يبدو ان ما حدث في افغانستان من انسحاب أمريكي افقد الكثيرين في المملكة صوابهم وسبب ارتباكاً لآخرين وتخبطاً وخاصة أن العديد من السعوديين ممن يدينون بالولاء لسلطة احتلال العدوان السعودي يرون في أمريكا إلهاً لا يمكن هزيمته.
وفي هذا الخصوص كتب د. حمزة الحسن أحد معارضي النظام السعودي سردية لموقف النظام السعودي من الإنسحاب الأمريكي في أفغانستان بحسب ما ورد في الإعلام السعودي الذي يترجم لسان حال الموقف السعودي الرسمي، و عن الدروس المستفادة أو بمعنى اصح ان كان استفاد السعوديون شيئاً من درس الإنسحاب الأمريكي من افغانستان.
د. حمزة الحسن
استهوتني الكتابة حين سيطرت طالبان على الحكم، وحين وجدتُ آل سعود واعلامهم يعيشون الكآبة والقلق، فارتفع لديهم حسّ المؤامرة، وزادت حدّة شتمهم لقطر، وأعادوا استخدام التكفير بتوسع ضد طالبان. لم تعترف الرياض بنصر طالبان، فأمريكا بالنسبة لهم لا تُهزم! مثلما هي الصهيوني في غزة ولبنان!
٣ دول اعترفت بحكم طالبان فقط عام ١٩٩٥: باكستان، الامارات، السعودية! الان ٢٠٢١.. باكستان تستعيد لياقتها السياسية من جديد، والسعودية تهرّب دبلوماسيها وترفع شارة النصر؛ والامارات تستقبل الفارين كأشرف غني. والأمريكي والناتو يستعجل الهرب! طالبان صنعت هزيمة فيتنامية أخرى!
لماذا اعترفت الرياض بحكم طالبان بنسخته القديمة عام ١٩٩٦ والآن هي ضدّه رغم ان النسخة الجديدة لطالبان أفضل من السابقة؟ الجواب السعودي: طالبان عميلة لامريكا! طالبان صوفية مشركة! طالبان ايرانية شيعية! وهي تحتقر المرأة! وهي جاءت الى الحكم بالقوة! السعودية تشبه طالبان بنسختها الأولى!
ما يخيف الرياض هو تداعيات نهوض حكم يطبق الشريعة في وقت تتخلى الرياض عنها. وبالتالي قد تصبح نموذجاً لبعضهم في الداخل. الرياض قلقة من ان التيار الاسلامي الوهابي والاخو سلفي قد يستعيد حيويته بنصر طالبان. اما موقف الرياض من طالبان، فهو جزء من كارثة السياسة الخارجية السعودية العمياء!
الغريب ان يتهم اعلاميو ال سعود طالبان بالعمالة لامريكا ويعتبرون ذلك مبرر للوقوف ضدها! وأنتم حكمكم يا آل سعود، نشأ في حضن الانجليز، ولازال في حضن الامريكان! لو كان صحيحاً زعمهم لما عادوا طالبان، ولما قلقوا منها. فمادامت امريكية بنظرهم، فلم الخوف منها؟!
ومن عجائب آل سعود انهم يقولون ان طالبان جاءت بالقوة (اي ليس بالانتخاب والديمقراطية)، باعتبار ان الحكم السعودي رائد الديمقراطية والانتخابات! مالت عليكم! الستم القائلون بتفاخر: (اخذناها بالسيف والسيف لازال بيدنا)! الستم تشتمون الديمقراطية ليل نهار، وتترأسون الثورات المضادة؟.
أما ان طالبان تمنع الأغاني ولا تحترم حقوق المرأة ولا تسمح لهن بالتبرج، فعجب قولهم حقاً. الى الأمس فقط، لم يكن مسموحا للمرأة المسعودة بقيادة السيارة! والنساء لازلن معتقلات! السعودية اسوأ حتى من طالبان! وتلفزيون غضب واحد واثنين اين ذهبا؟! غير ابن سلمان السعودية وتعنتر على طالبان!
شيء واحد يجعل الرياض ترضى عن طالبان، وهو ان تحارب ايران! اي ان تشتغل الحرب الاهلية والحروب المجاورة. لكن طالبان اليوم التي يقول ال سعود واعلامهم انها لم تتغير.. تغيرت بالفعل، اما النسبة فتقديرية. السؤال كم تغيّر آل سعود؟ كم اقتربوا من الدين والحريات والديمقراطية ومزاعم التعايش؟
السعودية خاسرة في افغانستان. السعودية خاسرة في اليمن. وقد تكرر اليمن تجربة افغانستان، وهناك من علق على هذا من المسعودين. السعودية تخبط خبط عشواء بلا رؤية. وصاحب الرؤية اعمى حقاً. لا مجال لديه الا شتم قطر وايران وتركيا وربما الباكستان.
يقول بعض كتاب ال سعود ان اهم درس لهم من افغانستان هو: لا تثقوا في الامريكان! يا ليت ال سعود يصلوا الى هذه النتيجة! لكنهم لم ولن يصلوا! مهما تخلى الامريكان عن ادواتهم! خيارات ال سعود قليلة. لم يستثمروا في البديل. اظهروا زيارة نائب وزير الدفاع الى موسكو وكأنها خطوة في هذا الاتجاه!
نصر طالبان على الامريكان المحتلين لا يكفي عن نصر حقيقي على الارض يقضي على الحرب الاهلية ويؤسس لنظام سياسي جديد ويحقق الازدهار للشعب. مع طالبان ضد الاحتلال. وضد طالبان ان ارادت الاستبداد. نحن في القسم الاول حتى الآن، ونصرها مستحق ومؤزر! وهزيمة امريكا وآل سعود منفعة للعالم أجمع
هناك من لا يصدق ان امريكا هُزمت. هذه ليست المرة الاولى التي يهزمون فيهم. هم ـ كما اوضح سعود السبعاني ـ يقبلون حقيقة هزيمة امريكا في فيتنام، وينكرونها في افغانستان. طبّق نفس الامر على حرب تموز ٢٠٠٦، فحتى الآن هناك من لا يريد ان يعترف بهذا، ومثله في غزة. امريكا ليست إلها لا يُهزم!
امريكا تخلّت عن الشاه، وتخلت عن بن علي، وتخلت عن مبارك، وستتخلى عن آل سعود والصهاينة يوما ما. الزمن كفيل بإجبارها على ذلك. وامريكا انسحبت من افغانستان، وستنسحب قريبا من العراق وسوريا، وستنهزم الرياض في اليمن وستنسحب مرغمة، وستبقى ارادة الشعوب اقوى من ارادة امريكا وعملائها.
جملة قصيرة: السياسة الخارجية السعودية تسير من كارثة الى اخرى، ومن هزيمة الى اخرى. لا يعوضها الشتم للفائزين المنتصرين، ولا شيطنتهم، ولا تفيد مزاعم العربية والحدث، ولا تعليقات الجهلة على القنوات السعودية. التبريرات التي لم يقبلها ال سعود بالانسحاب من افغانستان، ستطبّق عليهم في اليمن.
وبديهي ان يكون بلا طعم، وان يتحدث بالعموميات، التي لا تأخذ منها حقا وتستبطن باطلاً. ولكن في النهاية، فإن الموقف الامريكي والاوروبي سيكون (الموجّه) لما سيكون عليه موقف الرياض المستقبلي من الحكم الافغاني الجديد. ما يدهشني حقاً، هو انعدام الرؤية السياسية لصاحب الرؤية العمياء!
لهذا كان دبلوماسيو الرياض ضمن أول الفارّين من كابل؛ وبالمقارنة مع الروس والصينيين والايرانيين والباكستانيين وغيرهم، فإنهم بقوا هناك، ما يدلّ على أن الرياض ومنذ البداية قررت العداوة او استمرارها ضد طالبان. بيان الخارجية السعودية، وتصريح ممثل الرياض في الامم المتحدة اليوم، بلا طعم!
تبدو الرياض وكأنها كيان مهمل مُهمّش في الشأن الأفغاني الجديد. هي اختارت ابتداءً العزلة والابتعاد خاصة في العهد الوطنجي الجديد!، ضمن تنظير ماذا تفيدنا هذه الدولة او تلك، واتخذت سياسة عدوانية تجاه أكثر الدول المجاورة، واستخدمت خطاباً استعلائياً ساهم اكثر في عزلتها وتهميشها إقليميا.
زد على هذا، فإن الرياض لا تريد ان تعترف بأن خصومها ينتصرون فيما تنهزم هي في الميدان اليمني كما في السياسات الاقليمية الاخرى. لا تريد ان يُشار اليها بأن الحدث الافغاني استفادت منه هذه الدولة او تلك، في حين هي تنظر الى نفسها أكبر الخاسرين. اذن.. لا اسهل من القول بالمؤامرة والعمالة!
الرياض تدرك ان النصر مغرٍ بالتكرار، كما الانقلابات العسكرية، والثورات الشعبية، قد تتحول الى استنساخ، وهذا ما يفسّر لماذا كانت الرياض رأس الحربة في الثورات المضادة: انه دفاع عن الحكم السعودي في نهاية المطاف والمُبتغى. ولكي تقلّل من التأثير، هو ان لا تمنح خصمك الاعتراف بنصره!
أحدثت السيطرة الطالبانية على كابل هزة عنيفة في السعودية، وبلغ الحال ان النرجسية السعودية اعتقدت بأن تلك السيطرة كانت مؤامرة ضدها هي! وكما ذكرت سابقا، فإن ما ازعج الرياض، هو الخشية من انبعاث المعارضة (السلفية بالذات) من جديد، وان تقوي سيطرة طالبان الروح المتمردة ضد الحكم السعودي.
يأتي هذا في وقت كافحت فيه الرياض ما اسمته بالإسلام السياسي، وخوّنته ووضعته في قائمة الإرهاب، وتصورت أنها انتصرت عليه. اذن فسيطرة طالبان تعتبر بالنسبة للرياض خطراً أمنياً على وشك الوقوع. وقد اشار بعض المقربين من النظام والكتاب الى هذا الخطر، وكيف ان المعارضين أظهروا روحاً جديدة!
وفوق هذا، اعتبرت الرياض السيطرة الطالبانية على الحكم.. إضعافاً لموقعها الإقليمي، لصالح الباكستان وايران وربما تركيا، بل ولصالح قطر التي نالت الكثير من الشتائم السعودية. لذا كان على الرياض تقليل قيمة نصر طالبان على الحليف الامريكي. فهزيمة امريكا او اسرائيل في جوهرها هزيمة سعودية.
الرياض تدرك ان النصر مغرٍ بالتكرار، كما الانقلابات العسكرية، والثورات الشعبية، قد تتحول الى استنساخ، وهذا ما يفسّر لماذا كانت الرياض رأس الحربة في الثورات المضادة: انه دفاع عن الحكم السعودي في نهاية المطاف والمُبتغى. ولكي تقلّل من التأثير، هو ان لا تمنح خصمك الاعتراف بنصره!
لعشرين عاماً وطالبان تقاتل امريكا. وفجأة تقول الرياض ان طالبان مجرد اداة امريكية! وفجأة يصبح النصر بالسيطرة على كابل وغيرها، مجرد مؤامرة: سلّم واستلم! لذا يقول اعلاميو الرياض ان ما جرى تسليم امريكي الحكم لعميلتهم طالبان! يفترض ان كان صحيحا هذا ـ وهو ليس كذلك ـ ان تفرح الرياض!
مثقف السلطة تركي الحمد يصف السيطرة على كابل بأنه (أمرٌ دُبّر بليل). أي انه مؤامرة. رد عليه متصهين طالما زار إسرائيل علناً فقال انه يجد تلك السيطرة فرصة لقلب السحر على ايران باشعال حرب بين طالبان وايران على أساس طائفي. وعلق صفيق بأن ما جرى دُبّر في وضح النهار في فنادق قطر.
يتحدث الاعلاميون السعوديون كالمديفر عن تسليم امريكا افغاستان لطالبان، وعليه فهناك مؤامرة وليست هزيمة امريكية، ويقول ان طالبان (وليس آل سعود) مجرد بيدق امريكي. والفراج المغرم بترامب يقول انها مسرحية، وموظف الداخلية الهدلاء يعتب على عقولنا بالقول ان هناك نصرا، فأمريكا الهاً لا يُهزم!
الجاهل عبدالعزيز الموسى ـ داعية المباحث، يسأل متى حصلت المواجهة بين طالبان والقوات الامريكية؟ حتى يحتفل الاخونج المجرمون بالنصر؟ وحين عاد مسؤول طالبان (برادر) من الدوحة على طائرة قطرية، قال الراشد (لاحظوا ان الطائرة عسكرية أميركية). ما دعا المغردين الى استسخاف تزويره.
عضوان الاحمري يسخر من مقولة هزيمة امريكا، ويقول انها تشبه انتصارات حماس من الفنادق، ومن يقول غير ذلك مجنون! ويعود فيؤكد ما أكده الاعلام السعودي الموتور: مسرحية، مؤامرة، فهذا يريح آل سعود من القول انها هزيمة مُذلّة لأسيادهم، كما يسخر الصحفي المزهر.
اذا اردت ان تعرف الموقف السياسي السعودي، فلا تنظر الى البيانات الرسمية فهي لا تعكس بالضرورة الموقف الرسمي. الموقف الحقيقي المُضمر تجده في العربية والحدث والاخبارية، وفيما يكتبه كتاب السلطة، وما يغرد به الذباب. اذا فعلتَ ذلك، عرفت الموقف السعودي الحقيقي، فهؤلاء يعبرون عنه!
بغل العوجا لا يتسامح في المواقف المخالفة له. وما يكتبه هؤلاء إن لم يعبّر عن الموقف الرسمي تماماً، فهو عضيد للموقف الرسمي، تضليلاً وتجهيلاً. البيان السعودي للخارجية لا يعبر عن حقيقة الموقف السعودي، وهو عموماً لم يحوِ شيئاً ذا قيمة. لكن من اللحظة الاولى تعرف الموقف من اعلام ال سعود.
منذ اللحظات الاولى لسيطرة طالبان، قال اعلام ال سعود انهم وداعش نسخة واحدة واداة بيد امريكا. داعش وهابية. طالبان حنفية ماتوريدية. داعش تمثّل بالدقّة والحرفيّة الوهابية ومعتقداتها. طالبان فيها شيء من التصوف وعقيدتها أشعرية. فلماذا الدمج بينهما؟ داعش وهابية سعودية. هي منتج وهابي.
ستسخف تركي الحمد نصر طالبان، ويقول انها ليست مثل الفايتكونغ بدخولهم سايغون. ويعود فيقول ان امريكا قدمت افغانستان على طبق من ذهب لطالبان. وانها ورقة ضغط على ايران. رد عليه احدهم: لا تتفلسف! قبل اسبوع فقط كانت امريكا تقصف طالبان بطائرات بي ٥٢.
مدير مجموعة ام بي سي محمد التونسي يتباكى على الشعب الافغاني، تحت حكم طالبان، وليس تحت حكم الاحتلال الامريكي لعشرين عاما.
واعلامي سعودي زعلان ان المرأة الافغانية لن تستطيع ان تُظهر شعر رأسها مجدداً! منذ لحظة سقوط كابل كان حديث الاعلام السعودي عن حقوق الانسان والمرأة والمجاعة وو
مثلاً: هل تعلمت أن امريكا يمكن ان تُهزم؟ وأن الاحتلال الاجنبي لأي بلد مرفوض ونهايته الزوال؟ وأن مساعدة المحتل الامريكي الذي أدار عملية الاحتلال من قواعده السعودية جريمة وخطأ أخلاقي وسياسي وديني؟
وسرد الحسن نماذج من الإعلام السعودي، فهذا الاعلامي العقيلي يتحدث عن دروس موجهة لحكامه: لا تعتمدوا على القوى الكبرى في الحماية فهذا خيار خطر وغير مضمون. الحماية من الشعب (وحدة الجبهة الداخلية).
الاعلامي الذيابي في عكاظ مستاء من خذلان امريكا لافغانستان. فهل خذلان المحتل لمن يحتلهم، هو خذلان للسعودية نفسها المستاءة من بايدن؟
لقد فجرت الهزيمة الامريكية في افغانستان غضب ال سعود على حليفتهم واشنطن. لأنها كان يجب بنظرهم ان تواصل احتلالها لافغانستان؛ ولأنها تخلّت عن حلفائها الافغان، وبالتالي من الممكن اذا جدّ الجد ان يتخلى الامريكي عن حمايتهم هم. امريكا لا أمان لها، هكذا يقولون! وعليها ان تجد حلفاء آخرين!
الصفيق الزعتر زعلان ان امريكا لم تؤد دورها كشرطي للعالم! ويتحسّف على البطل ترامب! ويتمنى اقالة بايدن، لأنه سرّع في تراجع الثقة بأمريكا بين الحلفاء! لا نعلم هل الصفيق زعلان (على) امريكا، أم زعلان (من) أمريكا! ما يُفهم من الموالين هو أن غضبهم يكمن في أن امريكا قد لا تحمي عرش بغلهم.
يتمنى الداعية الطريفي ان امريكا في حال غادرت العراق فسيعود حزب البعث! لو كان هذا سيحدث، لما تشبّث ال سعود والصهاينة بالامريكي ان يبقى. وعموما هو خرج واعادته داعش، وسيخرج نهاية العام! هذا ليس درساً. لو خرجت امريكا من العراق لاستاء آل سعود وخافوا من اعداء امريكا في العراق!
الاعلامي الكويليت يقول ان امريكا لا تمل من ممارسة دور قليل الخاتمة مع حلفائها وهذا درس الا نركن اليها او نثق بها! أمريكا لا تؤمَنْ ولا صديق لها! يا ليت يتعلم البغل هذا! لكن القط ما يحب الاّ خنّاقه (مثل شعبي)!
ومن الدروس السعودية تقول احداهن: أتمنى من كل قلبي ان لا تسلّح السعودية الجيش اليمني، لأن اللي بيصير بالضبط نفس افغانستان! وفعلاً فإن اليمن هو فيتنام ال سعود!
ويرى العامر بأنه صعب هزيمة مقاتلين يتدرّعون بالجبال حيث تقاتل الطبيعة معهم. هناك اوجه شبه كثيرة لا مجال لذكرها. لكنه درس!
الدعيجي يقول ان امريكا حليف التدمير ونصير الفوضى! وانها خذلت الشاه والآن سلّمت افغانستان للوحوش البشرية!
والمحلل العمري يقول ان قوة امريكا تتبخّر، ويريد (الذكي) من بلده ان تستعد لتمزق امريكا فيكون لها منها نصيب. قطعة او ولاية مثلاً! مالت على ذكائك الخارق!
اسرائيل تقول ان سقوط كابل درس لها ان تعتمد على نفسها! لم أقرأ شخصياً تغريدة سعودية واحدة تقول بعدم الاعتماد على امريكا والاعتماد في المقابل على النفس والقوة الذاتية وتنميتها. الجماعة يبحثون عن حامٍ آخر يحمي عرشهم! وابن الشيخ يرى ان على بايدن ان يبحث عن شغل ثان الا ان يكون رئيساً!!.
الاستياء من امريكا بايدن حقيقي، مثلما كان الاستياء من كارتر بشأن الشاه، وأوباما بشأن بن علي ومبارك، وهكذا.. ولو لم يكن استياء آل سعود حقيقياً، لما سُمح بهذه الشتائم! تذكروا ما كان يقوله ترامب عن (الكنغ سولومون) لكن احداً لم يتعرّض له او يشتمه او ينتقده. بل كان كل الحب لابي ايفانكا!
لماذا تغضب دولة كالسعودية من انسحاب محتل من بلد اسلامي؟ لماذا تعتبر ذلك مؤامرة ضدها، وتقوم قيامتها، وتجنّد اعلامها ضد من انتصر على المحتل؟ لماذا السعودية بالذات يسوؤها هي واسرائيل خروج امريكا من العراق وسوريا وافغانستان؟ ولماذا يسؤوها انتصار غزة ولبنان على الصهاينة؟ لماذا لماذا؟
باختصار.. لأن السعودية بلد لا يمتلك مقومات حماية ذاته، ويقتات في البقاء على قوى امبراطورية بعضها أفل وبعضها في طريقه الى الأفول! فإما ان تغيّر (الحامي الامريكي) بحامٍ غيره، او تعمل على حماية ذاتها. الاستقلال والسيادة ليس كلاماً بل افعال وسياسات ومواقف، وهذا ما لا يتوفر عند البغل!
لتخرج امريكا من افغانستان! ماذا يضير دولة مثل السعودية، لو كانت حقا مستقلة وتمتلك قرارها ولديها قدرة على الصمود بدون امريكا. اصلاً لماذا شتْم اعلام ال سعود لامريكا بايدن؟ قالها امام المتقين: احتج الى من شئت تكنْ أسيره، واستغنِ عمّن شئتَ تكنْ نظيره، وأحسن الى من شئت تكن أميره!
ما أكثر ما شتم كتاب النظام السعودي بايدن وسياسته، وكأنه ولي أمرهم، يحبّون امريكا، ولا يحبّون رئيسها. من حسن الحظ انهم يفرّقون بين الاثنين، وهو ما لا يفعلونه في بلدهم! هذا الراشد يقول ان امريكا لم تُهزم! ولكنها عجزت عن البقاء في افغانستان، وهذا هزيمة! يعني كان يجب ان تبقى محتلة لارض غيرها.
هذه التغريدة لابن سعد الجبري، اثارت كثيرين من مغردي وكتاب آل سعود. لقد ارادت الرياض القول بأن زيارة أخ البغل لحضور منتدى في موسكو، تبيان بأن لديها بدائل عن امريكا، التي خذلت اصدقائها. فقرأ خالد الجبري الامر بأنه نوع من تغيير الحماية والحامي! وهو ليس صحيحاً البتة!
عضوان الاحمري، الذي شغلوه في اندبندنت عربية، زعلان هو الآخر ان امريكا انسحبت، ويقول ان بقاءها في افغنستان افضل من الانسحاب (وتسليم) البلد لطالبان. هي لم (تسلم) بل ارغمت على (التسليم)! لكن السعودي المُسعوَد لا يصدق ان الهه الامريكي يمكن ان ينهزم على يد الحفاة! الحال شبيهه في اليمن
الامني جاسر الماضي يتحدث عن الغدر الامريكي بعراق صدام ومصر مبارك وافغانستان غني، وقال ان الشراكة مع امريكا يجب ان يُعاد النظر فيها، وان الامتيازات التي مُنحت لامريكا لترضى بعد تفجيرات ٩/١١ صارت نوافذ اختراق! السعودية غدرت بالعراق وافغانستان واليمن وغيرها!
تغريدتان اخيرتان، من ابن الداخلية الهدلاء: اولاها يقول فيها ان امريكا يسيّرها مريض، وان الاولوية الان لاقامة علاقات مع الصين وروسيا. الثانية تعليق على سفر شقيق البغل لموسكو، ويقول تأخرنا والا كنا في النادي النووي. ان (تنويع الخيارات بات ضرورة بعد ان اصبحنا دولة عظمى). يا لذكائك!