أن إقامة الحفلات الموسيقية في السعودية تشير إلى أن الرياض تريد أن تظهر نفسها بصيغة جديدة، حیث أن موسيقى البوب والتجارة والسياسة تتحد معاٌ في المملكة السعودية، ولكن رغم أن ولي العهد السعودي يريد أن يجعل المجتمع منفتحاً إلا أنها لن تنفتح سياسياً فمن الواضح أن السعودية ستبقى دكتاتورية تصدر قوانين لا يمكن التظاهر ضدها، ومن يعترض عليها يواجه عقوبات كبيرة.
المصدر: الوقت التحليلي