تقول منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية إن السعودية اعتمدت خلال السنوات الماضية أسلوب القمع بحق الناشطين والصحافيين على أرضها، حيث زادت في الآونة الأخيرة نسبة الاعتقالات بحقهم بتهم تتعلق بمواقفهم أو مشاركتهم بتظاهرات أو احتجاجات، هذه التهم قديمة جديدة، ولكن بدأنا نشهد اليوم تهماً أخرى مرتبطة بـ”دعم القضية الفلسطينية” أو “دعم المقاومة الفلسطينية بوجه الاحتلال”.
فقد أصدرت السعودية منذ يومين أحكاماً بالسحن بحق 69 فلسطينياً، أقصاها 22 عاماً وأقلها 3 سنوات، بتهمة “دعم المقاومة في فلسطين”. وقضت المحكمة السعودية بحبس الممثل السابق لحركة المقاومة الإسلامية حماس لدى المملكة محمد الخضري لمدة 15 عاماً.
فصائل فلسطينية عدة استغربت الأحكام وأدانتها، حيث قالت الجبهة الشعبية – القيادة العامة إن الأحكام السعودية ضد مقاومين “منافية للمنطق الأخلاقي والسياسي”.
يشار إلى أن السلطات السعودية اعتقلت نحو 70 ناشطاً بسبب دعمهم القضية الفلسطينية منذ نيسان/أبريل 2019، من بينهم طلبة وأكاديميون ورجال أعمال وحجاج سابقون.
وبحسب منظمة حقوق الإنسان “غرانت ليبرتي” فإن “عدد الأحكام القاسية على سجناء الرأي السعوديين الصادرة في شهر نيسان/أبريل يفوق بمرتين عدد الأحكام الصادرة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام مجتمعة”. ووصفت المنظمة حملة القمع المتجددة ضد السجناء السياسيين بأنها نتيجة لفشل إدارة بايدن في فرض عقوبات على ولي العهد، وبالتالي أدى إفلات السلطات السعودية من العقاب إلى إطلاق يدها في معاقبة نقادها المسجونين.
اللافت هنا أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تعهد في شباط/ فبراير 2021، بأن تعتمد بلاده قوانين جديدة، وأن تصلح القوانين القائمة “التي تحفظ الحقوق وترسخ مبادئ العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان”.
قمع التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية في السعودية
القيادي بالحراك الشعبي والمعارض السعودي حسن الصالح قال في حديث مع الميادين نت: “لم يكن مسموحاً للشعب في السعودية يوماً دعم القضية الفلسطينية، ولذا يتم قمع كل التظاهرات المؤيدة لهذه القضية”.
وبحسب الصالح، فإنه بعد “انتهاء التظاهرات يتم استدعاء كل من شارك فيها، ويوقّع على تعهد بعدم المشاركة مرة أخرى، وهناك بعض المعتقلين في السعودية بتهمة الخروج في مظاهرات مؤيدة للقضية للفلسطينية”.
وتعليقاً على اعتقال محمد الخضري من قبل السلطات السعودية، رأى أنه “تم اعتقاله من أجل الضغط على الفلسطينيين من أجل التنازل عن قضيتهم والسير وراء المشروع السعودي الأميركي الإسرائيلي وترك محور المقاومة”.
ولفت الصالح إلى أن “القانون السعودي الرغبة الأميركية والإسرائيلية، فما يقوله الأميركان في هذه المرحلة فهو قانون وهو الحكم السائد”، بحسب تعبيره.
كذلك، أوضح أنه “لا يوجد لدى النظام السعودي قوانين وإنما أحكام يحددها الملك والوضع السائد”، وأضاف: “بما أننا الآن أمام محورين؛ محور مقاومة ومحور تطبيع، فقد أصبحت القضية الفلسطينية ودعمها في السعودية جريمة يعاقب داعميها”.
ووفقاً للصالح فإن “النظام السعودي يريد لحركة حماس أن تكون في محور السعودية وتوافق على المشروع السعودي المعد للقضية الفلسطينية وهو ما يسمى بصفقة القرن”.
كذلك، اعتبر الصالح أن النظام السعودي يريد أن “يوهم الشارع العربي بأن القضية الفلسطينية هي مشروع إيراني وهذا ما نراه من تصريحات بعض المخدوعين المخادعين”، موضحاً أن “من يعتقد أن السعودية هي صمام أمان وداعم للشعب الفلسطيني فهو واهم، ولا يوجد ما يحمي النشطاء والداعمين للقضية الفلسطينية في السعودية”.
العلاقة السعودية بـ”حماس” تبدلت طمعاً بالرضا الأمريكي
..”السعودية عرضت على حركة حماس، في مفاوضات جرت بينهما، أن تقوم حماس بقطع علاقاتها مع إيران وحزب الله وأنصار الله، مقابل عودة العلاقات مع الرياض والإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين لديها. إلا أن حماس رفضت العرض”، هذا مضمون تغريدة نشرها المحامي والباحث السياسي الفلسطيني صالح أبو عزة عبر حسابه على “تويتر”.
لاشك أن العلاقة بين حماس والسـعودية شهدت تغيراً كبيراً وملحوظاً، حيث كانت الحركة تحظى ببعض الدعم السعودي في فترات لاحقة، وكنا نسمع على لسان قادتها عبارات التأييد للقضية، ولكنها تغيب اليوم، في هذا الصدد، يقول الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني مصطفى الصواف، إن العلاقة السعودية بحركة حماس تبدلت بسبب تبدل النظام السياسي والقيادي في السعودية والذي يطمع بالرضا الأميركي، وهذا السبب الرئيس لتبدل الأحوال وخلق أعداء جدد كالمقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حماس”.
ورأى الصواف أن “حماس لن تكون ورقة في جيب أحد ولذلك لن تقبل شروط المساومة والابتزاز، مشدداً على أنه “لا يجوز لكائن من كان أن يحدد لحماس أن تقيم علاقات هنا أو هناك، أو تكون علاقاتها مع طرف على حساب طرف”.
وحول الأحكام التي صدرت بحق المعتقلين في السجون السعـودية، قال المحلل الفلسطيني إنه “لا علاقة لها بالقانون ولا بالشرع ولا بالأصول العربية”، وسأل المحلل الساسي: هل مساعدة فلسطين مالياً أو حتى عسكرياً جريمة؟، وأكد أن “هذه الأحكام تدين النظام السعودي أولاً، فمساعدة فلسطين هي شرف لمن يقوم بذلك والمحاكمة تؤكد أن النظام القائم لا يريد أن ينال شرف المساندة”.
كذلك، رأى أن “هذه الأحكام هي رشوة للإدارة الأميركية والإسرائيلية من أجل نيل صك الغفران من أميركا لتقديم الحماية والدعم لولي العهد”.
وأشار الصواف إلى أن “حماس لن تعلن الحرب على السعـودية بل ستسعى عبر الوسطاء من أجل الضغط على الملك سلمان بن عبد العزيز لإصدار عفو شامل عن هؤلاء الأبرياء”.
المصدر: الميادين نت