رصدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان عدة مؤشرات تثير مخاوف جدية من احتمال تنفيذ السلطات السعودية قريباً إعدامات جديدة، وعودة أرقام أحكام الإعدام المنفذة إلى الارتفاع.
انعدام الشفافية في تعامل الحكومة السعودية مع ملف الإعدام، في ظل تغييب المجتمع المدني، وترهيب واعتقال المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، يمنع الوصول إلى معلومات دقيقة حول أعداد المعتقلين الذي يواجهون عقوبة الإعدام، أو الحالات القانونية في بعض القضايا.
على الرغم من ذلك فإن رصد وتوثيق المنظمة يبين استمرار تهديد 38 معتقلا على الأقل بينهم عدد من القاصرين، تتلاقى المؤشرات الأخيرة لتثير مخاوف حقيقية على حياتهم. متابعات المنظمة للقضايا خلال السنوات السابقة بينت تشابه هذه المؤشرات مع المؤشرات التي رصدت قبل تنفيذ أحكام إعدام جماعية خلال الأعوام 2016، و2017 و2019.
قضايا في مراحل قضائية أكثر خطورة
هناك صعوبة في متابعة وتوثيق القضايا في السعودية، حيث تنعدم الشفافية في تعامل الحكومة حتى مع الأسر والمحامين ما يمنعهم من الحصول على تحديثات في القضايا.
على الرغم من ذلك تراقب المنظمة 38 قضية في مختلف درجات التقاضي. لاحظت المنظمة أنه منذ بداية العام 2021 انتقلت العديد من هذه القضايا إلى مراحل قضائية متقدمة.
من بين القضايا ما انتقل إلى رئاسة أمن الدولة وهي مرحلة تنفيذ الأحكام. ففي قضية القاصر مصطفى آل دوريش، بعد أشهر من محاولة العائلة معرفة مستجدات القضية، أبلغت في بداية يونيو 2021 بتحويلها إلى رئاسة أمن الدولة ليتم تنفيذ الحكم بشكل مفاجئ بعد أيام في 15 يونيو 2021. وهناك مخاوف من نقل قضية الشاب مصطفى الخياط أيضا إلى رئاسة أمن الدولة وقتله، في ظل شحّ المعلومات حول القضية.
إضافة إلى ذلك وفي شهر يناير 2021،أيدت محكمة الاستئناف حكم القاصر عبد الله الحويطي بالقتل بحد الحرابة ورفع إلى المحكمة العليا. كما حولت قضية الشاب علي آل ربيع الذي يواجه حكما نهائيا بالقتل تعزيراً بتهم بينها ما يتعلق بالتظاهر إلى المحكمة العليا.
وفي فبراير 2021 أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة حكما ابتدائي بالقتل تعزيراً بحق الشاب محمد الشاخوري. وإلى جانبه يواجه 12 معتقلا أحكام أولية بالإعدام. وتطالب النيابة العامة بإعدام 20 معتقلا مازالت قضاياهم منظورة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة.
وفيما انتفلت بعض القضايا إلى مراحل قضائية مختلفة، استمر القضاء في السعودية في المماطلة في قضايا أثارت الرأي العام الدولي. حيث مازالت النيابة العامة تصر على طلب قتل بعض الشخصيات البارزة من دون مؤشرات بتغيير ذلك، من بينها قضية الشيخ سلمان العودة وقضية الشيخ حسن المالكي اللذان يواجهان تهما تتعلق بالتعبير عن الرأي.
ارتفاع تنفيذ الأحكام مقارنة بالعام السابق
كسرت الحكومة السعودية خلال ستة أشهر من بداية العام 2021 أرقام العام 2020، حيث نفذت 27 حكما، في تطابق لأعداد الإعدامات التي صرحت عنها هيئة حقوق الإنسان الرسمية. وكانت الهيئة قد تباهت بأرقام الأحكام المنفذة خلال العام 2020 وقالت أنها تطور بارز في تعامل السعودية مع ملف الإعدام كما أشارت إلى أنه يعود إلى إصلاحات قضائية وقانونية. تظهر أرقام الإعدامات المنفذة خلال الأشهر الست الأولى من العام 2021 زيف ادعاءات الهيئة حول الإصلاحات.
وفي حال استمر تنفيذ الأحكام بهذه الوتيرة، تتوقع المنظمة الأوروبية السعودية تضاعف الأرقام عن السنة الماضية، وهو ما يثير المخاوف على حياة الأفراد الذين لا زالوا يواجهون خطر الإعدام في مراحل قضائية مختلفة.
عدم اتخاذ اجراءات قانونية أو عملية بشأن الوعود والتصريحات الرسمية
شهد العام 2020 عددا من التصريحات الرسمية التي تتعلق بتخفيض الإعدامات، بينها نشر أمر ملكي أكد استبدال أحكام الإعدام تعزيرا الصادرة بحق القاصرين بأحكام بالسجن. إضافة إلى ذلك أكدت هيئة حقوق الإنسان الرسمية وقف أحكام الإعدام بحق كافة القاصرين أمام مجلس حقوق الإنسان. وكانت الهيئة قد أصدرت بيانا آخر في يناير 2021 قالت فيه أن السعودية أوقفت أحكام الإعدام بجرائم المخدرات.
لم تترجم التصريحات بشكل قانوني، حيث لم يتم وضع عقوبات بديلة في قانون مكافحة المخدرات، ولا يزال معتقلون يواجهون أحكاما نهائية بالإعدام في قضايا تتعلق بالمخدرات يواجهون مصيرا مجهولا. وبحسب متابعة المنظمة الأوروبية السعودية لم تتخذ الحكومة السعودية أي اجراءات قانونية بحقهم ما يعزز حالة انعدام اليقين حول مصيرهم والخوف على حياتهم مع وجود المادة القانونية التي تنص على قتلهم وبقاء الأحكام الصادرة بالقتل معلقة ولم تتغير حالتهم القانونية. من بينهم المعتقل الأردني الجنسية حسين أبو الخير المحكوم إعدام منذ العام 2015.
إضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من الدعاية الكبيرة التي قامت بها السعودية وقالت فيها أنها وقفت أحكام الإعدام بحق القاصرين، أعدمت في 15 يونيو 2021 مصطفى آل درويش وادعت بعد ذلك أنه لم يكن قاصرا لتبرير قتله. قتل درويش ترافق مع استمرار تجاهل المطالب وخاصة من قبل هيئات مجلس حقوق الإنسان، بنشر الأمر الملكي الذي قالت هيئة حقوق الإنسان الرسمية بأنه ينص على وقف أحكام القتل تعزيرا بحق القاصرين. وتمكنت المنظمة من رصد عدة قضايا لقاصرين يواجهون خطر الإعدام هم عبد الله الحويطي، سجاد آل ياسين، جلال اللباد، ويوسف المناسف.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية أنه في ظل انعدام التغيير القانوني واستمرار محاكمات الأفراد بتهم لا تعد من الأشد خطورة وطلب النيابة قتلهم، إلى جانب انعدام سبل المسائلة في التعذيب والانتهاكات خلال المحاكمات، تتزايد المخاوف من حملة جديدة من الإعدامات، قد تكون جماعية أو فردية.
وتؤكد المنظمة أن الحكومة السعودية وأجهزتها الرسمية، لطالما أطلقت وعودا كاذبة. ففي أبريل 2018 وعد ولي العهد محمد بن سلمان في مقابلة مع مجلة “تايم”، بتقليل أحكام الإعدام إلى الحد الأدنى لتشهد الأعوام التي تلت أرقاما غير مسبوقة في التنفيذ. وفي أبريل 2019 نفذت حكم إعدام بحق الشاب حيدر آل ليف بعد تأكيدها لمقرري الأمم المتحدة استبدال الحكم الصادر بحقه بحكم بالسجن. وصدر نظام الاحداث الذي يمنع قتل القاصرين تعزيرا في عام ٢٠١٨ لكنها اعدمت عدداَ منهم في مجزرة ابريل ٢٠١٩ الجماعية.
بالتالي فإن انعدام الثقة في التصريحات والوعود، إلى جانب المؤشرات الأخيرة التي تتلاقى إلى حد بعيد مع المؤشرات التي سبقت الإعدامات الجماعية في أبريل 2019 و يناير 2016، تؤكد المخاوف من تضاعف أرقام تنفيذ أحكام الإعدام.