عقد مجلس الأمن جلسة لمناقشة أزمة سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على مجرى نهر النيل وسط اعتراضات مصرية وسودانية على ملء الخزان المائي دون اتفاق بين الدول الثلاث.
وتعترض مصر والسودان على ملء الخزان المائي من دون التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث. وشدد وفود باقي الدول الأعضاء في مجلس الأمن على دعمهم الوساطة الأفريقية لحل الخلافات حول الخزان المائي الإثيوبي.
وأعلنت الدول الـ 15 الأعضاء بالمجلس ضرورة إعادة المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي بشكل مكثف؛ لتوقيع اتفاق قانوني ملزم يلبي احتياجات الدول الثلاث ويؤدي إلى تخفيف التصعيد الذي يؤثر مباشرة على المنطقة والقارة الأفريقية.
وكان المدير العام للأرصاد الجوية الإثيوبية، قال إن التعبئة الثانية لسد النهضة قد تكتمل قبل موعدها المحدد بسبب غزارة الأمطار.
من جهته، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إنه طلب من الأوروبيين العمل على إقناع إثيوبيا بالتحلي بالمرونة وإدراك أن القضية وجودية لمصر. وأضاف أن “مؤسساتنا تحدد خياراتها في الوقت الملائم وباتزان، وسندافع عن مصلحة شعبنا دون تهاون”.
خطر وجودي
تنظر مصر، التي تعتمد على نهر النيل في الحصول على 97 في المئة من احتياجاتها من المياه لأغراض الري والشرب، إلى السد الاثيوبي باعتباره خطراً وجودياً عليها.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قال في أبريل/ نيسان الماضي إن إصرار بعض الأطراف على إقامة مشروعات عملاقة لاستغلال الأنهار الدولية بشكل غير مدروس ودون مراعاة لأهمية الحفاظ على سلامة واستدامة الموارد المائية بات يهدد مستقبل شعوب المنطقة ويؤثر على أمنها وسلامتها.
وتدفع مصر والسودان باتجاه الضغط على إثيوبيا من أجل التوقيع على اتفاق ملزم حول ملء وتشغيل السد الكبير المقام على نهر النيل الأزرق والذي بدأ العمل في إنشائه في 2011.
أما في إثيوبيا، فيُنظر إلى سد النهضة حال تشغيله بكامل طاقته، بوصفه المحطة الأكبر أفريقيا لتوليد الكهرباء، والتي ستوفرها الحكومة لنحو 65 مليون إثيوبي محرومين منها، حسب إحصاءات رسمية.
اقتراح تونسي لتشغيل السد
وكانت تونس قد اقترحت على مجلس الأمن الضغط من أجل إبرام اتفاق ملزم بين إثيوبيا ومصر والسودان بشأن آلية تشغيل سد النهضة الإثيوبي الكبير لإنتاج الكهرباء في غضون ستة أشهر، وفقا لمشروع قرار يناقشه المجلس الخميس.
ووزعت تونس مقترح المشروع على مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوا، على الرغم من أنه لم يتضح بعد متى يمكن طرحه للتصويت.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن دبلوماسي إثيوبي رفيع في نيويورك قوله: إن مشروع القرار من شأنه أن “يُفسد فعليا” عملية الوساطة التي يقودها الاتحاد الأفريقي بين الدول الثلاث، وإن إثيوبيا تعمل على التأكد من عدم اعتماده. ولم ترد بعثة تونس لدى الأمم المتحدة على طلب للتعليق على الموضوع.
وتدعو مسودة المشروع “الدول الثلاث إلى الامتناع عن الإدلاء بأي تصريحات أو اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يعرض عملية التفاوض للخطر، كما تحث إثيوبيا على الامتناع عن الاستمرار في ملء خزان السد من جانب واحد”.
لا حل إلا بالحوار
وفي وقت سابق، قال مفوّض السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن حل أزمة سد النهضة يتم عبر الحوار، وإن الاتحاد يتفهم مخاوف مصر والسودان بشأن أزمة السد. وأوضح بوريل أنّ أزمة سد النهضة ليست على أجندة اجتماع الوزراء، لكنها ستناقش في إطار البند الخاص بإثيوبيا وفي سياق الحديث عن إقليم تيغراي.
ويعقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعهم الشهري في بروكسل الذي سيخصص لبحث التطورات في كل من أفغانستان ولبنان وإثيوبيا.
قال وزير الري الإثيوبي سيليشي بقلي إن بلاده مستعدة للانخراط مع الأطراف الأخرى لوضع اللمسات الأخيرة على صفقة عادلة ومربحة للجميع، في حين أكدت مصر أن مؤسساتها تحدد خياراتها في الوقت الملائم وباتزان. وأكد بقلي أن بلاده تقدّر تفهم أعضاء مجلس الأمن للمساعي التنموية لإثيوبيا، وإعادة الملف إلى الاتحاد الأفريقي.
وقالت الخارجية المصرية إنها تقدر بيان الاتحاد الأوروبي الذي انتقد بدء إثيوبيا التعبئة الثانية لسد النهضة بشكل أحادي، من دون التوصل إلى اتفاق مع دولتي المصب.
وأضافت الخارجية في بيان لها أن الوزير سامح شكري جدد – التأكيد على أهمية وضع خارطة طريق تضمن التوصل إلى اتفاق عادل وملزم، في إطار زمني محدد بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.
وزيرة خارجية السودان بموسكو
ومن جانبها، اعتبرت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي أن التحركات الإثيوبية الأحادية في تعبئة سد النهضة مضرة ببلادها، ويجب أن تكون محل شجب.
وفي مؤتمر صحفي في موسكو مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، أثنت الوزيرة السودانية على الدور الروسي بمجلس الأمن الرافض للتحركات الأحادية في قضية سد النهضة.
وفي السياق ذاته، أفصح مصدر مطلع، عن مبادرة من الاتحاد الأفريقي لاستئناف المفاوضات حول سد النهضة. وأضاف المصدر أن الخرطوم لم تتلق بعد إخطارا رسميا بشأن المبادرة، وذلك ردا على الأنباء التي تحدثت عن أن الاتحاد الأفريقي دعا خلال اليومين الماضيين الأطراف المعنية بقضية سد النهضة إلى جولة مفاوضات جديدة.
وفشلت عدة مفاوضات ووساطات، عقدت وتعقد بين الدول الثلاث بشأن السد، حتى الآن في التوصل إلى اتفاق.