بعد فضيحة استخدام برنامج التجسس “بيغاسوس” التابع لشركة الاستخبارات الإلكترونية الإسرائيلية “إن أس أو غروب”، للتجسس على هواتف رؤساء دول وصحافيين ونشطاء ومحامين واشخاص تم تصفيتهم جسديا او تصفية مقربين منهم، وفقا لتحقيق استقرائي أجراه سبعة عشر إعلاميا من امريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ودول أخرى، نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، لم يجد الكيان الاسرائيلي، من وسيلة للتهرب من هذه الفضيحة ، الا الانكار وتكذيب الخبر.
الانكار الاسرائيلي لم يصمد طويلا امام كمية المعلومات التي تضمنها التحقيق الذي الذي قامت مجموعة تضم 17 وسيلة إخبارية بينها صحيفتا “واشنطن بوست” الأميركية و”الغارديان” البريطانية، إلى جانب منظمة العفو الدولية والصحافة غير الربحية، “فوربيدن ستوريز”، ومن هذه المعلومات ان “اسرائيل” باعت برنامجها للعديد من الدول، خاصة الى الانظمة العربية الاستبدادية، خاصة تلك التي طبعت معها، والتي تجسست بدورها على 5000 هاتف.
من بين هذه المعلومات ايضا، انه تم التجسس على هواتف رؤساء دول بينهم الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون، والرئيس العراقي برهم صالح، وهاتفين يعودان لمرأتين قريبتين من الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي قُتل في قنصلية بلاده في إسطنبول في العام 2018، بينهما خطيبته التركية خديجة جنكيز، وكذلك هاتف صحافي مكسيكي مستقل اغتيل في مغسل للسيارات، كما استهدف التجسس الاسرئيلي، الصحافيين العاملين في المؤسسات الإخبارية الكبرى ، بما في ذلك “فايننشال تايمز”، و”وول ستريت جورنال”، و”سي إن إن”، و”نيويورك تايمز”، و”فرانس24″ و”راديو أوروبا الحرة”، و”ميديا بارت”، و”إل بايس”، و”لوموند”، ووكالات”أسوشيتد برس” و”رويترز”و”فرانس برس”، و”بلومبيرغ”، و”إيكونوميست”، و”صوت أميركا”.
امام كل هذا المعلومات لم يجد وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس، الا الاعتراف وبطريقة غبية بمسؤولية كيانه على الفضيحة، وذلك في لقاء مع صحيفة “يديعوت أحرونوت” امس الثلاثاء، حيث قال إن “إسرائيل ديمقراطية غربية ذات قدرات تكنولوجية عالية.. وتسمح بتصدير الوسائل الأمنية إلى الديمقراطيات، لاستخدامها بشكل قانوني ولغرض التحقيق في الجرائم والإرهاب”!!.
اللافت في تعليق غانتس، انه جاء على النقيض مما توصل اليه التحقيق عن برنامج التجسس الاسرائيلي “بيغاسوس”، فقد باعت برنامجها لانظمة استبدادية تربطها مع “اسرئيل” علاقات وثيقة، تطارد معارضيها في شتى انحاء العالم، وتكتم على انفاس مواطنيها، ومن هذه الدول ، أذربيجان، والبحرين، والمجر، والهند، وكازاخستان، والمكسيك، والمغرب، ورواندا، والسعودية، وتوغو، والإمارات.
اللافت ايضا، ان “اسرائيل” ضربت عصفورين بحجر واحد، فهي استلمت اموالا طائلة من الانظمة التي باعت لها برنامجها التجسسي، ومنها الانظمة العربية الرجعية، وفي مقابل ذلك تجسست وبشكل مجاني على جميع الهوتف التي استهدفها برنامجها، فوفقا للعقد الذي توقعه هذه الانظمة مع “إسرائيل”، ان تكون “إسرائيل” على علم بارقام هواتف جميع الجهات المستهدفة، بمعنى انها تتجسس مجانا على حلفائها واعدائها، واعداء حلفائها ، حيث بلغ عدد الدول التي استهدفتها “اسرائيل” اكثر من 50 دولة.