لا تنظر السلطات السعودية بخطورة إلى أي جريمة قصوى مثل تعاملها مع التعبير عن الرأي وإظهار أي نقد أو معارضة سلمية.
وكرس ولي العهد محمد بن سلمان سياسة البطش والقمع الممنهج في المملكة حتى وصل اعتبار أي تعبير عن الرأي يمس النظام العام جريمة قصوى تستوجب أشد العقاب وتودي بصاحبها إلى السجن لمدة 5 سنوات وغرامة 3 ملايين ريال.
هذا ما تتبعه أنطمة مكافحة الجرائم المعلوماتية السعودية والتي تتضمن كلمات فضفاضة كثيراً ما تستغلها السلطات السعودية لقمع حرية التعبير والرأي في المملكة والاعتقالات بسبب التغريدات, وآخر المعتقلين بسبب تغريداتهم، الشاب عبد الله جيلان، الذي كشفت منظمات حقوقية عن اعتقاله بسبب ما كتبه على حسابه بتويتر.
ومنذ تولي ابن سلمان السلطة وما زال المئات من معتقلين الرأي يقبعون في سجون المملكة السعودية بسبب تغريداتهم على مواقع التواصل الاجتماعي ومن أبرز هؤلاء المفكر حسن بن فرحان المالكي والشيخ سلمان العودة والناشط عبد العزيز العودة والشاعر عايد رغيان الوردة والدكتور عبد العزيز الفوزان.
واعتقلت السلطات السعودية عبدالله يوسف جيلان بسبب “تغريدة” والتي عبر فيها عن رأيه من حساب لا يحمل اسمه، وانقطع التواصل معه منذ عدة أيام ولم يعرف عنه شيء.
وتحدثت خطيبة يوسف عندما فقدت التواصل معه، وقالت: ” أنا خائفة ومذعورة لا أعرف شيئاً عنه ولا أدري إذا كان ميتاً أو حياً, انا خائفة من أن يصيبه نفس مصير الصحفي جمال خاشقجي أنه وضع مرعب جداً أطلب المساعدة من أي شخص والجميع وأرجو منكم المساعدة”.
وتزعم السلطات السعودية أنها تكفل حق حرية التعبير ولكن على العكس تماماً التعبير عن الرأي يعتبر في المملكة جريمة قصوى.
ووفق آخر إحصائية لعدد المستخدمين لموقع تويتر في السعودية، فإن أكثر من 10 ملايين مستخدم يستخدمون خدمات الموقع في المملكة، ما يجعلها من أكبر دول المنطقة في التعامل مع الموقع الأشهر عالمياً.
لكن هؤلاء محرمون من أي مساحة حرية فعلية في الفضاء الأزرق إذ أن القوانين في المملكة باتت سلاحا يستخدمه ابن سلمان، لتحييد الأصوات الحرة المطالبة بالإصلاح، واحتكار القضاء ليكون منحازا إلى تطلعاته.
وكان ابن سلمان قد سعى لإقرار قوانين جديدة، في حين استغل بعض البنود القانونية لشرعنة حملته التي عملت على تصفية مفكرين ودعاة وناشطين كانوا قد اعترضوا على بعض السياسات ودعوا للإصلاح ومحاربة الفساد.
وأبرز ما يدلل على سياسة السلطة اليوم لاحتكار الرأي العام، هو استهداف الناشطين على السوشيال ميديا، وكذلك المفكرين وبعض الدعاة، حيث كانت حملات الاعتقال مستمرة ضدهم، في حين تمارس أبشع الانتهاكات والتضييق داخل السجون وخارجه.
ولعل استهداف المفكرين والدعاة، تأتي لأغراض السيطرة على الرأي، وحرف مسار القضاء وعمله المهني لصالح تطلعات السلطة على حساب حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير.
وأصبح القضاء اليوم يعاني الانحياز الواضح ضد معتقلي الرأي في المملكة، الأمر الذي انتهكت فيه السلطة القوانين الدولية والمعاهدات التي ترفض توظيف القضاء واستغلاله للانحياز لصالح جهات على حساب حقوق الإنسان.