قال تقرير لـ “الخبر اليمني” أن الهجوم على قاعدة العند، الأكثر تحصينا جنوب اليمن، الأحد، وسّع من فجوة الخلافات بين الفرقاء داخل ما تسمى “الشرعية” وخارجها، وقد دفع الأطراف إلى تبادل الاتهامات مع تصاعد التكهنات بشأن من يقف وراء الهجوم أهي الأمارات أم الإصلاح، الانتقالي أم طارق ؟
وبغض النظر، عن شماعة “الحوثي” التي اعتادت أطراف ما تسمى بـ “الشرعية” تعليقها لتبرير تصفيتها المريعة، ثمة تفاصيل بشأن العملية الأخيرة التي أودت حتى الآن بأكثر من 100 قتيل وجريح تؤكد بأن طرف داخلي وآخر إقليمي لهما ارتباط وثيق بالهجوم بشكل أو آخر، فمن يكونا؟
الهدف داخل القاعدة، كان اللواء الثالث عمالقة، وقد طال الهجوم استعراضاً لقواته التي أنهت تواً تدريباً على يد القوات السودانية بعد أن تقرر نقل اللواء إلى العند تمهيداً لإعادة نشره في الجنوب، وكان اللواء على موعد للاحتفال بالتخرج هذا اليوم.
حتى وقت قريب كان هذا اللواء الذي يقوده عبدالرحمن اللحجي، ويتخذ من مدينة المخا مقراً دائماً له، أبرز خصوم “القوات المشتركة” التي يقودها طارق صالح، وقد حاول طارق بشتى السبل تركيعه وآخرها دفع أبو زرعة المحرمي، نائبه، لاقتحام مؤخرة اللواء في المخا بالقوة ما اجبره على الانتقال إلى العند فهل كان لطارق يدٌ في ذلك؟
بالنسبة لناشطين جنوبيين متابعين للأحدث المماثلة، أصبح طارق الخصم اللدود، خصوصاً منذ العملية التي استهدفت معسكر الجلاء في أغسطس من العام 2019 وأسفرت عن مقتلة مماثلة للعند راح ضحيتها أبو اليمامة اليافعي الذي كان قبل مقتله في تصادم مع طارق بعد ملاسنات شديدة.
هذه الرواية تحظى أيضا بتسويق لدى كبار منظري السياسة السعودية، وقد حاول الكاتب سليمان العقيلي أخذ الأحداث بهذا الاتجاه وهو بذلك يحاول تحميل الامارات التي تخوض صراعاً ضد بلاده وآخرها ما يجرى في محافظة شبوة، حيث لوح ناشطون في الانتقالي باستهداف القواعد السعودية مسمين مطار عتق أحدها، وذلك رداً على حصار فصائل موالية للسعودية لمنشأة بلحاف، التي تتخذها القوات الإماراتية قاعدةً لها.
وخلافا لما سبق، ثمة سيناريو يحاول خصوم الإصلاح تسويقه، عبر الإشارة بشكل غير مباشر لوقوفه وراءه مستندين بذلك إلى الاحداث التي رافقت الهجوم ومنها استهداف فرق الإسعاف، كما يقول متحدث قوات الانتقالي، محمد النقيب، وهو بذلك يشير إلى تورط فصائل الإصلاح التي نشرت وحدات واسلحة ثقيلة في جبال الصبيحة المطلة على العند..
بالنسبة للإصلاح فقد سارع ناشطوه منذ اللحظة الأولى للهجوم بتصويره على أنه تم من تعز وبصواريخ لم يسموها مع محاولتهم التلميح لـ”الحوثيين” وهم بذلك يحاولون تشتيت الاذهان بعيدا عن المدبر الحقيقي.
قد تبدو مصلحة الإصلاح من العملية ضئيلة بحكم أن اللواء يكن بالعداء لخصومه بقيادة طارق، لكن الهجوم يأتي في ظل متغيرات تشهدها المحافظات الجنوبية، تشكل العمالقة حاليا ابرز ملامحها، خصوصا بعد انسحابها من المديريات الساحلية للحج ما سمح للانتقالي بإعادة التمركز في تلك المناطق التي يتوق الإصلاح للسيطرة عليها ضمن استراتيجية لتشديد قبضته على مضيق باب المندب، والأهم هي الأنباء التي تتحدث بأن الامارات كانت تمكنت مؤخراً من اقناع اللواء الثالث للانتقال إلى لحج ضمن خطة لاجتياح أبين، خصوصاً معاقل الإصلاح، وهو ما قد يشير إلى ان الضربة كانت استباقية.
هذه السيناريوهات لم تخرج الانتقالي نفسه من دائرة الاتهامات، وقد سارع الحراك الجنوبي في لحج إلى التلميح لتورطه بالعملية عبر بيان لرئيس الحراك هناك عبدالسلام صالح تحميل ما وصفها بـ”حكومة المناصفة” في إشارة إلى مشاركة الانتقالي مسؤولية ما جرى خصوصا بعد الحرب التي شنتها فصائل الانتقالي في عدن على مقاتلي العمالقة المتمركزين في مديرية دار سعد والعند.
أياً يكون المدبر، ودوره في العملية أكانت لوجستية أم تنفيذية، تشير خارطة الأحداث إلى أنها لا تخرج عن دائرة الصراع بين فرقاء ما تسمى بـ “الشرعية” وخلافات الحلفاء والتي تصاعدت وتيرتها خلال الأيام الماضية مع بدء تلك الأطراف محاولات لإحياء اتفاق الرياض ذاك الذي يسعى الآن كل طرف من خلاله لتحسين أوراقه الميدانية قبل طرح خارطة اتفاق شامل للحل في اليمن بدأت ملامحها تتسرب من اقبية الدبلوماسية الدولية.
المصر: الخبر اليمني