يوسف بن غرم الله الغامدي، هو الاسم الأكثر تداولا بين قضاة النظام السعودي الذين أوغلوا في جرائم القضاء دفاعا عن المجرمين وحماية لهم، إذ أدى دورين مهمين في سلك القضاء السعودي، أحدهما عندما كان قاضياً في المحكمة المختصة بالرياض، وأصدر مئات الأحكام الظالمة للزج بالعديد من المطالبين بالإصلاح في أقبية السجون ورسخ قوانين القمع في أذهان القضاة الجدد المتقدمين للوظائف.
أما الدور الآخر – فما زال قائما – وهو التطبيل للمؤسسة الأمنية والقضائية وتأطير عملهما بمسوغ شرعي.
وامتدح الغامدي النيابة العامة وجهاز أمن الدولة بمقالات طوال وأشاد بأفعالها غير القانونية، وكرس هذا القاضي الظالم الحيز الأعظم من التطبيل للمؤسسة القضائية التي ينهشها الفساد والظلم دون مراعاة لأحكام قانونية سواء سعودية أو دولية.
وأثارت الأحكام والسياسات القضائية السعودية غضب المنظمات الحقوقية والدولية التي هاجمت القضاء السعودي.
واعتبرت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي “داون” القاضي يوسف الغامدي أحد أبرز الجناة الذين ساهموا في قمع معتقلي الرأي من خلال تطبيق قوانين ركيكة تجرم الخصوم.
وقالت منظمة الديمقراطية الآن إن الغامدي عمد إلى تمثيل مسرحية هزلية على هيئة محاكمة بحث أبرز ضحاياه وهو (وليد أبو الخير).
أبو الخير نموذجا
وليد أبو الخير هو محامي وناشط سعودي، أسس مرصد حقوق الإنسان في المملكة عام 2009، ليعمل على تمثيل المعتقلين السياسيين.
طالب وزارة الداخلية بالالتزام بمعايير حقوق الإنسان وقانون الإجراءات الجزائية من خلال الإفراج الفوري عن بعض المعتقلين الإصلاحيين.
من 2009 إلى 2014، مثّل العديد من النشطاء السياسيين والإصلاحيين الذين حاكمتهم الحكومة السعودية، ورفع دعاوى قضائية ضد الحكومة في عدة مناسبات ضد الاعتقالات التي لا تمتثل حتى لنظام الإجراءات الجزائية السعودي، بما في ذلك عبد الرحمن الشميري، أحد إصلاحيي جدة.
أضرب أبو الخير عن الطعام في مناسبات عديدة احتجاجًا على الممارسات غير القانونية ضد موكليه، ورداً على تمثيله القانوني في هذه القضايا، هدّدته الحكومة في مناسبات عديدة وقامت في النهاية بمقاضاته.
أدان القاضي يوسف بن غرم الله الغامدي المحامي والإصلاحي الحقوقي البارز وليد أبوالخير بالسجن 15 عاماً، كما مُنع أبو الخير من السفر لمدة 15 عاماً بسبب نشاطه السلمي.
وأدان الغامدي أبوالخير بتهم من بينها “توقيع بيانات وعرائض تضر بسمعة المملكة” و “تعبئة المنظمات الدولية ضد المملكة”، مستغلاً منصبه في القضاء لفرض قوانين ظاهرية ظالمة تجرّم المعارضة.
وقال عبدالله العودة، مدير منطقة الخليج في منظمة (DAWN): “لم تستسغ السلطات السعودية دفاع أبوالخير الشجاع عن حقوق الإنسان، لذلك اتهموه بالإرهاب”، وأضاف: “اختار الغامدي فرض قوانين جائرة تهدف إلى تحييد التهديدات المتخيلة للديوان الملكي”.
بعد أن طلب قاضٍ سابق مكلف بقضية أبو الخير إعفاءه من مسؤولية إصدار الحكم، قدِم الغامدي وترأس الجلسة الخامسة للمحاكمة في 15 أبريل/نيسان 2014. في تلك الجلسة، أصدر الغامدي حُكمًا بإدانة أبو الخير وسجنه 15 عاماً في سجن الحائر.
ولم يبلغ الغامدي عائلة أبوالخير أو محاميه إبراهيم المديميغ بحكم الإدانة. علاوة على ذلك، حكم على أبوالخير بمنع من السفر لمدة 15 عامًا، من المقرر أن يبدأ سريانه بعد إطلاق سراحه، وغرّم أبوالخير 200,000 ريال سعودي (حوالي 53,000 دولار).
وتشمل التهم التي أدان الغامدي أبوالخير بها “تأجيج الرأي العام” و “إهانة المملكة العربية السعودية”. وعرض الغامدي تخفيض عقوبة سجن أبو الخير إلى عشر سنوات، إذا التزم بوقف نشاطاته السياسية السلمية، لكن أبو الخير رفض.
وقال عبد الله العودة: “بينما يقبع المدافعون البارزون عن حقوق الإنسان مثل أبوالخير في السجون بسبب نشاطهم السلمي، فإن قضاة مثل الغامدي يقدمون غطاء الشرعية على انتهاكات الحكومة السعودية”.
وُلد الغامدي في 2 أبريل/نيسان 1984، وتخرج بدرجة البكالوريوس من كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود، وحصل على الماجستير من المعهد العالي للقضاء، وهو معهد يقوم بتدريب القضاة في المملكة العربية السعودية.
وشغل منصب قاضي في المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض وجدة بين 2014 وأكتوبر/تشرين الأول 2017، وذلك عندما تم إعفاؤه من القضاء. وهو الآن إمام في مسجد الرحمن في شمال جدة.