كشف مصدر أردني رفيع المستوى، النقاب عن “اتفاق سري” دفع النظام السعودي لإتمامه مع الملك الأردني عبد الله الثاني ضمن قضية “ملف الفتنة”.
وأوضح المصدر أن محاكمة الأردن للمتهم باسم عوض الله المقرب من ولي العهد السعودي، جاء ضمن “اتفاق سري” برعاية دولية.
وذكر أن من ضمن الاتفاق: تمضي الأردن بمحاكمة عوض الله مقابل عدم الإساءة للمملكة وربط ولي العهد بالانقلاب الفاشل.
وأشار المصدر إلى أن المملكة بموجب الاتفاق السري ستلتزم الصمت حيال المحكمة وستتوقف عن إرسال الوفود للمطالبة بالإفراج عن عوض الله.
وأثار الحكم القضائي الأردني بحق باسم عوض الله المقرب من ولي العهد السعودي، الريبة حول كواليس المحاكمة والصفقات السرية.
ومع دخول رئيس الديوان الملكي الأسبق عوض الله إلى المحكمة لإصدار الحكم في قضية المؤامرة التي هزت الأردن، بدا المقرب من ولي العهد السعودي أنحف بعد 3 أشهر في السجن.
وحكمت محكمة أمن الدولة الأردنية على عوض الله والشريف “حسن بن زيد”، وهو قريب من العائلة المالكة الاثنين بالسجن 15 عامًا، بتهمة محاولة تقويض حكم الملك “عبدالله الثاني”.
وينهي الحكم، في الوقت الحالي، فصلًا غريبًا ومثيرًا من التاريخ الأردني، والذي بدأ في أبريل/نيسان عندما أخبر قائد الجيش الأمير “حمزة” أنه يخضع للإقامة الجبرية، وهي خطوة دفعت العائلة المالكة إلى تسريب مقاطع فيديو وتسجيلات تعلن براءته.
وكان “عوض الله”، الرئيس السابق للديوان الملكي، و”الشريف حسن”، المبعوث السابق للسعودية، من بين 18 شخصا اعتقلوا في ذات الوقت. وقد أدت وساطة زعماء القبائل إلى إطلاق سراح 16 آخرين.
وزعمت السلطات الأردنية أن الاثنين اللذين تربطهما علاقات وثيقة بالرياض، كانا يتآمران مع جهات أجنبية، وقالت إنها تملك التسجيلات والوثائق التي تثبت ذلك.
وذكرت تقارير أن “عوض الله” تم اعتقاله بعد الكشف عن أنه كان يتبادل رسائل صوتية ونصية مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وقال مصدر قريب من التحقيق لموقع “ميدل إيست آي” إن الاثنين ناقشا كيف ومتى يجب استخدام الاضطرابات الشعبية المتزايدة في الأردن لزعزعة استقرار حكم “عبدالله”.
وقال محمد العفيف محامي “عوض الله”، لموقع “ميدل إيست آي” إنه توقع هذا الحكم حيث إن عقوبة هذه الاتهامات تتراوح بين 5 إلى 30 عامًا في السجن.
وأضاف: “سأستأنف القرار أمام محكمة الاستئناف لأن محكمة أمن الدولة رفضت طلبنا باستدعاء 26 شاهدا، من بينهم الأمير حمزة ومسؤولون آخرون”. وقال “عفيف” إنه سيطعن في آلية تشكيل المحكمة.
مؤامرة سعودية
وكانت تقارير أفادت بأن “بن سلمان” وإدارة “ترامب” و”نتنياهو” سعوا إلى إزاحة الملك “عبدالله”، بعد رفضه لخططهم الخاصة بالمنطقة والقضية الفلسطينية.
وسافر مسؤولون سعوديون، بمن فيهم وزير الخارجية الأمير “فرحان”، إلى عمّان في أعقاب اتهامات المؤامرة.
وبحسب ما ورد حاولوا إطلاق سراح “عوض الله”، فيما قالت الرياض إنها تقف إلى جانب العاهل الأردني.
لكن الأردنيين على مواقع التواصل لم يتراجعوا عن ربط السعوديين بالمؤامرة.
وكتب أحدهم على “تويتر”: “البؤس على وجه باسم عوض الله يكفي ليعكس كيف يشعر بن سلمان الآن تجاه علاقاته مع الأردن”.
وقال آخر: “آمل أن يحاسب عوض الله.. يجب أن يسدد هو وفريقه الأموال التي أهدروها بغض النظر عن حماية الدولة السعودية التي نأمل ألا تتدخل في الأردن”.
وبالرغم من التقارير التي تتحدث عن محاولات سعودية لاستعادة “عوض الله”، هناك اعتقاد سائد بأن السعوديين تخلوا عن رجلهم.
ويري محللون أن “عوض الله” لم يكن ليُحاكم أبدًا لو شعرت الرياض أنه مهم حقًا.
وبصرف النظر عن الروابط الخارجية لـ”عوض الله”، فقد كانت سمعته كوزير مالية سابق ومدافع رئيسي عن السياسات الاقتصادية النيوليبرالية للمملكة
والتي يُلقى باللوم عليها من قبل البعض في المساهمة في الضائقة الاقتصادية في الأردن هي التي دفعت الأردنيين لهذه النظرة السلبية تجاهه.
ولم يجد “عوض الله” أصواتا للدفاع عنه، وفشل في تشكيل تحالف للدفاع عنه، لأن الجميع كان يخشى من الرأي العام.
وقالت الكاتبة الأردنية عطاف رضوان إن الأردنيين لطالما أرادوا معاقبة “عوض الله” لخصخصته أصول الدولة.
وأضافت: “لا يزال هناك عدد من الخطوات التي يجب اتخاذها قبل أن يصبح الحكم نهائيًا.. وبينما يمكن تحميل هذا الشخص المسؤولية فإن هناك آخرين كثر مشتركون في هذه الجرائم”.
وكان “عوض الله” هدفا للبرلمانيين والناشطين منذ 16 عاما، ويقول هؤلاء إنه يجب محاكمته بتهمة الفساد المالي والسياسي والإداري.
لكنه يُحاكم الآن بتهمة لا يؤمن بها أحد، وهي مبنية بالكامل على تسجيلات ورسائل “واتساب” لا ترقى حتى إلى مستوى الجرائم الإلكترونية”.
ويرى البعض أن هذا يظهر الفجوة بين الحكومة والشعب الأردني ومطالبه.
وبالرغم أن الحكم ليس نهائيا، فمن الواضح أن هناك ترتيبا أردنيا سعوديا يتضمن التضحية بـ”باسم عوض الله” مقابل عدم ذكر السعودية بالاسم في التحقيقات.