التقى بعد أشهر من لقاءات عبر الفيديو، قادة قمة الدول السبع الكبرى يوم الجمعة في كورنوول البريطانية حول الطاولة نفسها للبحث في المشكلات العالمية وسط تصميم على تأكيد وحدتهم في مواجهة الأزمات العالمية بدءا بالمناخ والوباء مع التركيز على إعادة توزيع مليار جرعة لقاح ضد كوفيد-19.
وأعربت مجموعة قمة الدول السبع الكبار في البيان الختامي الصادر عن قمتها في كورنوال البريطانية عن دعمها لاستئناف الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى الكبرى عام 2015.
وأبدت السباعية في البيان المؤلف من 25 صفحة التزامها بضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي، مرحبة بـ”المشاورات الجوهرية” الجارية حاليا في العاصمة النمساوية فيينا بين الأطراف الحالية في الاتفاق النووي والولايات المتحدة بهدف عودة طهران وواشنطن إلى تطبيق كامل مسؤولياتهما بموجب الصفقة.
واختتم قادة قمة الدول السبع، اليوم الأحد، قمّتهم المنعقدة في بريطانيا، حيث اتفقوا على مواجهة نفوذ الصين وروسيا، وتوزيع مليار جرعة لقاح ضد فيروس كورونا عالميا، وتسريع التصدي للتغير المناخي. وذكر البيان الختامي للقمة أن الدول السبع ستقدم مليار جرعة من اللقاحات خلال العام المقبل، وستعمل مع القطاع الخاص ومجموعة العشرين ودول أخرى من أجل زيادة المساهمة على مدى الأشهر المقبلة.
وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، خلال مؤتمر صحفي في ختام القمة، “طالبت نظرائي بالمساعدة في تحضير الجرعات اللازمة وتوفيرها من أجل تلقيح العالم بحلول نهاية عام 2022″، مضيفا أن قادة الدول السبع تعهدوا بتوفير أكثر من مليار جرعة عبر التمويل أو آلية كوفاكس.
بدوره، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في رسالة مصورة بثها على تويتر، إن “الأولوية هي ضمان قدرتنا على تلبية الطلب على اللقاحات، وهنا يتولى الاتحاد الأوروبي زمام القيادة. وانضم لنا شركاء الآن لتسريع إنتاج اللقاحات وتوزيعها في أنحاء العالم”.
التغير المناخي
وتركزت أعمال القمة في يومها الأخير على المناخ، وهو تحدّ كبير لدى المملكة المتحدة التي تستضيف، في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، قمة الأمم المتحدة الكبيرة بشأن المناخ “كوب 26”.
حيث ستكون مكافحة الاحترار المناخي أولوية أخرى في القمة التي تعتمد الحياد الكربوني، قبل مؤتمر الأمم المتحدة الرئيسي حول المناخ (مؤتمر الأطراف السادس والعشرون) المقرر في تشرين الثاني/نوفمبر في إسكتلندا.
وتعهّد قادة الدول السبع في بيانهم الختامي بتسريع التصدي للتغير المناخي، محددين لأنفسهم هدفا بخفض انبعاثات الدول من ثاني أكسيد الكربون بمقدار النصف بحلول عام 2030، وزيادة المساعدات المالية للدول الأكثر فقرا. وقال جونسون في مؤتمره الصحفي “أعلنّا بوضوح أنه يتعين علينا أن نبدأ بتطبيق التدابير ومساعدة الدول النامية في الوقت نفسه”.
روسيا والصين
وعلى الصعيد السياسي، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن في مؤتمر صحفي بعد انتهاء القمة أن بلاده عادت بحضور كامل في الدبلوماسية الدولية، عبر قمة مجموعة السبع التي عكست “تعاونا وإنتاجية استثنائيين”. وأشار إلى أن الدفاع المتبادل عن حلف شمال الأطلسي “واجب مقدّس” وأن القوى الديمقراطية تخوض “منافسة مع تلك الاستبدادية”.
وتعهّد بايدن بأن يكون “واضحا جدا” مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في شأن الخلافات، كما شدد على أنه لا يسعى إلى “نزاع” مع الصين.
بدوره، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحفي أن مجموعة الدول السبع “ليست ناديا مناهضا للصين”، بل تمثّل “تجمعا لديمقراطيات” تسعى إلى “العمل مع الصين بشأن كافة القضايا العالمية” وبمعزل عن الخلافات.
ودعت مجموعة قمة الدول السبع الصين في البيان الختامي إلى “احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية” في كل من إقليم شينجيانغ (غرب) حيث تتهم بكين بارتكاب انتهاكات ضد الأقليات، وهونغ كونغ حيث تستهدف الناشطين المدافعين عن الديمقراطية. وطالبت المجموعة الصين أيضا بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية لإجراء تحقيق شفاف وعلمي في مرحلته الثانية بشأن مصدر فيروس “كوفيد-19”.
قمة الدول السبع
ودعمت مجموعة قمة الدول السبع، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وكندا، تأسيس نظام ضريبي “أكثر إنصافا”، يفرض حدا أدنى للضرائب على الشركات ويشمل حملة مشتركة ضد التهرّب الضريبي، في إطار ما وصفتها بجهود رامية لتقليص عدم المساواة.
واتفق القادة خلال القمة المنعقدة في بريطانيا على “ضمان ازدهارنا المستقبلي عبر الدفاع عن تجارة أكثر حرية وإنصافا في إطار نظام تجاري يتم إصلاحه واقتصاد عالمي أكثر مرونة ونظام ضريبي عالمي أكثر إنصافا”. وانتهى اليوم الثاني لأعمال القمة، يوم أمس السبت، بعد أن شهد جلسات عمل مكثّفة ولقاءات جانبية بعيدا عن الأضواء، بوقت استرخاء في منتجع “كاربيس باي” بمنطقة “كورنوال” جنوب غربي إنجلترا.
وأُعلنت مجموعة قمة الدول السبع مبادرات مشتركة خلال أول قمة حضورية منذ قرابة عامين بسبب كورونا لكن صورة التوافق تلطّخت بخلافات خرجت إلى العلن، بين الأوروبيين والبريطانيين بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) وملف أيرلندا الشمالية الشائك.
وفي وقت سابق، كشفت مصادر مطلعة أن خطة قادة مجموعة السبع تتضمن وقف تدهور التنوع البيولوجي بحلول 2030، عبر حماية 30% على الأقل من الأراضي والبحار، وأن بريطانيا ستُطلق صندوقا بقيمة 500 مليون جنيه أسترليني (أكثر من 582 مليون يورو) لحماية المحيطات والنظم البيئية البحرية في دول مثل غانا وإندونيسيا.