في ظل سنوات من العدوان والحصار على اليمن تبدو الاوضاع الاقتصادية اكثر سوءا وتعقيدا، لتزداد معاناة اليمنيين مع تفاقم الازمات الانسانية والمعيشية يوما عن آخر، فما مسببات هذا الوضع الاقتصادي المعقد، وماذا تعني ما يطلق عليها بالحرب الاقتصادية واهدافها، وما هي تداعياتها وآثارها وانعكساتها؟
وقال محافظ البنك المركزي اليمني هاشم اسماعيل في برنامج “ضيف وحوار” من على شاشة قناة العالم: إن الاجراءات الاخيرة لتحالف العدوان الاميركي الصهيوني على اليمن هي ليست اجراءات جديدة، بقدر ما نحن امام مخطط او امام خطوة هي مستمرة منذ ان اندلعت الحرب على اليمن في شهر آذار/ مارس عام 2015.
واضاف المحافظ اسماعيل: ما قامت به دول العدوان مؤخرا هو عبارة عن تصعيد، هذا التصعيد يهدف الى استهداف القوة الشرائية للمواطن اليمني بشكل عام، فهم نظرا لفشلهم العسكري في الجبهات العسكرية اتخذوا قرارا بأن تكون الورقة الاقتصادية هي أداة ضاغطة على المفاوض اليمني وعلى حكومة الانقاذ وعلى المجلس السياسي في صنعاء بهدف تحقيق ما فشلوا فيه عسكريا، هم يريدون تحقيق هذه الاهداف من خلال الحرب الاقتصادية.
وتابع محافظ البنك المركزي: إن من يريد ان يتخذ خطوات لمعالجة اوضاع اقتصادية لا يمكن ان يمارس عمليات الطباعة (للعملة) بشكل من اشكال الطباعة لم يسبق لأي دولة في العالم ان تتخذه. الطباعة اليوم هي عبارة عن قذائف وصواريخ واطلاقات نارية يريدون توجيهها الى كل صدر كل مواطن يمني، وبالتالي من يريد اتخاذ اجراءات للحفاظ على الاقتصاد الوطني لا يمكن ان تكون على حساب المواطن اليمني.
واوضح محافظ البنك المركزي اسماعيل ان الاجراءات الاقتصادية يجب ان يتم اتخاذها من خلال تخفيض نفقات الفنادق وتخفيض المبالغ المهولة التي يتم تحويلها الى البنك الأهلي السعودي من عائدات النفط الخام اليمني، والحلول الاقتصادية تأتي من خلال إعادة تصدير الغاز اليمني المسال، وتأتي من خلال سحب الكمية التي تم ضخها الى السوق اليمنية من العملة التي تزيد على 5 تريليون ريال يمني خلال سنوات الحرب.
وقال: هذه هي الاجراءات الاقتصادية التي يمكن أن تحقق مؤشرات تحسن ملحوظة، اما الاجراءات الاقتصادية من خلال فرض اعباء على المواطن او من خلال استهداف مؤشر التضخم او تخفيض القوة الشرائية فهذه ليست اجراءات اقتصادية حكيمة بقدر ما هي استهداف مباشر للمواطن اليمني سواء كان في الشمال او في الجنوب.
واضاف اسماعيل: بالعودة للوراء الى مفاوضات الكويت، السفير الاميركي كان واضحا مع الوفد الوطني في هذه المفاوضات، واخبرهم انهم اذا لم يوقعوا ويوافقوا على الشروط المطروحة آنذاك فإن الاميركي سيعمل جاهدا على ان تصل العملة الى مستوى لا تساوي فيه قيمة الحبر الذي طبعت به، وما يحصل اليوم في المحافظات المحتلة هي احدى النتائج التي بشر بها السفير الاميركي آنذاك، ولكن بفضل الله وتوفيقه وبفضل الوعي الشعبي الكبير والعالي نحن نرى مصاديق حديث السفير الاميركي في المحافظات المحتلة.
واردف محافظ البنك المركزي قائلا: اتهامنا لاميركا في ما يحدث من تدهور للعملة او الوضع الاقتصادي الصعب هو ليس اتهام سياسي او اتهام بناء على تقديرات او تحليلات او تنبؤات، هذه هي منهجية اميركا، عندما تواجه شعوبا ترفض ارادتها او فرض هيمنتها تلجأ عادة الى الحرب الاقتصادية، كما يحصل اليوم في الجمهورية الإسلامية في ايران وفي لبنان وسوريا وفنزويلا وكوبا والكثير من بلدان العالم التي قاومت الهيمنة الاميركية.
وتابع اسماعيل: اليوم العدوان الاقتصادي على اليمن يدار من خلال ما تسمى الرباعية، وهي اميركا وبريطانيا والسعودية والامارات، الاميركي يشرف بشكل مباشر على هذه الحرب الاقتصادي كما يشرف على الحرب الاقتصادية على الشعب الايراني والسوري واللبناني وغيرهم، والاميركي يعلنها صراحة انه هو من يقود الحرب الاقتصادية، ومن خلال متابعتنا كل الخطوط التي تنفذ الآن هي تخطيط اميركي بشكل مباشر.
وقال محافظ البنك المركزي اليمني: لو كنا انطلقنا من واقع الحسابات والمعطيات الاقتصادي لكنا فشلنا فشلا ذريعا (في المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة الانقاذ الوطني اليمنية) في الحفاظ على سعر العملة بشكل نسبي، ولكننا حالنا كحال بقية الجبهات ومنها الجبهة العسكرية تحركنا من منطلق ثقتنا بالله سبحانه وتعالى ومن منطلق مظلومية الشعب اليمني الذي يعيش اليوم أسوا كارثة انسانية وفق تقارير الامم المتحدة.
واوضح اسماعيل: لقد درسنا استراتيجية العدو الاميركي كيف يفكر وكيف يخطط وكيف يخوض الحرب الاقتصادية وبماذا يبدأ وماهي الخطوات البديلة التي يناور بها في الحرب الاقتصادية حالنا كحال الجبهة العسكرية، اليوم لنسال كيف حقق الاخوة المجاهدون هذه الانتصارات وبماذا حققوها رغم عدم وجود وجه للمقارنة من حيث العدة والعتاد، وواقعنا في الجبهة الاقتصادية نفس الواقع.
واكد محافظ البنك المركزي ان حكومة الانقاذ تراهن دائما على الوعي الشعبي، فالوعي الشعبي هو الركيزة الاساسية لأي نجاح اقتصادي، قائلا: إن الاجراءات التي قمنا بها ركزنا فيها بشكل رئيس على افشال الخطط الاميركية من خلال تجريده من ورقة العملة، العملة هي اهم اداة لتركيع اي شعب.
وقال اسماعيل: نحن كلما قام الاميركي بإستهداف الاقتصاد اليمني بأي خطوة من الخطوات نحن نرد، نحن لازلنا نؤكد من خلال قناتكم اننا لا زلنا في موقع الرد ولكننا نملك ادوات واجراءات لننتقل الى موقع الفعل، نحن لحد الآن لم نستخدم هذه الاوراق ولكن اذا اضطررنا في مرحلة من المراحل الى استخدامها لن نتردد، القرار بيد السيد القائد ورئيس المجلس السياسي الأعلى كونهم اعلى سلطة في البلد، ونؤكد لشعبنا اليوم ان الاجراءات التي نتخذها هي اجراءات حمائية للوقاية من آثار العدوان الاقتصادي ولكن في اي مرحلة من المراحل نحن جاهزون لاتخاذ خطوات جريئة وقوية ستؤثر بشكل كبير على الوضع الاقتصادي.
وتابع: نحن التقينا بالمبعوث الاممي السابق اكثر من مرة وكان واضحا حديثه حول الجانب الاقتصادي وقالها بشكل واضح، كان حديثه ان الملف الاقتصادي ليس من اختصاصه وليس من أولوياته، عندما يتحدث مبعوث اممي بهذه الصراحة، هذا يعني انه حاضر لمفاوضات سياسية ومفاوضات ميدانية ولا يمكن ان يتطرق للجانب الاقتصادي.
واشار اسماعيل الى أن النقاشات حول الجانب الاقتصادي الآن متوقفة بشكل تام ولا يوجد اي تقدم، وصنعاء تطالب قبل البدء بأي مفاوضات بوقف الحصار على ميناء الحديدة وكذلك فتح المطارات كونه استحقاق انساني ليس خاضعا لأي تقدم عسكري أو سياسي.
وقال: نحن نتفاجأ كثيرا عندما يروج إعلام الطرف الآخر أن صنعاء تتخذ الاقتصاد كورقة حرب!! ماذا فعلت صنعاء؟ هل قرارها بوقف العملة غير القانونية هي ورقة حرب؟ ام طباعتكم لهذه العملة هي ورقة حرب؟
واضاف: في موازنة عام 2014 كانت 85% من مصادر الايرادات بيد الطرف الآخر، بينما بالعكس 85% من بنود الانفاق هي في صنعاء، اليوم اين الكتلة الاكثر من الموظفين؟ اليوم الموظفين في المحافظات المحتلة لا يستلمون مرتباتهم بشكل منتظم، ايرادات النفط الخام فقط كانت تمثل 70% من موارد الموازنة العامة للدولة، اليوم الانفاق الاغلب في صنعاء، واليوم تحالف العدوان لا يدعم صنعاء ويدعم الطرف الآخر، كل الدول العظمى تدعم الطرف الآخر.
واكد المحافظ اسماعيل انه حتى فترة ما قبل تعيين المبعوث الاممي الاخير، كانت الامم المتحدة غير جادة على الاطلاق في اي نقاشات اقتصادية تفضي الى تحييد الجانب الاقتصادي والتخفيف من المعاناة الاقتصادية والانسانية، لانه قرار سياسي في الأخير.