الذكرى الخامسة عشرة لحرب تموز 2006م بين العدو الصهيوني وحزب الله تطل وسط متغيرات إقليمية عده الثابت فيها نتائج متدحرجة لمفاعيل هذه الحرب فاتحة انتصارات العرب على “إسرائيل ” ، مفاعيل كبرت معها هواجس الفناء لكيان توهم الخلود بعد 4 حروب دخلها مع العرب وآلت جميعها لمصلحته.
بدأت حرب تموز في الـ 12 من يوليو عندما اقدمت وحدة من وحدات خاصة تابعة للمقاومة على استهداف آلية صهيونية خلف الحدود مع فلسطيني المحتلة وأسر جنود صهاينة بغية مبادلتهم بأسرى احتفظ بهم العدو الصهيوني في سجونه ورفض الافراج عنهم في صفقة سابقة برعاية ألمانية.
رفض قادة الكيان الصهيوني في حينه الافراج عن جميع الأسرى العرب واللبنانيين المتبقين في سجونها في الصفقة الأولى بوساطة ألمانية، واستخفت بوعد المقاومة وسماحة السيد نصر الله بتحريرهم بالقوة مجددا وضمن صفقة تبادل.
وضع قادة جيش العدو الصهيوني عقب عملية مزارع والتي نجحت فيها المقامة الاسلامية اللبنانية في اسر 3 جنود صهاينة في مزارع شبعا كافة الخطط التي تمنع وقوع جنود صهاينة في الأسر .. لكن المقاومة ومع تيقنها باستحالة وصول الجهود السياسية الى انفراجه واخلاف ” اسرائيل” بتعهداتها للوسيط الالماني بادرت الى تنفيذ عملية أسر جديدة ..
بحسب المعلومات التي رشحت عن عملية ” خلة وردة ” فان الاعداد لها استمر لنحو 3 اشهر من المراقبة والتدريب ، وشكلت في موقع تنفيذها ودقة وسرعة تنفيذها مفاجئة للعدو الصهيوني والذي كان على تأهب لمواجهة أي عملية اسر .
نجحت المقاومة في حينه في أسر جنديين صهيونيين بالعملية لتتدحرج الأحداث نهار ذلك اليوم ويسقط أربعة جنود صهاينة قتلى بانفجار لغم بدبابتهم اثناء محاولتهم اجتياز الحدود اللبنانية .
مساء الـ 12 من يوليو 2006م خرج السيد حسن نصر الله في مؤتمر صحفي معلنا ان الجنود الصهاينة لن يعودوا الا بصفقة تبادل وتفاوض غير مباشر .. لكن القيادة الصهيونية بزعامة اولمرت حينها بادرت الى فتح حرب لم تشهد لها المنطقة في وقتها مثيلا .
فوجئت المقاومة بذهاب “اسرائيل” الى حرب شاملة على المقاومة وبيئتها الحاضنة ، لكنها ومن حيث لاتعلم أفقد العدو الصهيوني عنصر المفاجئة الذي اعد من خلاله لحرب تجهز على حزب الله .
خلال الحرب التي دامت 33 يوما استهدف الكيان الاسرائيلي كل ماله علاقة بالبيئة الشيعية وتجنبت حتى في القرى المختلطة استهداف أي من المكونات اللبنانية الاخرى مسيحيين وسنه ، في استهداف اخطر يراد منه ضرب النسيج المجتمعي اللبناني وتعميق الفرقة داخله.
يتحدث الجنرال الشهيد قاسم سليماني عن ذلك المشهد بقوله “كانت القذائف الصهيونية تستهدف المنزل الذي يعود لمواطن من الطائفة الشيعية دون اصابة المنزل الذي بجواره لطائفة اخرى ، لقد كانت حربا معقده استخدمت فيها اعلى ما وصلت اليها تقنيات الحروب .
اضطر القصف العنيف سكان القرى الشيعية الى النزوح عن قراهم في الجنوب اللبناني وتوزعوا على المناطق اللبنانية ، ليصمد الجنوب اللبناني مع ثلة من المقاومين الخلص طيلة 33 يوما من الحرب والقصف السجادي ، وحتى الساعات الاخيرة للقتال كانت المواجهات لاتزال عند الحدود مع فلسطين المحتلة في عيتا الشعب وعلى اطراف بنت جبيل وفي وادي الحجير وسهل الخيام .
واقليميا كشفت الأنظمة العربية وخاصة السعودية والخليجية وحتى مصر ظهر المقاومة وتتالت البيانات التي تحمل حزب الله المسئولية عن اندلاع الحرب متناسية وجود أسرى أمضى بعضهم نصف أعمارهم في السجون الصهيونية ونقض تل أبيب لوعودها بالافراج عنهم في مرحلة ثانية من الصفقة الأولى ، كحال الأسير الشهيد سمير القنطار ، ووصف بيان للسعودية عملية خلة وردة بأنها مغامرة غير محسوبة العواقب ، بل كشفت صحف صهيونية بعد أسبوعين من الحرب وتبدي ملامح العجز الصهيوني عن تحقيق أهداف الحرب بالقضاء على حزب الله ونزع سلاحه ان رئيس المخابرات السعودية السابق طار الى تل أبيب وطلب من اولمرت ان يواصل ضرب حزب الله وستتكفل السعوديون بدفع نفقات الحرب ، وهو مالم يقبل به اولمرت أنذاك .
وباستثناء الدعم الإيراني والسوري عبر توفير السلاح ، وتهديد سوري بدخول الحرب أستطاع تأمين ظهر المجاهدين من حصول التفاف بمحاذاة الحدود السورية اللبنانية ، خاضت المقاومة اللبنانية الحرب وحيدة حتى الفرقاء اللبنانيين في الداخل كانوا أقرب إلى ” إسرائيل ” من أبناء جلدتهم ، ومثل بيان قمة بيروت لوزراء الخارجية العرب في أثناء الحرب والحصار على لبنان جلدا لظهر المقاومة وتحميل المسئولية لها من الباب الانساني وتداعيات الحرب .
يورد رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم آل ثاني ووزير خارجيتها أنذاك ، ان جون بولتون المندوب الأمريكي في الأمم المتحدة ومجلس الأمن اتصل به في وقت متأخر من الليل بعد اسبوعين من الحرب ليطلب لقائه على عجل لأعداد مشروع قرار أممي عاجل يوافق عليه حزب الله وتقف الحرب ، وعندما استفسره آل ثاني عن سر التحول وكان الأمريكيون يرفضون أي حديث عن وقف اطلاق النار خلال الاسبوعين الاولين للعدوان قبل ان يتم سحق حزب الله ، اجاب بولتون بان الحرب اذا ما استمرت فان “اسرائيل” هي من ستنتهي .
في المقابل كانت الأنظمة الخليجية والعربية وحتى وسائل اعلام لبنانية تروج لهزيمة حزب الله ، وتخفف من وقع تأثيرات الحرب على الجيش الصهيوني والذي كان يتبجح حينها بانه لم يقهر ولم يدخل حربا مع العرب الا وانتصر فيها ، وفيما كان اولمرت يواجه السجن بسبب خوضه حربا كادت ان توصل الكيان الصهيوني في المنطقة الى نهايته وافقدته الأمن على المستوى البعيد ، والدوائر الصهيونية تقر علنا بالهزيمة الاستراتيجية في حرب تموز واصلت الأنظمة الخليجية الترويج لهزيمة حزب الله .
في النتائج السياسية لتلك الحرب واد مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي بشرت له وزيرة الخارجية الأمريكية أنذاك كونداليزا رايس ، والذي كان يراد له ان يقوم على انقاض حزب الله وجثث مجاهديه ، ومع ان المشروع اعيد تفعيله عبر أدوات أخرى تمثلت بالقاعدة وداعش في العراق وسوريا واليمن ، الا انه واجه الفشل مصيرا ، وشكل حزب الله الرافعة الأساسية كما الجمهورية الاسلامية في ايران لواده اينما أطل برأسه .
وفي النتائج العسكرية مثلت حرب تموز الصفعة الأولى التي تلقاها السلاح الأمريكي والتقنية الأمريكية في الحروب حيث لامجال للدعاية ، صفعة تتواصل في اليمن وسوريا ومناطق ملتهبة أخرى ، وانه يمكن لثلة مؤمنة ان تصمد في وجه جيش لديه الأحدث من كل شيء في مجال الحرب ، ولكنه يفتقد الى العنصر البشري المؤمن والواثق بالله .
في الأسبوع الماضي حاولت ” اسرائيل ” خرق القواعد التي أرستها نتائج حرب تموز فنفذ طيرانها غارتين على أرض مفتوحة في جنوب لبنان لاختبار صلابة المقاومة ، كان الرد سريعا بقصف مماثل في فلسطين المحتلة من قبل مجاهدي حزب الله .
خرجت “إسرائيل” من حرب تموز على حقيقتها كيانا هشا لا يمكنه الصمود دون دعم الدول الكبرى، وولد حزب الله من رحم حرب تموز عنصراً إقليمياً فاعلاً يحسب له عند وضع المعادلات الدولية، وبعد 15 عاما من الحرب خلعت دول عربية ثوب الحياء وكشفت عن علاقات اثمة قديمة مع الكيان الصهيوني، وتسفك دماء اليمنيين والسوريين والليبيين والعراقيين لغير مصالها وهناك مفارقة, فالعدوان الصهيوني على لبنان في صيف عام 2006م ، ان إسرائيل خاضته لمصالحها وادركت عقم الحرب بعد 33 يوما فقط ، بينما تدير السعودية عدوانا على اليمن منذ سبع سنوات لتحقيق المصالح الأمريكية البريطانية الصهيونية، عدوان أدرك العالم قبل الرياض انه فشل ولم تدرك الرياض ذلك رغم ان ثوبها أخذ يحترق من أطرافه وفي مفاصله الاقتصادية وصولا إلى عاصمة المملكة.
(المسيرة – إبراهيم الوادعي)