تتوالى خطوات التصعيد بين المغرب والجزائر، إثر الأزمة القائمة بينهما على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية. وضمن خطوات التصعيد بين المغرب والجزائر ما تحدثت عنه بعض الصحف الإسبانية والجزائرية، بأن المغرب رفض تجديد عقد تسيير أنبوب غاز المغرب العربي – أوروبا، الذي يعبر المغرب والجزائر بالترتيب، وجبل طارق إلى قرطبة، رغم عدم الإعلان عن الخطوة بشكل رسمي من قبل الرباط.
في الواقع دخلت اسبانيا على خط الأزمة بين البلدين منذ استقبالها لـ ابراهيم غالي زعيم جبهة البوليسارو من أجل العلاج في مدريد الأمر الذي استفز السلطات المغربية وخاصة أن انتقاله لإسبانيا كان بمساعدة جزائرية. ويبدو أن المغرب يستخدم أوراق ضغط للرد على التطورات الأخيرة وموقف مدريد منها، حيث أوقف مفاوضاته لتجديد امتياز خط أنابيب الغاز بين المغرب الكبير وأوروبا.
وخط أنابيب المغرب العربي–أوروبا(MEG) ، يعرف أيضا باسم Pedro Duran Farell pipeline، وهو خط أنابيب غاز طبيعي، يصل بين حقل حاسي الرمل في أصى جنوب الجزائر عبر المغرب إلى قرطبة في إسبانيا، حيث يتصل مع شبكة الغاز البرتغال وإسبانيا. وهذا الخط يمد كلا من إسبانيا، والبرتغال، والمغرب بالغاز الطبيعي. وينقل أكثر من 30 في المائة من الغاز الطبيعي المستهلك في إسبانيا عبر المغر ب
تقليل من أهمية الخط المغربي
وقال خبراء إسبان، لصحيفة إل موندو إن “عبور الغاز عبر المغرب أمر مهم، لكنه لم يعد حاسمًا” بعد أن روجت حكومة خوسيه ماريا أثنار (1996-2004) لخط أنابيب غاز جديد يربط بشكل مباشر بين الجزائر وإسبانيا. ويسمى خط أنابيب الغاز الجديد المباشر “ميدغاز”. وقالوا “حتى إذا قرر المغرب عدم تمديد الامتياز ووقف تمرير الغاز عبر تلك البنية التحتية، فإن الإمداد من إسبانيا مضمون”.
ويبدو أن الجزائر بخلقها هذا الأنبوب الجديد، حاولت تجاوز “أي ضغط يمكن أن يمارسه المغرب ضدها بالخصوص”.
ردود شبه رسمية مغربية لاحتواء الموقف
قالت المديرة العامة للمكتب المغربي للهيدروكاربورات والمعادن، أمينة بن خضرة، في تصريح لموقع “ماروك لوجور” إن المغرب يدعم مواصلة عمل الأنبوب الذي ينقل الغاز من الجزائر نحو إسبانيا عبر التراب المغربي.
ومن المنتظر أن ينتهي الاتفاق الثلاثي بين الجزائر والرباط ومدريد في 31 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، الذي يضمن وصول الغاز من الجزائر إلى إسبانيا والبرتغال عبر المغرب، والمسمى بأنبوب “غاز المغرب العربي”.
تصعيد جزائري!!
قال المدير العام لمجموعة “سوناطراك” الجزائرية إن بلاده وضعت “كل الاحتياطات في حال عدم تجديد عقد امتياز أنبوب الغاز المار عبر المغرب نحو إسبانيا”، مشيرا إلى أن الجزائر ستواصل تزويد إسبانيا بالغاز حتى حالة عدم موافقة المغرب على تجديد هذا العقد.
يصل إسبانيا أنبوبان من الغاز الجزائري؛ الأول هو “ميدغاز”، ويربط البر الجزائري بالإسباني مباشرة، من ميناء بني صاف باتجاه ألميريا وتسيطر شركة “سوناطراك” على غالبية أسهمه. ويربط الأنبوب الثاني الجزائر بإسبانيا عبر المغرب.
وفي هذا السياق أفادت صحيفة “الشروق” أن الجزائر تتجه لفرض شروط تعاقدية جديدة على المغرب لتسويق كميات من الغاز تصل 1 مليار متر مكعب سنوياً، بالنظر لإمكانية تلبية حاجيات إسبانيا والبرتغال من الغاز عبر خط أنابيب “ميدغاز”، معتبرة أن الرباط ستفقد ميزة حقوق العبور وستكون ملزمة بالشراء وفق شروط جديدة تفرضها الجزائر وبمنطق السوق الذي ارتفعت أسعاره 640 في المئة، حسب تعبيرها.
واعتبرت الصحيفة الجزائرية “أن المغرب صار في حاجة لنحو 1 مليار متر مكعب سنوياً من الغاز لتغطية حاجيات المصانع وإنتاج الطاقة الكهربائية المتزايدة، علماً أن أسعار الغاز ارتفعت بنحو 600 في المئة مقارنة بأسعارها قبل نحو عام مضى”.
ولفتت إلى أن “المغرب كان يحصل على جزء من الغاز عبر أنبوب المغرب العربي أوروبا (بيدرو دوران فارال) الذي ينقل الغاز الجزائري إلى إسبانيا وحتى البرتغال، ويحصل أيضاً على حقوق العبور كمبالغ مالية لاستغلال هذه المنشأة”.
الخاسر الأكبر!
الخاسر الأكبر في العلاقات الاقتصادية بين أوروبا والمغرب من جهة، وبين أوروبا والجزائر من جهة أخرى، هو المغرب والجزائر على حد سواء.
لن تخسر أوروبا في علاقاتها مع المغرب والجزائر بسبب أنها تفاوضهم ككتلة موحدة بينما الجارين يتصارعان. وبكل تأكيد ستحاول اسبانيا اللعب على وتر الأزمة المغربية الجزائرية للحصول على أكبر مكاسب ممكنة منهما.