المشهد اليمني الأول| خاص
مؤسسة الحكم في أمريكا كماهو أسمها تعمل وفق نظام مؤسسي عموده الفقري مؤسسات الأبحاث اللتي تعمل وفق رؤية ثابته وهي ريادة امريكا وهيمنتها على العالم بما يخدم استمرار أكبر إمبراطورية عرفتها البشرية .
ومن هذه الرؤية تعمل مؤسسات الأبحاث على بناء استراتيجيات تخدم هذه الرؤية ويتبقى على المؤسسة التنفيذية تنفيذ الخطط المرحلية والقيام بالتكتيكات اللتي تتناسب مع وجهة نظر المؤسسة التنفيذية وعلى رأسها الرئيس الأمريكي أي أن مجال التحرك والمناورة هو ضمن الاستراتيجيات المرسومة بناء على دراسات علمية معمقة ودقيقة وبالتالي فلا توجد أحزاب في أمريكا هناك حزب واحد بوجهتي نظر إحداها محافظ والأخر ليبرالي. مايهمنا من هذه القضية هي مامدى تأثير نتائج الانتخابات الأمريكية على قضايانا الأساسية؛
مما لاشك فيه أن الاستراتيجية المرسومة لمنطقتنا هي استراتيجية الفوضى الخلاقة وهي الفوضى اللتي تهدم منظومة سايكس بيكو ونظام الدولة الوطنية لخلق تقسيم جديد قائم على الهوية الطائفية والاثنيات العرقية ؛
وهنا يطرح سؤال لماذا أصبحت سايكس بيكو ونظام الدول الوطنية غير صالحة ولا تخدم المصالح الأمريكية وبالتالي قرر الأمريكان إعادة تشكيل المنطقه وفق استراتيجية الفوضى الخلاقه؟؟
رغم أن كل أنظمة المنطقه كانت تابعة للمنظومة الأمريكية إلا أن تراجع وانكماش الاقتصاد الأمريكي كنتاج لظهور منافسين أقوياء حول العالم غير مسيطر عليهم وعلى رأسهم الصين والهند وروسيا وما يترتب عليه ذالك من استمرار معدلات نمو مرتفعه لهذه البلدان
وبالتالي زيادة حاجتها للموارد الأساسية والأسواق وهو ما سيدفعها تلقائيآ لمد نفوذها وتوسيع دائرة مجالها الحيوي إلي مناطق الهيمنة الأمريكية فيما يعرف بالتمدد الجيواستراتيجي؛
هذا القلق الأمريكي المستقبلي من تعاظم نفوذ قوى منافسة بالتزامن مع تراجع الهيمنة الأمريكية المطلقة على السوق العالمية وهو ما سينعكس انحسار وتراجع جيواستراتيجي أمريكي من أولى مناطق التماس في الشرق الأوسط؛
هذا القلق المبني على دراسات معاهد الأبحاث دفع الولايات المتحدة للتخطيط لتأمين مناطق نفوذها فالدول الوطنية أصبحت هشه وغير صالحة لمقاومة النفوذ القادم من الشرق خصوصآ في ظل تراجع النفوذ والهيمنة الأمريكية وتجربة سقوط مصر بحضن السوفيت إبان الحرب الباردة كانت مثال بارز على هشاشة الدولة الوطنيه اللتي يمكن أن يتمرد رأسها ويعقد صفقه مع قوة أخرى
وبالتالي أحداث زلزال يغير من الخارطة السياسة ويضع الأمريكان كما وضع الإنجليز والفرنسيين من قبل أمام خيارين أما الانسحاب أو الدخول في حرب عالمية مع المنافس؛
كانت أكبر كارثة جيواستراتيجيه واجهتها الولايات المتحدة بعد استعادة مصر هي الثورة الإسلامية في إيران اللتي فتحت فجوة هائله داخل منطقة الشرق الأوسط مما جعل كل دول المنطقه في وضع هش ورغم كل الحروب (حرب الخليج الأولى والثانيه وحرب لبنان 2006 واحتلال العراق وأفغانستان) والحصار الأمريكي فشلت امريكا في إقفال هذه الفجوة لذى كان لابد من إعادة رسم الخارطة السياسية للمنطقة وإلغاء الدولة الوطنية وعبر برنامج الفوضى الخلاقة دفع الشعوب لقناعة أن المخرج من جحيم الفوضى هو القبول ببناء كيانات طائفية هشه تحت الحماية الإسرائيلية وبالتالي نشوء إسرائيل الكبرى اللتي ستتحكم في هذه الكيانات وتقف في وجه أي تمدد للقوى الجديدة وبالتالي الحد من قدرتها على الوصول للموارد والأسواق ليصار إلي وقف أو التحكم في نموها وبذالك تضمن أمريكا استمرار تربعها على عرش العالم.
هناك وجهتي نظر في الولايات المتحدة إحداها تعتمد الدبلوماسية والقوة الناعمة وإستخدام وكلاء لتنفيذ الفوضى الخلاقه وهذه الوجهه يتبناها الديمقراطيون اللتي مرشحتهم كلينتون أما وجهة النظر الأخرى فهي ترى أن مزيد من القوة وقليل من الدبلوماسية هما الوسيلة الأفضل لتحقيق الهدف الأساسي وهو تحطيم الدول الوطنية والتسريع ببناء إسرائيل الكبرى وهذه الرؤية يتبناها الجمهوريين واللذي فاز مرشحهم ترامب بالرئاسة الأمريكية.
الجانب الإيجابي الوحيد في فوز ترامب هو أن الإسلام السياسي كأداة هدم (بذراعية الوهابي والاخواني) سيعجل بالتخلص منه فلم تعد امريكا بحاجة لأدوات وفق رؤية ترمب في عهد ترمب ستفكك مصر والسعودية وربما تصل الحدة لتقسيم تركيا وإيران وستختفي دول مثل العراق وسوريا والأردن واليمن ولبنان وإلي الأبد .
لذى تبقى الصرخة هي آخر الحصون التي يمكن أن تقف خلفها الشعوب العربيه والاسلامية لتتوحد في وجه الطوفان القادم وتجعل بوصلتها أمريكا ومواجهة إسرائيل.
بقلم: صوت حر