الرئيسية أخبار وتقارير لماذا أقدمت الإمارات على بناء قاعدة عسكرية بمدخل باب المندب؟ عبد الباري...

لماذا أقدمت الإمارات على بناء قاعدة عسكرية بمدخل باب المندب؟ عبد الباري عطوان يجيب!

تقف منطقة باب المندب الاستراتيجية على أبواب تصعيد عسكري جديد قد تتورط فيه دولة الإمارات العربية المتحدة في مواجهة مباشرة مع حكومة صنعاء، إذا صحت الأنباء التي نشرتها وكالة “أسوشيتدبرس” الأمريكية التي تقول إنها، أي الإمارات، تقف وراء بناء قاعدة عسكرية جوية في جزيرة “بريم” المعروفة أيضا باسم “ميون”.

وهي تبدو معلومات صحيحة، لأن الوكالة نشرت صورا تم التقاطها من أقمار اصطناعية يظهر فيها مدرج لهبوط وصعود الطائرات بطول 1.8 كم وثلاثة حظائر للطائرات في الجزيرة.

المهندس هشام شرف عبد الله، وزير الخارجية في حكومة صنعاء، شن هجوما قويا وغير مسبوق على الإمارات وممارساتها غير القانونية والمرفوضة التي تقوم بها في محاولة يائسة لفرض سياسة الأمر الواقع على الجزيرة، التي تتحكم بمدخل البحر الأحمر، واتهمها بمحاولة استقدام سياح إسرائيليين إلى جزيرة سقطرى.

أخطر ما ورد في بيان السيد هشام شرف الذي بثته وكالة الأنباء الرسمية اليمنية توجيهه “النصح” لدولة الإمارات بـ”الحفاظ على أراضيهم وسلطاتهم داخل حدود دولتهم” محذرا من “أن حمم النار يمكن أن تصلهم قريبا إذا واصلوا ممارساتهم ولم يتركوا أرض اليمن وجزرها ويتوقفوا عن اللعب بالنار”.

التحالف الذي يشن الحرب على اليمن منذ أكثر من ست سنوات وتقوده السعودية، اعترف رسميا في بيان له أنه أسس وجودا استراتيجيا على جزيرة يمنية في مدخل باب المندب لمواجهة التهديدات المحتملة للتجارة البحرية من قبل جماعة “أنصار الله” الحوثية، وكان لافتا أن الحكومة الشرعية ورئيسها السيد عبد ربه منصور هادي لم تصدر أي بيان يؤيد أو يعارض هذه الخطوة، الشيء نفسه يقال عن المجلس الانتقالي الحاكم في مدينة عدن، وتتردد معلومات بأن الرئيس هادي رفض تأجير الجزيرة لدولة الإمارات في معاهدة تمتد لعشرين عاما.

الترجمة العملية لنصائح وزير خارجية حكومة صنعاء وتهديداته تعني فتح جبهة عسكرية ضد الإمارات ظلت مغلقة طوال السنوات الست الماضية من عمر الحرب اليمنية، ربما تتمثل في إطلاق صواريخ على مطاراتها وبناها التحتية على غرار الهجمات التي تشنها حركة “أنصار الله” الحوثية وقواتها، على المملكة العربية السعودية ووصلت صواريخها وطائراتها المسيرة إلى معظم الأهداف الاستراتيجية في العمق السعودي، بما في ذلك عصب المنشآت النفطية وموانئ تصدير النفط.

ما يؤكد هذه “الفرضية” التصريح الذي ورد على لسان اللواء حسين سلامي قائد الحرس الثوري الإيراني، وبثه التلفزيون الرسمي قبل أسبوعين، وقال فيه “إن الإمارات قلقةٌ من الحوثيين وإذا اشتعلت عملياتهم ضد الإمارات سيحدث فيها ما حدث بالسعودية”، وهو التصريح الذي أثار العديد من علامات الاستفهام في حينه.

دولة الإمارات، وحسب وكالة “أسوشيتد برس” التي كانت أول من بث الخبر، رفضت التعليق، ولكن مسؤولين أمريكيين عسكريين أكدوا أنها، أي دولة الإمارات، “نقلت أسلحة ومعدات عسكرية وقوات إلى الجزيرة المذكورة خلال الأسابيع الماضية”، وتريد أن يجعل من هذه الجزيرة اليمنية قاعدة تحكم استراتيجية بعيدة المدى بالملاحة في البحر الأحمر.

أكثر دولة قلقة من تنامي القوة الصاروخية، البرية والبحرية لحركة “أنصار الله” الحوثية، هي دولة الاحتلال الإسرائيلي التي يعتبر البحر الأحمر، ومضيق باب المندب، شريان حياة بحري استراتيجي لها ولذلك تسعى جاهدة للسيطرة عليه، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر عبر جهات عربية مثل دولة الإمارات التي وقعت معها اتفاق سلام، أو المجلس الانتقالي اليمني المسيطر على عدن الذي صرح العديد من قيادته أنهم لا يمانعون تطبيع العلاقات مع تل أبيب.

الاحتقان يتضخم في مضيق باب المندب الاستراتيجي، وينتظر المفجر أو عود الثقاب الذي قد يشعل حربا إقليمية كبرى تكون دولة الإمارات من أبرز ضحاياها إذا لم يتم تطويق هذه الأزمة بسرعة، والتراجع بالتالي عن طموحاتها لبناء هذه القاعدة، وبصورة غير قانونية في مدخل البحر الأحمر، والمعلومات المتوفرة لدينا أن إصبع حركة “أنصار الله” الحوثية موضوعةٌ على الزناد وتستعد لإطلاق الصاروخ الأول.

إسرائيل انهزمت في غزة، ولم تستطع حماية مستوطنيها، ولن تنتصر قي باب المندب.. والله أعلم.

عبد الباري عطوان/راي اليوم

Exit mobile version