بهدف عرقلة عملية تحرير مدينة مأرب اخر معاقل عملاء تحالف العدوان السعودي الأمريكي ومعقله الأخير في شمال شرق اليمن ، فتح التحالف جبهة جديدة في البيضاء باتجاه المناطق التي توقفت عندها المواجهات السابقة بين الجيش واللجان الشعبية نهايات العام 2020م حيث بقيت الصومعة وناطع واطراف مديرية الزاهر على الحدود مع مناطق يافع أولى مناطق جنوب اليمن بحسب الوضع ما قبل الوحدة اليمنية ، خارج سيطرة صنعاء .
نهاية العام 2020م اجبرت القاعدة على الدخول في معركة اختار توقيتها الجيش واللجان الشعبية انتهت بسقوط اهم معاقلها في اليمن ، المعركة الاخيرة في البيضاء ولم تنطفئ نارها كلية بعد ، ولايزال الجميع في انتظار ما ستقوله صنعاء عن تفاصيل المعركة المفاجئة في بداياتها او خواتيمها، يجرى الحديث عن غنائم كبيرة جدا غنمها الجيش واللجان من معسكرات تابعة للتنظيم في الصومعة ، واخرى تحت عباءة ما يسمى الجيش الوطني الموالي لتحالف العدوان على الحدود مع محافظة شبوة ، تكاد هذه المعركة الكبيرة الوحيدة التي اعتمد فيها على عناصر القاعدة لوحدهم في تنفيذ عملية عسكرية واجتياح مناطق بذلك الحجم، ليس تسليمهم .
تعاون القاعدة وداعش وقتالهما الى جانب تحالف العدوان ليس بالجديد في الحرب في اليمن ، شبكات دولية منها امريكية وبريطانية وثقت مشاركة هذين التنظيمين الاجراميين الى جانب قوات تحالف العدوان وقوات عملاء التحالف المحليين ، وقادة التنظيمين اعترفوا بذلك في اكثر من تسجيل صوتي بمشاركتهم في القتال في عدة جبهات ضد من اسموهم ” الحوثيين ” .
هدفت العملية بحسب خبراء عسكريين الى اشغال الجيش واللجان الشعبية عن معركة مارب وتخفيف الضغط عن المدينة بعد ان بلغت التقدمات موضعا خطرا يهدد المدينة ، بسيطرة الجيش واللجان الشعبية على مزيد من المواقع في البلق القبلي ، واقتحام قوات من الجيش واللجان البلق الاوسط في تهديد خطير جدا .
وهو ذات الهدف الذي فتح تحالف العدوان من خلاله معركة في مديرية رحبه مستغلا ثغرة للوصول الى مركز المديرية ، والعمليتين رغم اختلاف توقيتهما لهما هدف مشترك وهو تخفيف الضغط عن مأرب التي تعاني وضع الاستنزاف من قبل قوات الجيش واللجان الشعبية .
يشير الخبراء الى ان الامريكيين الذين يديرون معركة مارب بشكل مباشر يحاولون اعادة تنفيذ الثغرة التي قلبت موازين الحرب بين الكيان الصهيوني ومصر في حرب اكتوبر 73م .
الرد العسكري اليمني اختلف تماما عن ردة فعل الرئيس المصري السادات آنذاك والذي ارتكب الخطأ العسكري القاتل بتجاهل الثغرة وعدم معالجتها سريعا ، قوات صنعاء اعادت سريعا تموضعها وثبتت نقاطها حول مدينة مارب ، ووجهت زخم قواتها نحو الثغرات التي فتحت في البيضاء ومؤخرة الجبهة بمديرية رحبه . وتمكنت في غضون يومين من استعادة مركز مديرية الزاهر وجميع المناطق التي سقطت في يد القاعدة بالبيضاء ، وابطلت مفعول الثغرة الاخرى في رحبه تاليا .
توقعات التحالف وخبراء عسكريين ان صنعاء كانت ستكتفي باستعادة ما فقدته من مناطق في البيضاء وتامين مؤخرة الجبهة في رحبة ، والعودة سريعا لاستئناف زخم هجومها على مدينة مأرب ، لكن ذلك لم يحدث .
قوات الجيش واللجان واصلت اندفاعتها باتجاه الوصول الى الحدود الجنوبية وفقا للوضع السياسي ماقل العام 90م حيث وصلت طلائعه الى حدود مناطق يافع جنوب غرب ، و بيحان شبوة شمال شرق والسيطرة على عقبة القنذع الاستراتيجية ، وتصبح في تماس مباشر مع قوات الحزام الامني التابع للمجلس الانتقالي .
بحسب خبراء فإن تقدم قوات صنعاء الى هذا العمق دل على وجود مخطط استراتيجي معد مسبقا ربما وجدت الفرصة لتنفيذه او ان تهاوي القاعدة بالشكل المفاجىء الذي ظهرت عليه في الهشاشة والضعف قاد الى هذه النتيجة وتطور الهجوم .
وبحسب هؤلاء فإن صنعاء ستحقق من وراء تثبيتها لنقاط التماس مع قوات الانتقالي والوصول الى الحدود السياسية بحسب الوضع ما قبل العام 90م عدة امور هامة :
اولها : دخول الاطراف الجنوبية كيانات سياسية او قبلية في اتفاقات ملزمة لمنع تحشيد الجنوبيين الى مأرب حيث المعركة الفاصلة ضمانا لعدم انتقال المعارك الى مناطقها واجتياحها من قبل الجيش واللجان .
وهذا الامر يشكل ضربة كبيرة لم تكن متوقعة لتحالف العدوان او لتنظيم الاخوان في مأرب والذي اعتمد على تحشيد الجنوبيين وزجهم في معارك مارب بصورة كبيرة وفي معاركة بعدة مناطق .
ثانيا : اقفال مناطق الفراغ بصورة نهائية والتي شكلت نقاط عمياء استغلها تحالف العدوان وتنظيم القاعدة لإعادة تجميع عناصره وقواه ، التماس بين قوات الجيش واللجان والكيانات الجنوبية قبائل او اطراف سياسية حاكمة يعني انها مسئولة عن أي عملية ستنطلق باتجاه مناطق الحرة .
والوضع الناشىء وفق خبراء عسكريين يعني تأمين مؤخرة جبهة مأرب على امتداد جغرافي واسع ، وقدرة الجيش واللجان على تهديد خطوط امداد المرتزقة في مارب والتحالف من اكثر من مكان .
ثالثا : تثبيت اتفاق استكهولم فسقوط اسطورة العمالقة والتي رسمت في اذهان الجنوبيين عقب النجاحات التي تحققت لتلك القوات في الساحل الغربي ، بعد هزيمتها المدوية في البيضاء ، اصبح مزيد من الشك يدور حول قدرة تلك القوات على مواجهة قوات صنعاء في ظل تقاطع معلومات انها باتت على اتم الجاهزية لصنع مفاجأة كبرى في الساحل الغربي اذا ما انهار اتفاق استكهولم ، ونفذت قوات العمالقة والمرتزقة ومشغليهم في الساحل الغربي تهديداتهم بنقض الاتفاق .
الضربة التي تعرضت لها قوات الحزام الامني التابع للمجلس الانتقالي المدعوم اماراتيا الجمعة ، وجرى الحديث عن قصف مدفعي طال أطراف مناطق يافع كان بمثابة رسالة من صنعاء انها حاضرة لتوسيع المواجهة والتوغل جنوبا اذا ما اخطىء الطرف الاخر حساباته ، الانتقالي وقبائل يافع معنيان الان بالهدوء ومنع تحشدي ابناء الجنوب الى معارك ليست معاركهم، ومنع تحول مناطقهم الى منبع تهديد للمناطق الحرة ، وإبقائها خارج دائرة النار حتى الوصول الى مفاوضات الحل النهائي واتفاق يرضي جميع اليمنيين .
والوضع ذاته بالنسبة الى الاطراف في شبوة سياسة او قبلية معنية هي الاخرى بتقبل الوضع الجديد والتسليم به رغم قربها من تنظيم الاخوان المسيطر على مارب .
وبحسب مصادر فإن صنعاء وضعت في الاثناء خطة عسكرية جديدة تضمن لها خوض معركة متعددة الاطراف اذا لم تفهم الاطراف الجنوبية رسائل النار وهي مقدمة لرسائل سياسية بهذا الصدد ، واولوية صنعاء باقية كماهي تحرير مأرب بزخم ربما يفوق سابقاته بعد ان تم تامين الجبهة من اكثر من اتجاه . وقطعا للوقت امام تحالف العدوان الذي يرمي ما بجعبته من اوراق وحي لإرباك المعركة الفاصلة في العدوان على اليمن .
وبالنسبة الى تحالف العدوان وبخاصة الامريكيين فإن تطورات المعركة في البيضاء جعلتهم يدركون ان القيادة الشابة التي تواجههم هي اذكى بكثير وتستفيد جدا من اخطائهم ، وقرأت على ما يبدوا تاريخ الحروب الامريكية الصهيونية في المنطقة العربية او العالم .
المعلومات الاخيرة تشير الى ان عودة ليندركينغ الى المنطقة وتقديم صياغة جديدة تتضمن تنازلا اكبر من مما قدم سباقا يأتي بعد فتح صنعاء جبهات جديدة باتجاه مأرب انطلاقا من مناطق سيطرتها الاخيرة في البيضاء ، وتعميق أزمة حلفائها في مأرب بعد رمي اخر الأوراق وخسارتها.
المصدر: المسيرة