كان حديثُ الصورة التي وثّقها وَنقلها الإعلامُ الحربي اليمني عن عملية جيزان الواسعة أبلغَ من آلاف الكلمات التي من الممكن أن نقولَها في مسعانا لتصوير وَتوصيف الملحمة البطولية الجديدة التي سطّرها رجالُ جيشنا وَلجاننا الشعبيّة البواسل.
هذه الملحمة التي تُضافُ إلى عشرات الملاحم السابقة والموثَّقة تعززُ من تكريس الصورة التي أحدثها المقاتل اليمني في ذهنية المتابع والرأي العام المحلي والدولي عن حقيقة الجيش السعوديّ كما شاهد الجميع في عملية جيزان رغم العدة وَالعتاد وَالهالة الإعلامية التي صُنعت حوله، وَالتصنيفات “الممولة” التي وضعته في قائمة أقوى الجيوش في العالم والوطن العربي، وَكلها محاولاتٌ لإضفاء حالة من الإرهاب النفسي لدى خصومِه وَحشد الدعم المعنوي لأفراده، غير أن الحقيقةَ لا تحتاجُ إلى تهويل وَلا تضخيمٍ، فثمة مشاهدُ تدحَضُ وَمعاييرُ تسقُطُ وَأُخرى تثبت حضورَها وَتوجب أن يعادَ مراعاتُها في المقارنات، قبل أن يسقطَ المصنفون والمراهنون في وحل الصورة وَالفضيحة.
وَكما وَصف شاعرُ اليمن الراحلُ عبدُالله البردوني في إحدى قصائده جيوشَ الاستعمار وَأدواته بكونها مُجَـرّدَ جيوش من الخواء المزخرف وبأن لها حديداً وناراً وهي من القشِّ أضعف، تراءت لنا نُبُوءاته في هذا المشهد وَسابقاته، وَتجلت أمامنا صورة مغايرة لبأس وَشدة المقاتل اليمني بنحافة عوده وبساطة مأكله وَمشربه وَتواضع عدته، غير أنه حين يتسلح بسلاح الإيمان بالله وَبالقضية وَيتغذَّى بدوافعِ الحق وَمشروعية التحَرّك، فَـإنَّه يصبحُ مارداً بعزمه وَصلابته وَجيشاً بشخصِه وَأفعالِه في ميدان المعركة.
سبعة أعوام وَالصورةُ تصدّر هذه العناوينَ وَالحقائقَ وَالنظريات، وَالعدوُّ لا يزالُ في مستنقعِ مؤامراته يتخبَّطُ، مكابراً عن تقبل الهزيمة، أحمقَ في قراءة الدروس والعبر، وَلا مسؤولاً في استمرارِه الدفعَ بجيشه وَطوابير مرتزِقته الرِّخاص إلى المحارق اليمنية.
لم يبقَ شيءٌ لم يصدّره للعقول والألبابِ السليمةِ المقاتلُ اليمني في الميدان وعلى الصورة، حتى ملامح وَبشائر النصر القريب وَالمستحق لشعبنا وَوطننا، حاضراً في أُفُقِها وَفي جغرافيا المعركة في جيزان وغيرها من الجبهات، وَبقي على شعبنا في الجزيرة أن يتجاوزَ فوبيا الخوف وَيغادرَ الصمتَ لإيقاف ألعابِ وأحقادِ هذا النظام الهمجي التي تستنزفُ أبناءَهم ومقدراتِهم.
_____
سند الصيادي