عسكريون سابقون ينشطون حاليا في سوق المرتزقة بالعالم، يتقدمهم مرتزقة كولمبيا فيوظفون خبرات اكتسبوها على مدى عقود من القتال ضد مهربي المخدرات والمتمردين.
تصدرهم كولومبيا لخوض معارك في اليمن وأفغانستان، ومراقبة خطوط أنابيب نفط في الشرق الأوسط، وتدبير اغتيالات.
ويشتبه بأن 26 مرتزقة كولومبيا شاركوا في اغتيال رئيس هاييتي جوفينيل مويس، الأربعاء الماضي، في مقر إقامته في بور أوبرانس، بحسب سلطات البلد. وقد قُتل اثنان منهم على الأقل وأوقف 15 أخرون، وسرعان ما أكدت بوغوتا أن 17 على الأقل من المهاجمين عناصر سابقون في جيشها.
ووجود المرتزقة في الدولة الصغيرة الواقعة في الكاريبي، يسلط الضوء على مشاركة جنود محترفين سابقين في السوق الدولية المربحة للمرتزقة، حيث الحضور الأكبر للشركات الأمنية الإنجليزية والفرنسية والبلجيكية والجنوب أفريقية.
خبرة قتالية
ويقول الباحث في الظواهر الإجرامية خورخي مانيا “هناك خبرة كبيرة في مجال الحروب غير التقليدية، فالجندي الكولومبي مدرّب، ولديه خبرة قتالية، كما أنه يد عاملة قليلة الكلفة”.
ويبلغ تعداد سكان كولومبيا 50 مليون نسمة، وشهدت نزاعا مسلحا داخليا استمر عقودا، وتعتبر منجما لا ينضب من الجنود؛ إذ يبلغ تعداد قواتها المسلحة 220 ألف عسكري.
وجميع هؤلاء الجنود مقاتلون شرسون معتادون على التحرك في محيط معادٍ، سواء في مكافحة عصابات تهريب المخدرات أو عناصر القوات المسلحة الثورية (فارك) سابقا، أو مقاتلي جيش التحرير الوطني، آخر مجموعة مسلحة ما تزال نشطة في البلد.
ويغادر آلاف الجنود صفوف الجيش كل سنة، سواء لتعذر الحصول على ترقية أو زيادة في الراتب، أو لاستبعادهم بسبب سوء سلوكهم أو لإتمامهم 20 عاما في الخدمة.
وقال رئيس الجمعية الكولومبية للضباط المتقاعدين، الكولونيل جون مارولاندا، إنه في كل سنة “يخرج ما بين 10 و15 ألف جندي من صفوف الجيش، إنها بيئة إنسانية من الصعب للغاية السيطرة عليها”.
وأوضح أن العسكريين الذين يخرجون من الجيش -بصورة عامة- شبان معاشاتهم التقاعدية متدنية، مما يجعلهم “منفتحين على فرص اقتصادية أفضل”. واعتبر أن الوحدة الخاصة التي يشتبه بأنها نفذت العملية في هاييتي “نموذجا” لتجنيد شركات خاصة عسكريين كولومبيين سابقين ليعملوا مرتزقة وينفذوا عمليات في الخارج.
وأعلنت السلطات الكولومبية أن لديها معلومات عن 4 شركات ضالعة في العملية في هاييتي، من دون كشف مزيد من التفاصيل.
سوابق وخلفيات
وفي حديث لمحطة إذاعية، قالت امرأة إنها رفيقة لأحد الكولومبيين الموقوفين، وأفادت بأنه كان قد تلقى اتصالا من شركة أمنية عرضت عليه أجرا قدره “2700 دولار في الشهر”.
وخرج الرجل من الجيش عام 2019، وكان موضع تحقيق في كولومبيا في قضية مقتل مدني حين كان عسكريا في إطار فضيحة “الحالات الإيجابية الزائفة” المتعلقة بقتل 6 آلاف و400 مدني بين 2002 و2008 الذين قدمهم الجيش على أنهم مقاتلون من حركات التمرد اليسارية. وكان العسكريون يحصلون على ترقيات وإجازات لقاء هذه النتائج “الإيجابية”.
وفي مايو/أيار 2011، كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن طائرة تقل عشرات العسكريين السابقين الكولومبيين حطت في أبو ظبي للانضمام إلى قوات من المرتزقة يعملون لحساب الشركة الأمنية الخاصة الأميركية “بلاك ووتر”، لمراقبة البنى التحتية في الإمارات العربية المتحدة.
وبعد 4 سنوات، أوردت الصحيفة أن مئات الكولومبيين يقاتلون في اليمن لحساب دولة الإمارات.
وأوضح خورخي مانيتا “حصلت فورة في هذا القطاع” منذ 10 سنوات، حين بدأت الولايات المتحدة تبديل قواتها في الشرق الأوسط “بشركات أمنية خاصة؛ لأن ذلك يتضمن كلفة سياسية أدنى على صعيد الخسائر ويشكل نطاقا ملتبسا في القانون الدولي”.
وفي حال وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان، فإن “المسؤولية القانونية تكون على عاتق المرتكبين الماديين” وليس الدولة أو الشركات المتعاقدة معهم، بحسب الباحث خورخي مانيا.
المصدر: الفرنسية