رسمت الولايات المتحدة الأمريكية سيناريو تسليم “كابول” إلى حركة طالبان بعد عقدين من الزمن من غزوها العسكري مع حلفائها لـ “أفغانستان” وقتل الآلاف من أبناء الشعب الأفغاني.
حركة طالبان لم تكن وليدة الصدفة بل وجدت بعد معارك طاحنة بين الجيش السوفييتي الذي تدخل لمساندة الحكومة الموالية له في العام 1978م، ومن أطلقت عليهم الولايات المتحدة الأمريكية المجاهدين من الأفغان والعرب وعملت على دعمهم من خلال برنامج لوكالة المخابرات المركزية سمي بـ “عملية الإعصار”.
بعد الانسحاب السوفييتي من أفغانستان في العام 1989م، دخلت أفغانستان في دوامة عُنف ساهمت بوجود حركة “طالبان”، والتي مولتها الولايات المتحدة الأمريكية في البداية عن طريق الاستخبارات الباكستانية بكل الاحتياجات ومهدت لها الطريق للوصول إلى تسلم زمام السلطة في العام 1996م، وكانت السعودية والإمارات وباكستان وبإيعاز من أمريكا أول الدول التي اعترفت بسلطة “طالبان”.
في العام 2001 غزت الولايات المتحدة الأمريكية أفغانستان رداً على هجمات الحادي عشر من سبتمبر بسبب عدم تسليم طالبان “أسامة بن لادن” إلى واشنطن بحسب زعمها آنذاك، ورفعت شعار مكافحة الإرهاب كمفهوم عملت على ترويجه بهدف تخويف الأنظمة وإركاع الشعوب.
إعلان الغزو الذي تلاه الرئيس الأمريكي “جورج دبليو بوش” ولوح بحرب دينية في ذلك الوقت أرعب حكام الأنظمة العربية وأوجد شللاً في التفكير وفهم الوضع عند كبار العلماء الدينيين سيما الوهابيين بالإضافة إلى المتابعين والمحللين السياسيين.
تهويل إعلامي كبير رافق عملية الغزو وأحدث لبساً في قراءة المشهد وتباينات بالآراء، وهو ما كان غاية لـ”واشنطن”، إلا أن الحدث ما كان له أن يمر مرور الكرام عند السيد “حسين بدرالدين الحوثي” الذي أدهش الكثير في العالم اليوم بقراءته الثاقبة قبل عشرين عاماً وتنبهه للمخططات الأمريكية في أكثر من ملف، وأبرزها الغزو على أفغانستان.
الشهيد القائد “حسين الحوثي” ألقى محاضرة على طلابه في تاريخ 24 من يناير في العام 2002م، بمحافظة صعدة قال فيها بالحرف ” إنما عملت أمريكا فقط عملية تجميلية لتحفظ ماء وجهها فتنسحب عن أفغانستان وتوهم الآخرين بأنها قد قضت على أولئك ونحن كما قلنا سابقاً لم نجد أنها قضت على طالبان ولا على قادة طالبان، إذاً أوصلت البلد إلى أن وضعت بديلاً، هذا البديل وهمي وقد بدأت مؤشرات الصراع بين فصائل التحالف داخل أفغانستان ومن المحتمل جداً أن يعود أفغانستان من جديد ومن المحتمل أيضاً أن تعود طالبان من جديد، طالبان إنما انكمشت بتوجيهات لتمتد بتوجيهات أخرى”.
جاء هذا الرأي للسيد “حسين” رضوان الله عليه في ملزمة “اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً” وهو واقع اليوم يراه العالم كله.
عملية تجميلية بالفعل، فكل الأحداث والوقائع تؤيد ما طرحه الشهيد السيد “حسين الحوثي” في إعادة قراءة الأحداث، لا سيما المفاوضات الأخيرة بين طالبان وأمريكا خلال العامين الماضيين في قطر.
الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس السابق “دونالد ترامب” خاضت مفاوضات مع طالبان في قطر خلال العام 2020م، بشكل مباشر وتم الاتفاق على الانسحاب بجدول زمني، وهو ما تم تحقيقه في عهد الرئيس الحالي “جو بايدن” وبغض النظر عن أن طالبان أجبرت أمريكا على الرحيل.
دخول طالبان العاصمة الأفغانية كابول منتصف أغسطس الحالي لم يكن إلا سيناريو كان مُعداً مسبقاً، كون العملية التجميلية حان إبرازها للعلن وكررت معها مشاهد البؤس مرة أخرى وتركت خلفها عملاءها يقتلون بعجلات الطائرات في مطار “كابول”، بعد خدمة طويلة طويت لأجل العملاء الجدد،
مشهد أدار أحداث فيتنام والتقاط صورة مشهورة في عام 1975 لأفراد يتدافعون إلى مروحية أمريكية على سطح أحد المنازل في مدينة “سايغون” في ختام حرب فيتنام، وتعيده آلة الزمن في ختام حرب أفغانستان بتدافع العملاء في مطار “كابول” وهبوط مروحية على سطح السفارة الأمريكية، نهاية تطابقت حتى بالمدة الزمنية حصيلتها عشرون عاماً لكل حرب، إلا أن الأخيرة بعد أن انكمشت امتدت بتوجيهات جديدة.
______
وكالة الصحافة اليمنية – عمرو عبدالحميد