قالت مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي إن الأزمات والصراعات المتتالية في اليمن، وعدم الاستقرار الذي حاصر البلاد لعقود من الزمان ، تثير التساؤلات حول كيفية مساهمة جغرافيا اليمن الفريدة في ويلاته.. هل تسببت “لعنة الجغرافيا” في انهيار اليمن ؟ حيث وصف الخبير السياسي والعسكري روبرت كابلان اليمن في كتابه “انتقام الجغرافيا” بأنه “قلب مهم للغاية”، وارجع عدم استقراره يعود إلى موقعه الاستراتيجي وتضاريسه.
وأكدت أن الحرب بدأت في اليمن في 26 آذار/ مارس 2015، عندما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية حملت اسم عملية “عاصفة الحزم”.. وبعد ذلك بوقت قصير بسطت السعودية والإمارات سيطرتهما الإقليمية على المناطق الحيوية والاستراتيجية في اليمن، وشكلت كيانات سياسية وعسكرية موازية للحكومة ودعمتها وأحياناً تتنافس معها.. وفي الوقت نفسه يعيش هادي في المنفى في الرياض في وضع يشبه الإقامة الجبرية.
وأفادت مؤسسة كارنيغي أن اليمن تحتل موقعاً استراتيجياً على مضيق باب المندب، لقد كانت مركز الجغرافيا السياسية الإقليمية منذ فترة طويلة. مضيفة أن أهمية مضيق باب المندب ازدادت بشكل كبير عند افتتاح قناة السويس عام 1869، مما أدى إلى نمو حجم التجارة البحرية الدولية.
كما ازدادت أهميته مرة أخرى بعد اكتشاف النفط في شبه الجزيرة العربية وصعود التجارة من شرق آسيا.. يعد الممر المائي الحيوي الآن شرياناً رئيسياً للعولمة لأنه يربط أوروبا بالمحيط الهندي وشرق إفريقيا.
وأوردت كارنيغي أنه منذ أن تدخلت الإمارات وتولت السيطرة الكاملة على موانئ اليمن وجزره الحيوية أعاق اليمن والقدرة على المشاركة في المشاريع التجارية.. كما أن قرار الإمارات ينتهك الحق السيادي لليمن في السعي إلى تحقيق مصالحه الاقتصادية.. في غضون ذلك، تتبع الإمارات أجندة استراتيجية تسعى إلى ضمان سيطرة موانئ دبي العالمية، والسيطرة على الموانئ اليمنية بشكل كامل ومضيق باب المندب.
المؤسسة رأت أن أبو ظبي أعلنت انسحاب قواتها من اليمن رسمياً في فبراير 2020، لكن من المرجح أن تحتفظ بنفوذها في المناطق الاستراتيجية من البلاد سواء كان الاحتفاظ بشكل مباشر أو غير مباشر.. على الرغم من أن الإمارات أخلت معظم منشآتها في إريتريا ، إلا أنها بدأت مؤخراً في بناء قاعدة عسكرية مع مهبط للطائرات في جزيرة بريم. كما أنشأت عدة كيانات سياسية وعسكرية لترسيخ وجودها وسيطرتها.
وأضافت أن هذه الكيانات المدعومة من الإمارات تسيطر على جنوب اليمن، وتتمتع بدعم القوى العظمى الدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا. كما تشير سيطرة الإمارات على المضيق إلى وجود إسرائيلي غير مباشر، خاصة بعد تطبيع العلاقات بين البلدين.. ومع ذلك يجب أن لا يخفى على أحد أن مضيق باب المندب مهم لإسرائيل، وتسعى إلى السيطرة عليه.
وكشفت كارنيغي أن قوات الحشد الشعبي، وجماعات أخرى من حزب الإصلاح المدعومة من تركيا وقطر حاولت أضعاف الجيش واللجان الشعبية من خلال إقحامهم في معركة أخرى في محافظة تعز.. حيث ركزت هذه الجماعات هجومها على غرب محافظة تعز.
وقالت مؤسسة كارنيغي إن الإمارات وتركيا وقطر متورطة في الحرب على اليمن. الصراعات المحمومة بين الدول المتورطة في مأساة اليمن هي نتيجة مباشرة للجشع والطموحات الإقليمية التي دمرت اليمن ويمكن أن تؤدي إلى تجزئة اليمن..حيث أن الإمارات تستمر لعب دورها في اليمن بمباركة ضمنية من الولايات المتحدة.