“خاص”
شهدت الأيام الماضية زيادة ملموسة في التواجد العسكري والاستخباراتي البريطاني في محافظة المــهرة جنوب شرق اليمن، ما أدى بدوره إلى احتجاج القبائل والأهالي على وجود المحتلين، مطالبين أمريكا وبريطانيا والإمارات والسعودية بالانسحاب من محافظة المــهرة، متوعدين بالمواجهة بكافة الوسائل، وهو ما لاقى تجاوب صريح من رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام وتأكيده أن القوات اليمنية لديها الحق في أن تطال وان تستهدف أي قوات أجنبية على الأرض اليمنية.
مواجهة الاحتجاجات
مثَّل الكشف عن الوجود العسكري البريطاني في محافظة المــهرة أهمية وخطورة كبيرة لدى تحالف العدوان، ما أجبرهم على عقد لقاء، ظهر جلياً بلقاء استثنائي بين الفار علي محسن الأحمر والسفير البريطاني الجديد لدى اليمن، الأسبوع الماضي في الرياض، للبحث عن سبل مواجهة الاحتجاجات الشعبية ومعارضة القبائل، هذا اللقاء برهن فعلياً أن ما يحدث في المهرة هو انتهاك للسيادة اليمنية بعلم الفار هادي وبناء على خطة معدة مسبقاً، وان استراتيجية تواجد القوات الأجنبية في المهرة ليست مؤقتة وقصيرة المدى.
ويرى مراقبون أن اللقاء مع السفير البريطاني هو أيضا رسالة تحذير غير مباشرة لقبائل المــهرة التي تستعد لمواجهة الوجود العسكري البريطاني والذي يرافقه نشاط استخباراتي إسرائيلي في محافظتي المــهرة وسقطرى وهو ما أكده رئيس «لجنة اعتصام المهرة»، الشيخ علي سالم الحريزي، بإدخال ثلاثة ضبّاط إسرائيليين إلى مطار المدينة، متحدثاً عن “تحرّكات بريطانية لعسكرة المهرة عبر تجنيد جواسيس وخلايا لنشر الفوضى”، وعليه، فإن حكومة المرتزقة تعتبر أي مواجهة أو تصعيد لاحتجاجات أهالي المهرة ضد الوجود العسكري الأجنبي أمرا غير قانوني.
الاعتقال التعسفي للمتظاهرين
اتهمت هيومن رايتس ووتش القوات السعودية بأنها ردت على الاحتجاجات ضد وجود تلك القوات في المــهرة بـ”الاعتقال التعسفي للمتظاهرين” وعذبتهم في مركز احتجاز المطار. وفي مارس 2021، أكد الشيخ الحريزي، أن القوات السعودية والبريطانية قد بنت أكثر من 100 زنزانة تحت الأرض داخل المطار.
الأهداف البريطانية في المــهرة
رغم أن البريطانيين يعتبرون دائما مواجهة إرهابيي القاعدة وداعش مبرراً لتواجدهم العسكري والمشاركة في الحرب اليمنية، لكن في الواقع، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، اعتبرت لندن مخاوف الرياض بشأن استمرار الدعم العسكري الأمريكي، منفذاً لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع السعودية والاستفادة أكثر من مشتريات بن سلمان للأسلحة، ولهذا السبب، ومن أجل إرضاء السعوديين، لم تكتفي ببيع الأسلحة لهم، بل دخلت بنفسها لإنقاذ تحالف العدوان المهزوم ضد اليمن، مواصلةً بذلك التعاون الاستخباراتي والبيع الواسع النطاق للأسلحة العسكرية (المستخدمة بشكل أساسي ضد المدنيين) وتدريب القوات السعودية والميليشيات المدعومة من السعودية والرصد المباشر للعمليات العسكرية الجوية السعودية في اليمن
حقيقة، لم يتم حتى الآن نشر معلومات مفصلة عن عدد ونطاق عمليات الجنود البريطانيين في محافظة المــهرة، ولكن تشير المعلومات المتوفرة إلى أن الوجود البريطاني يتمركز في مطار الغيضة في المحافظة.
كما أن هناك تكهنات بأن القوات البريطانية تمركزت في المطار منذ شهور، وفي وقت سابق، قال الصحفي المحلي ناصر حكم عبد الله عوض الذي كان في المطار مع القوات السعودية، إنه شاهد القوات البريطانية هناك منذ العام الماضي، مؤكداً “أنهم قوة كبيرة. لا يمكننا القول أن وجودهم جزئي. حيث تقضي القوات البريطانية عطلاتها باللباس المدني في رحلات سياحية إلى الأماكن التاريخية.
أهمية المهرة والتنافس عليها
المهرة من المناطق البعيدة في اليمن التي لم تصلها الحرب حتى الآن، هناك منافسة علنية وسرية بين الإمارات والسعودية وعمان منذ السنوات الأولى للحرب للحفاظ على النفوذ في هذه المحافظة. كما حدث من قبل في أجزاء أخرى من شرق اليمن (حضرموت وسقطرى). هدف هؤلاء اللاعبين هو السيطرة على المــهرة لأسباب جيوسياسية وجيوستراتيجية لصالح أنبوب النفط السعودي إلى البحر الأحمر عبر المحافظة، وتعزيز علاقاتهم التجارية والعسكرية مع شرق إفريقيا والمحيط الهندي.
ومن وجهة النظر الجيوستراتيجية ، من المرجح أن تكون محاولة الإمارات للوصول إلى السواحل اليمني مرتبطة بـ “استراتيجية الموانىء” التي تتبعها ابو ظبي في شرق إفريقيا والمحيط الهندي (على سبيل المثال، في إريتريا والصومال). لذلك، ينبغي أيضا اعتبار النشاط السعودي في المــهرة محاولة لكسب النفوذ في الجنوب مقابل الإمارات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحرر السياسي
31 أغسطس 2021م
https://youtu.be/mHczCw9ha1A