اعتبر “سايمون هندرسون” وهو زميل بيكر في “معهد واشنطن” ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في المعهد فيي مقال له أن استضافة الأمير السعودي خالد بن سلمان في واشنطن خطوة جيدة للعلاقات الثنائية، لكن ربما كانت المباحثات غير سهلة بالنظر إلى التعقيدات المتعلقة بمبيعات الدفاع، والتطبيع بين “إسرائيل” وكل من الإمارات والبحرين، والخلافات الداخلية في “أوبك”، والتداعيات المستمرة بشأن قضية خاشقجي.
في السادس من تموز/يوليو، أجرى نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان محادثات مع مسؤولين أمريكيين في واشنطن. والأمير خالد هو الشخصية السعودية الأرفع مستوى التي تزور واشنطن منذ تولي الرئيس بايدن منصبه. وسابقاً شغل نجل العاهل السعودي البالغ من العمر 33 عاماً منصب سفير السعودية في واشنطن في الفترة 2017-2019، ومن ثم عاد إلى الرياض لإدارة وزارة الدفاع بشكل أساسي نيابة عن شقيقه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي يشغل منصب وزير الدفاع الإسمي والحاكم الفعلي للمملكة.
ويتمتع الطيار السابق لطائرات “أف-15” بخبرة قتالية في الحرب ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” واليمن، ويُعتبر حالياً المستشار الأكثر موثوقية لولي العهد. وهناك بنداً في قانون الخلافة السعودي يمنعه نظرياً من خلافة محمد بن سلمان، لكنه يبقى المرشح الأوفر حظاً نظراً لصغر سن أبناء ولي العهد.
وكان القلق السياسي قد خيّم على نهاية ولاية خالد كسفير قبل عاميْن إثر مقتل الصحفي في “واشنطن بوست” جمال خاشقجي في تشرين الأول/أكتوبر 2018 داخل القنصلية السعودية في اسطنبول. وكان خاشقجي قد التقى بالأمير خالد في سفارة السعودية بواشنطن قبل أن يسافر إلى تركيا. وخلص تقرير استخباراتي رُفِعت عنه السرية هذا العام إلى أن محمد بن سلمان “وافق على عملية…لاعتقال الصحفي أو قتله”. وفي تناقض واضح مع إدارة ترامب، تعاطى الرئيس بايدن مباشرة مع الملك سلمان المريض وليس مع محمد بن سلمان، الذي يتباحث مع نظيره الأمريكي وزير الدفاع لويد أوستن [عند الضرورة].
بالإضافة إلى ذلك، تأتي زيارة الأمير خالد في أعقاب الأنباء التي ترددت بأن الجيش الأمريكي سيسحب بعض دفاعاته الصاروخية من المملكة ودول خليجية أخرى. وكان قد تمّ في الأصل نشر منظومات دفاع إضافية في المنطقة في عام 2019 بعد أن استهدفت طائرات بدون طيار وصواريخ إيرانية منشآت نفط محلية. وفي نيسان/أبريل الماضي، بدأت الرياض وطهران محادثات مباشرة لاحتواء مثل هذه التوترات، والتي امتدت أيضاً لتشمل انصار الله في اليمن الذين يهاجمون أهدافاً سعودية.
وعندما أجرى الأمير خالد محادثات مع مسؤولين من وزارة الخارجية الأمريكية والبنتاغون ومجلس الأمن القومي الأمريكي “من بينهم المستشار جيك سوليفان”، أفادت بعض التقارير أن النقاشات ربما تركزت على الوضع في العراق وسوريا، والحرب اليمنية والأزمة الإنسانية المرتبطة بها، والقضايا الإسرائيلية – الفلسطينية. وقد اجتمع أيضاً مع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن. [وقبل وصول الأمير خالد إلى واشنطن]، أشارت صحيفة “وول ستريت جورنال” بأن جهوداً قد بُذلت لكي يلتقي بمشرّعين أمريكيين أيضاً، إلّا أن الكونغرس في فترة استراحة خلال هذه الفترة، وأن أعضاءه “مترددون في الانخراط مع السعوديين في الوقت الحالي، نظراً للحساسيات المتزايدة”.
إن مصدر القلق الرئيسي للرياض هما على الأرجح إيران واحتمال إحياء الاتفاق النووي. وهناك استياء سعودي أيضاً من موافقة واشنطن على بيع مقاتلات من طراز “إف-35” إلى الإمارات بدلاً من المملكة باعتبارها عميلها الأول في المنطقة. وربما كانت هناك تطورات أخرى في العلاقات السعودية – الإماراتية قد أثرت أيضاً على أجواء محادثات الأمير خالد في واشنطن.
على سبيل المثال، سهّلت الرياض بصورة غير علنية جهود التطبيع بين “إسرائيل” وكل من الإمارات والبحرين في العام الماضي، من خلال سماحها لطائرات الركاب بحقوق التحليق في أجوائها، من بين خطوات أخرى ربما تم اتخاذها جزئياً لإرضاء واشنطن بعد حادثة مقتل خاشقجي. ومع ذلك، لم تنضم المملكة رسمياً إلى “اتفاقيات إبراهيم”، ويعود السبب الظاهري في ذلك إلى قلق الملك سلمان بشأن الفلسطينيين والقدس حسب زعم السعوديين.
وفي الآونة الأخيرة، انهارت المفاوضات ضمن كارتل النفط “أوبك بلس” في 5 تموز/يوليو بسبب الخلافات بين السعودية والإمارات، حيث تريد أبوظبي شمل أي زيادة في قدراتها الإنتاجية ضمن حسابات حصتها، وتمنع اتفاق قصير الأجل يهدف إلى تلبية الطلبات بعد جائحة فيروس “كورونا”.
وفي اليوم نفسه، أعلنت الرياض أن واردات السعودية من دول “مجلس التعاون الخليجي” الأخرى لن تحصل على تخفيضات جمركية مفضّلة إذا كانت تحتوي على مدخلات إسرائيلية. وقد لا يعزى السبب كثيراً إلى عوامل إيديولوجية بقدر ما يكون مدفوعاً بطموح المملكة لتصبح مركزاً تجارياً رئيسياً في المنطقة.
ومهما كان الأمر، فسيُلحق ذلك الضرر بالإمارات وبمركزها التجاري في دُبي، بينما يقوّض التجارة والاستثمارات الإسرائيلية في الإمارات أيضاً، وهو عامل أساسي في عملية التطبيع.
باختصار، وعلى الرغم من أن زيارة الأمير خالد تمثل خطوة مهمة لتحسين العلاقات السعودية – الأمريكية، إلا أنها أيضاً بمثابة تذكير بالخلافات التي تواجهها الحكومتان وشركاؤهما في المنطقة.