استخبارات السفارة الأمريكية في عمّان قدّمت الخيوط الأولى وعلاقات الأردن بالسعودية في نفق معتم.. بعض المخفي في ملف “الفتنة الأردنية”

405
في عمّان
في عمّان

تكشف معطيات متأخرة عن جزء مخفي في محاكمات الفتنة الاردنية المثيرة التي لا تزال في إطار القضاء الأردني حيث قررت محكمة امن الدولة الاسبوع الماضي عقوبة السجن 15 عاما بحق شخصيتين مهمتين فيما القرار قابل للطعن لدى محكمة التمييز.

في الوقت ذاته لم يصدر عن السلطات الاردنية أي بيان محدد بشان موقف تلك المحاكمات من ولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين والذي ارتبطت الفتنة باسمه منذ الثالث من شهر نيسان الماضي وسط انباء ترجح ان الامير قد يخضع لاحقا بعد اكتساب الاحكام القضائية للدرجة القطعية لمساءلة من مجلس العائلة المالكة.

وكان مسؤولون أردنيون من بينهم رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة ووزير الخارجية أيمن الصفدي وحتى صحفيون كبار مقربون من السلطة قد أشاروا في عدة اجتماعات الى أن الامير حمزة انخرط في مخطط مخالف للدستور لطرح نفسه بديلا بالتعاون مع شخصيتين محوريتين وجهات خارجية.

بعد نحو 5 أيام من صدور الحكم ضد رئيس الديوان الملكي الاسبق باسم عوض الله وقريب الامير حمزة الشريف حسن بن زيد اختفت صور السجينين المدانين عن وسائط التواصل الاردنية وخف الجدل حول هذه القضية.

لكن على جبهة موازية وبعيدة عن الاضواء اعتبرت هذه المحاكمة والاصرار عليها بمثابة “إعلان قوة” لملك الاردن عبد الله الثاني واعلان صرامة وحزم على مستوى المؤسسات السيادية خصوصا وان وسائل اعلام دولية متعددة لا تزال تصر على ان دولا حليفة في الاردن كان لها دور في تلك المؤامرة ومن بينها السعودية التي نفت تورطها كما قالت صحيفة “ذي اندبندنت” وكذلك الإمارات.

وتشير تقارير دبلوماسية عميقة قُرأت في مستويات مغلقة واطلعت على حيثياتها صحيفة “رأي اليوم” اللندنية مؤخراً إلى أن ملف الفتنة والاعتقالات تحرك اصلا في الاردن بعد معلومات ونصائح استخبارية امريكية وفي منتصف شهر اذار الماضي وبصورة دفعت السلطات لاستخدام تقنيات متطورة جدا في جمع وتوثيق سلسلة مراسلات هاتفية وعبر تطبيقات الاتصال المشفرة بين الاطراف الثلاثة المعنية بتلك الفتنة وهم كل من الامير وعوض الله وبن زيد.

ويبدو أن طاقم الاستخبارات الأمريكية الجديد بإدارة السفير الامريكي الاسبق في الاردن وليام بيرنز قدم للأردنيين معلومات مفيدة شكلت الخيوط الاولى المتعلقة بمؤامرة صغيرة محتملة للاستثمار في الوضع المعيشي والاقتصادي الداخلي في الاردن ما وفر معطيات امنية بناء على خيوط اولية دفعت باتجاه اعتقالات في الثالث من نيسان كما دفعت باتجاه فرض نمط من الاقامة الجبرية على الامير صاحب الطموحات.

بناء على مصادر عليمة في واشنطن كانت تلك المعلومات أقرب الى عربون صداقة من المؤسسة الامريكية الاستخبارية بدون مبالغة او تهويل في التفاصيل.

وحسب تلك التعليقات العميقة أدير الملف من السلطات الاردنية ببعض الاخفاقات الاعلامية لكن بحزم وصرامة وبكفاءة في المسار الأمني وعلى مستوى بناء قضية اثارت ردود فعل متعددة ومتباينة في الاردن وخارجه حيث تم التعامل مع القضية باعتبارها عنوان عريض للسيادة الاردنية ووجه القصر الملكي حسب مصادر في الحزب الديمقراطي الامريكي ضربة قوية لحلفاء واصدقاء في الجوار توفرت لديهم طموحات بالتدخل في الشؤون الداخلية الاردنية.

تلك الضربة نتج عنها صدمة كبيرة في مواقع ومراكز القرار الاردنية لكنها وجهت لشبكة من النافذين الداخليين فيما تعتبر الاوساط الامريكية المعنية بان ملف الفتنة استفاد منه الاردن استراتيجيا لكنه لا يزال مفتوحا على احتمالات ردود الفعل حيث يلاحظ الفريق الذي اعد التقرير المشار اليه بان العلاقات الاردنية السعودية دخلت في حالة برود واقرب الى نفق معتم بعد اصرار الاردن على اجراء محكمة لشخصيتين بارزتين كلاهما مقرب من الرياض وهما عوض الله وبن زيد.

المؤسسات الامريكية تسعى الى تحويل صدمة الفتنة الى برنامج عمل مكثف وتغيير كبير في الاردن وقد التقط العاهل الملك عبد الله الثاني المسالة ورد على الادارة الديمقراطية الجديدة للاستخبارات الامريكية بإعلان نيته اطلاق حرمة من الاصلاحات السياسية والدستورية وهي حزمة كانت سلطات الاردن بالعادة تتجنبها حرصا على حسابات دول خليجية حليفة لا تؤمن بالديمقراطية والانتخابات ومنها السعودية والامارات.

ويقدر خبراء استراتيجيون امريكيون بان ملك الاردن بعد صدمة الفتنة قد يتجه بمسارين بعيدا عن الحلفاء في النادي الخليجي وهما اولا قطع خطوات اضافية باتجاه الاصلاح السياسي والديمقراطية ،وثانيا توجيه رسائل ايجابية لإيران وهما خطوتان واضح تماما انهما تحظيان بغطاء امريكي.