ذكرت تقارير إخبارية أن تزامن تعيين إسرائيل رئيس جديد للاستخبارات والعمليات الخاصة “الموساد” مع انتهاء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، يطرح تساؤلا يتمثل في مدى معرفة ما إذا كان تعيينا جديدا أم إقالة للرئيس السابق، يوسي كوهين.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد أعلن، الاثنين الماضي، تعيين رئيس جديد للموساد بدءا من الشهر المقبل.
وذلك خلفا ليوسي كوهين الذي شغل المنصب لمدة خمس سنوات، مهمته العليا ستكون منع إيران من التزود بسلاح نووي.
وقال نتنياهو، في حفل لتكريم الرئيس السابق للجهاز، يوسي كوهين:”منحت اليوم جوائز لعمليات استثنائية وفريدة من نوعها نفذها الموساد، كما أعلنت تعيين السيد دافيد “ديدي” بارنيع، رئيسا للجهاز خلفا للسيد يوسي كوهين.”
وتعليقا على هذا التعيين، قال الخبير السياسي الإيراني، هادي أفقهي، إن “إقالة رئيس الموساد يوسي كوهين، بعد 6 سنوات لها علاقة بهزيمه الكيان الصهيوني في حرب غزة الأخيرة”.
ونقلت وكالة “إرنا”، مساء أمس الأربعاء، عن أفقهي، أن “إسرائيل منيت مؤخرا بالكثير من الإخفاقات الأمنية، ولم تستطع معالجتها لا على مستوى عسكري ولا على مستوى أمني، بما فيها انفجار هائل في مصنع للصواريخ البالستية، وانفجار في إحدى مصافي النفط الكبرى”.
وأضاف أفقهي أنه إضافة إلى ذلك، هناك الحرائق الكبيرة الهائلة في الأراضي المحتلة، والتفجير بالقرب من مطار بن غوريون الدولي، والصاروخ الذي سقط قرب منشأة ديمونا النووية.
وكذلك تفجير البواخر التجارية التي كانت تحمل سيارات الشحن، وكذلك الاختراقات الأمنية في 83 موقعا بما فيها مؤسسات وبنوك ومراكز بحثية كلها أدى إلى قرار نتنياهو بإقالة كوهين، لأنه لم يكن يقدر الموقف في داخل الأراضي المحتلة، حتى فيما يتعلق بخارج فلسطين المحتلة.
وقال الخبير السياسي الإيراني: بدأ الموساد يتراجع في أدائه، وقام بعمليات إرهابية هائلة، وحصلت على انتصارات أمنية ضد العدو الصهيوني، ومدة مسؤولية كوهين في الموساد طالت كثيرا. إذا لم تحصل إخفاقات قوية ربما هذه زاد الهزيمة المدوية، أو ربما برر نتنياهو إخفاقاته بأن يلقي اللوم على رئيس الموساد.
هذا وقالت مجلة فورين بوليسي، إن جيلا من النشطاء الشباب على جانبي الخط الأخضر بات الآن يحمل راية الدفاع عن القضية الفلسطينية بعد أن تخلت عنها القيادة الفلسطينية.
ورأت المجلة في تقرير أعدته الصحفية داليا حتوقة، أن السلطة الفلسطينية غابت عن المشهد بشكل مخيف في وقت كانت فيه إسرائيل تقصف قطاع غزة على مدى 11 يوما.
ولم تفعل شيئًا سوى إصدار بيانات إدانة شكلية لحملة القصف الإسرائيلية التي تسببت في سقوط عدد مهول من القتلى بالقطاع.
وقالت إن قادة مدنيين على الأرض، أغلبهم من الشباب الفلسطيني، ملؤوا الفراغ الذي خلفته القيادة الفلسطينية التي فقدت البوصلة.
وقد تمكن أولئك القادة، والكلام للمجلة، من تنظيم إضراب عام في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة وإسرائيل الأسبوع الماضي، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني الفلسطينية، تكلل بالنجاح حيث تم التقيد به بشكل صارم على جانبي الخط الأخضر، مما ألغى ولو مؤقتا الانقسام الجغرافي والسياسي السائد بين الفلسطينيين داخل إسرائيل وفي باقي المناطق الفلسطينية.
وأشار التقرير إلى أن إحباط الفلسطينيين من قيادتهم كان قد وصل إلى مستويات غير مسبوقة قبل الأزمة الحالية بسبب غياب الديمقراطية في ظل سيطرة إسرائيل على شتى مناحي الحياة اليومية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك النظام الانتخابي.
وقالت فورين بوليسي إن العديد من الفلسطينيين يرون أن السلطة الفلسطينية تمنعهم من اختيار ممثلين يتحدثون عن احتياجاتهم وتطلعاتهم، وإن تأجيل الانتخابات الفلسطينية -التي كانت مقررة خلال ربيع وصيف العام الحالي- إلى أجل غير مسمى من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس فاقم خيبة الأمل بين الفلسطينيين، الذين سجلت أعداد غفيرة منهم للتصويت في الانتخابات، على الرغم من الشكوك التي أثيرت حول حريتها ونزاهتها.
كما أشارت إلى أن الدمار والخوف اللذين خلفتهما الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والأزمات الحالية في القدس أنتجت مستويات جديدة من الوحدة بين الفلسطينيين، الذين تحكمهم قيادة منقسمة منذ أمد بعيد.
فقد أدى الانقسام بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، التي تدير الضفة الغربية المحتلة، وحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، التي تسيطر على غزة، إلى انقسام الشعب الفلسطيني جغرافيا وسياسيا، بحسب تقرير المجلة.
وقالت المجلة إن القدس الشرقية، التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967 وتسيطر عليها منذ ذلك الحين، تُركت من دون تمثيل سياسي.
في حين تعيش غزة معزولة تحت وطأة الحصار المفروض عليها منذ عام 2007، أما المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل فهم عالقون بين السعي لتمثيل الأحزاب العربية التقليدية والمشاركة في نظام سياسي إسرائيلي يرفض التعامل معهم بمبدأ المساواة.
وتقول فورين بوليسي إن الفلسطينيين رغم كل ما سبق نظموا مظاهرات الأسبوع الماضي بوصفهم شعبا واحدا على جانبي الخط الأخضر، لقد وحدتهم قضية حي الشيخ جراح، الذي أصبح رمزًا للنضال المشترك واستطاع التغلب على الخلافات التقليدية بين الفصائل، وفقا لتقرير المجلة.
وأشارت إلى أن الشباب الفلسطينيين، الذين لا يجمعهم توجه سياسي معين، استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي للتوعية بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة، والطرد الوشيك لإخوانهم الفلسطينيين في القدس الشرقية.
وقالت إنه على الرغم من حرمانهم من المشاركة في الانتخابات الفلسطينية، واضطهادهم من قبل قوات الأمن الإسرائيلية وأحيانًا الفلسطينية، فإن هؤلاء الشباب الفلسطينيين ما زالوا ينظمون حملات ميدانية، وقد أنشؤوا مجموعات دعم في أماكن من بينها حي الشيخ جراح، وحضروا جلسات المحكمة الإسرائيلية المتعلقة بقضية الحي المهدد سكانه الفلسطينيون بالطرد.
كما استطاعوا إسماع صوتهم من خلال الاحتجاجات والتحدث إلى وسائل الإعلام، ونجحوا في إعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة القضايا السياسية.
وختمت المجلة تقريرها برأي راشد الخالدي، المؤرخ والأستاذ بجامعة كولومبيا، الذي قال إن “من يدّعون أنهم قادة للشعب الفلسطيني فشلوا في وضع إستراتيجية وطنية” وإن “قيادة فلسطين الآن هي المجتمع المدني الفلسطيني”.