فكرة “زوال إسرائيل” ليست متعلقة فقط بالعرب والمسلمين، إنما هي فكرة يعتقد بها الكثير من اليهود أيضاً، مثل الحاخام شمعون بن يوحاي والحريديم والجماعات المناهضة للصهيونية أبرزها “ناطوري كارتا”، والعديد من الشخصيات الصحفية والمؤرخين، بل وحتى من مؤسسي هذا الكيان “ديفيد بن غوريون” و “ناحوم غولدمان”.
كتاب وقصيدة تاريخيان
هناك نبوءة يهودية أوردها الحاخام “شمعون بن يوحاي” في كتابه “الزوهار”، ويعد “بن يوحاي” من أعظم الحاخامات التاريخيين لليهود، والذي عاش في القرن الثاني الميلادي، وله قبر يزوره اليهود كل عام في جبل ميرون القريب من مدينة صفد (حيث وقع حادث مقتل 38 من اليهود المتدينين في انهيار جسر خلال إحيائهم لحفل في نيسان الماضي).
تتحدث هذه النبوءة عن مصير “إسرائيل”: “يأتون من أرضٍ بعيدة إلى جبل إسرائيل العالي، ينقضون على الهيكل ويطفئون الأنوار، يعبرون فلسطين ناشرين الدمار الكامل ولا تخلص إسرائيل، وكل من صودف طعن، وكل من وقع أخذ بالسيف، وكل من يتلو اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا يقتل، وسيهرب بنو إسرائيل حتى سهل أريحا ثم يأتي أبناء أشور فيدمرون إسرائيل”. مع الإشارة هنا إلى أن “أبناء آشور” تعني أهل العراق.
أما قصيدة “كسرات الغنيزا” التي تشكل نبوءة يهودية قديمة، تصف زمن مشاكل ومعارك في فلسطين قبل مجيء “المسيح المنتظر اليهودي- الماشيح” فتقول: “سوف يتحارب الآدوميون (الروم) والإسماعيليون (المسلمون) في عكا حتى تغوص الخيل في الدم، سوف ترجم غزة وبناتها، وتضرب عسقلون واشدود بالرعب!
حركة “ناطوري كارتا” واليهود المتدينون
ثمة حركة يهودية تطلق على نفسها اسم “ناطوري كارتا” أي حراس المدينة، تعد من اهم وأقدم الحركات اليهودية المتدينة، التي تحارب الفكر الصهيوني في العالم ولا تؤمن بدولة “إسرائيل”، ويبلغ عدد أتباعها ما يفوق نصف مليون في مختلف أنحاء العالم، عشرات الآلاف منهم يتواجدون داخل الأراضي المحتلة في حي “مئة شعاريم” بالقدس ومدينة “بني براك”، ويتصرفون بعكس كل توجهات مؤسسات الكيان الرسمية، بل يحاربونها في كل شيء، من العطل إلى رفض التجنيد.
يقول الناطق الرسمي باسم الحركة” ديفد وايز”: “التوراة تقول إن من يقف ضد إرادة الله لن ينجح، وهذه (الدولة) سوف تنتهي لأنها عبارة عن عمل تمرد ضد ما حرمه الله وحظره، ثم يحمل الصهاينة مسؤولية هم ما يقومون به من اعتداءات، في غزة والضفة الغربية وفي لبنان، مؤكداً أن هذه الاعتداءات ستنتهي قريباً، لكن لا يعلم الوقت المحدد لذلك.
أما الحاخام الأكبر السابق للحركة “موشيه هيرش”، فأكد مراراً بأن كتب التوراة لديهم تتضمن نصوصا واضحة وصريحة تشير الى أن الكيان سينهار ويزول عن الوجود، وتختفي في غضون سنوات قليلة.
صحفيون وكتاب ومؤرخون
أما من رأى من المثقفين في الكيان قرب زواله، فهم كثر بحيث لا يستطيع المقال تعدادهم، لكن سنورد أبرز الآراء: الكاتب الصحفي “آري شبيط” كتب مقالا في صحيفة “هآرتس” بعنوان” إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة” أبرز ما جاء فيه:
1) اجتياز الكيان لنقطة اللاعودة، وأنه يجب فعل ما اقترحه “روعل ألفر” بمغادرة البلاد.
2) يجب النظر بهدوء ومشاهدة دولة إسرائيل، وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة.
3) هناك العشرات ومئات الآلاف من المستوطنين، الذين عادوا لأوطانهم الأم، أو لجأوا لإحدى الدول الغربية بصمت ودون ضجيج، لإدراكهم المستقبل الذي يتجه إليه الكيان، وهو الانهيار والاختفاء من الجيوبوليتك، فكما جاء فجأة، سيزول فجأة بفعل التناقضات الداخلية، وانتفاء المشروعية للدولة الصهيونية بكل المعايير التاريخية والسياسية والقانونية والثقافية والدينية.
البروفيسور “إسرائيل شاحاك” فيقول بأنه متأكد من أن الصهيونية ستندثر في المستقبل فهي تعمل بعكس الآراء المشتركة لمعظم شعوب العالم، مؤكداً أنها ستجلب كارثة على المنطقة، وقبل كل شيء على اليهود أنفسهم.
الصحافي يوسي بيلين في “يديعوت أحرونوت” الذي كتب بأنه يشك في استمرار الوجود الإسرائيلي طويلاً.
المؤرخ الشهير بيني موريس افترض أفقا زمنيا لهذه النهاية المحتومة في رأيه، بحيث اعتبر أن نهاية الكيان محتومة، لقلة اليهود من جهة وكثرة أعدائها من جهة أخرى، ما سيدفع بتطور “العنف” وسيدفع كل من يستطيع من اليهود للهرب إلى أميركا والغرب.
رئيس “الشاباك” ورئيس “الكنيست” السابقين
توصل رئيس الشاباك السابق يوفال ديسكن مؤخراً إلى نتيجة، عرضها في مقال لجريدة “يديعوت أحرنوت”، يستخلص فيها أن “إسرائيل لن تبقى للجيل القادم”، موضحًا أسباب ذلك، بازدياد نسبة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة من جهة، وازدياد نسبة الحريديم من جهة أخرى. والحريديم برأيه هم عالة على المستوطنين الآخرين، لأنهم لا يؤدون التزاماتهم لل “دولة” ولا يخدمون في الجيش، ما سيدفع لآخرين للهجرة، وعندها يصبح الفلسطينيين هم الأكثرية.
أما رئيس الكنيست السابق “أبراهام يورغ”، فقد أثار الجدل الكبير في داخل الكيان، على مدى السنوات السابقة، التي جهر فيها بآرائه وكتبه التي حذرت من توافر أسباب زوال “إسرائيل”، واصفاً الكيان بأنه غيتو صهيوني يحمل أسباب زواله في ذاته.
ويفخر “بورغ” بأنه يحمل جواز سفر فرنسي اكتسبه بالزواج من امرأة فرنسية المولد، وينصح كل مستوطن يستطيع استحصال جواز سفر لدولة غير الكيان أن يفعل ذلك!!
مؤسسو الكيان
أما أكثر الآراء أهمية فهي لمؤسسي هذا الكيان، الذي تكشف آرائهم أن الزوال بأعينهم، هو نتيجة حتمية لا مفر منها.
ف “ديفيد بن غوريون” عاش ومات، وهو مقتنع بحتمية زوال الكيان بعزيمة الأجيال الفلسطينية الجديدة، فقد روى زميله المقرب” ناحوم غولدمان” في كتابه المفارقة اليهودية، تفاصيل لقاء ليلي مطوّل له مع بن غوريون في منزل الأخير سنة 1956، خصه فيها بالكشف عن آراءه الصادمة: اعترف له بحق الفلسطينيين بأرضهم، مؤكداً أن كيانهم هو كيان احتلال.
توقع ألا يدفن ابنه “عاموس” في الكيان، لأن العرب لن يسكتوا ولن يرضخوا لاحتلال ارضهم ومقدساتهم.
“لا يوجد لإسرائيل مستقبل على المدى الطويل دون تسوية سلمية مع العرب”.
أما “غولدمان”
الذي كان من أعلام الكيان، حيث أسس وترأس “المؤتمر الصهيوني” لسنوات، ذكر في عدة كتب له: أن دولة “إسرائيل” سوف تختفي من الوجود إن هي ظلت تمارس الإرهاب اليومي، ولا تعترف بوجود دولة فلسطينية، داعياً الجيل “الإسرائيلي” القادم بأن يعترف بحق الشعب الفلسطيني في الوجود، وأن ينصهر معه في علاقات اقتصادية، متوقعاً أن لا تستمر الولايات المتحدة الأمريكية بمد الكيان بمساعداتها الاقتصادية والعسكرية.