نشر موقع مجلة “ناشونال إنترست” مقالا للمحلل ألكسندر لانغلويس، انتقد فيه دبلوماسية الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن في أثناء حرب غزة وقال إنها عبارة عن تواطؤ في النزاع الإسرائيلي، وإنه في وقت يلتزم فيه الطرفان بوقف إطلاق النار بعد جولة من الحرب، تواصل الولايات المتحدة كمعوق في التوصل لحل بعيد الأمد.
وأضاف “لانغلويس” انه في وضع يقتضي من قادة العالم شجب العنف وانتهاكات حقوق الإنسان، وبخاصة من الدول القمعية ممن لديها قوة مهمة وميزة قتالية غير متماثلة مع الطرف الآخر، التزم فريق بايدن بـ “الدبلوماسية الهادئة”، ولا يستحق هذا النهج وصف “النجاح” لفشله بمعالجة القضايا الأساسية للنزاع وهو عبارة عن دور أمريكا المعرقل ويأتي على حساب حياة المدنيين ومعظمهم من الفلسطينيين.
وتابع بأن الوضوح حول الأسباب التي قادت إلى الجولة الأخيرة من العنف يمكن أن تساعد على إضاءة نظرة حول عدم فعالية نهج بايدن وغير مناسبته, فالقتال لم يبدأ عندما بدأت حماس صواريخها من غزة، بل نتيجة للقمع المشابه لنظام الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبخاصة الطبيعة العشوائية لإجبار عائلات فلسطينية على الخروج من منازلها بحي الشيخ جراح شرق مدينة القدس، ما يعد تطهيرا عرقيا نظرا لوضعية المنطقة المحتلة، ما أدى إلى أسوأ مواجهات منذ الانتفاضة الثانية.
وأكد أن عمليات الطرد هي نتاج لتطبيق نظام غير قانوني وغير متساو للملكية في المناطق الفلسطينية المحتلة، وأدت إلى احتجاجات في المسجد الأقصى أثناء رمضان وفي أيام العيد.
فعلى مدى ليال متتابعة، قام الجيش الإسرائيلي بمواجهة الاحتجاج في المسجد الأقصى واقتحمه في النهاية، وفي وسط أهم ليلة من ليالي رمضان. وفي سلسلة من الأحداث المسعورة ألقى الجيش القنابل المسيلة للدموع على الفلسطينيين الذين كانوا يصلون مما أدى إلى إنذار من حركة حماس إلى إسرائيل يطلب منها إخراج قوات الأمن أو مواجهة الصواريخ.
وهجمات إسرائيل تتسبب بضرر ضخم ودائم على المدنيين الذين يعانون من نقص البنى التحتية ويعتبر هذا خرقا للقانون الدولي.
وعلى هذه الخلفية، فشلت الولايات المتحدة بمعالجة قلب الموضوع وبطريقة فاعلة. فمن خلال تبني الدبلوماسية الهادئة، كرر بايدن الخطاب من جانب واحد وأن “إسرائيل لها حق الدفاع عن نفسها”، وفي الوقت نفسه أجرى اتصالات خاصة مع المسؤولين الإسرائيليين.
وفي كل نقطة أكدت واشنطن على وجهة نظر إسرائيل، وتحدثت بطريقة غامضة عن “المساواة” التي لم تفعل الكثير لنقد الأذى الذي تعرض له المدنيون وتدمير البنى التحتية أو اضطهاد الفلسطينيين.
واعتبر الكاتب أن نهجا كهذا كامن في الطبيعة التي عفا عليها الزمن، وهي استخدام واشنطن الحيل القديمة، مثل منع مجلس الأمن الدولي وفي عدد من المناسبات من التوصل إلى اتفاق يشجب العنف من الجانبين ويدعو لوقف إطلاق النار، فعلى مدى العقود الماضية استخدمت الولايات المتحدة حق النقد الفيتو وبشكل أوتوماتيكي في أي قضية تتعلق بإسرائيل.
والأمر ذاته واضح في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث تعرف الولايات المتحدة بمنع لغة ناقدة لها ولإسرائيل.
ويبدو أن إدارة بايدن تأخذ بعين الاعتبار المحلية في موقفها من إسرائيل، فالتحول إلى نقد إسرائيل يعتبر مخاطرة في ضوء التقارب في الكونغرس بين الحزبين. وعادة ما يخسر الرئيس الانتخابات النصفية، وقد يستغل الجمهوريون الوضع لو قرر الرئيس اتخاذ مواقف متشددة من إسرائيل، كل هذا سيؤثر على أجندة بايدن المحلية، وكذا محاولاته للعودة إلى الاتفاقية النووية مع إيران.
وقال إن أي نقد لإسرائيل ودعم مبطن لحماس سيعقد من المهمة. ويتحول الموضوع إلى سياسة وليس سياسات حيث اختارت الولايات المتحدة التحايل على اللغة حتى لا تنجر إلى حله. وشجب إسرائيل علنا والالتزام بدعم مشروط، الذي لن يضغط على بنيامين نتنياهو لوقف نشاطات حكومته الخبيثة، ولكن الضغط على الدول الإقليمية مثل الإمارات التي وقعت اتفاقيات إبراهام مع إسرائيل.
وأكد أن المدخل الحالي غير أخلاقي ويفشل بالاعتراف كيف يتم تطبيق الضغط بشكل فعال على إسرائيل بنفس الطريقة التي يطبق فيها على الدول العربية ذات الحركات الكبرى المؤيدة لفلسطين.
ولو قرر بايدن الاعتراف بهذا البديل فسينتج عنه نتائج إيجابية، بعد عدم الاستفادة بطريقة مفضلة من عقود من الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي لإسرائيل. وبمقتل أكثر من 200 شخص وآلاف المشردين والدمار الشامل في القطاع الفقير، فمن الصعب وصف مدخل بايدن بالناجح، بحسب الصحيفة.
وأوضحت: “هنا يكمن فشل الدبلوماسية الهادئة في أوضاع تحدث فيها انتهاكات حقوق الإنسان، فبمنع مجلس الأمن من اتخاذ قرارات وتجنب نقد إسرائيل بشدة تعمل الولايات المتحدة على تمكين إسرائيل من مواصلة انتهاكاتها وقمعها للفلسطينيين واستمرار النزاع. وتفتح الباب لنقد مبرر لأجندة بايدن الذي أطلق سياسة خارجية تقوم على حقوق الإنسان”.
وأضافت: “سيقول قادة العالم إن “عقيدة بايدن” التي يجري العمل عليها تتأثر مثل غيرها بالاعتبارات الجيوسياسية والمحلية. وهذا التواطؤ يتسبب بخسارة إدارة بايدن مصداقيتها على المسرح الدولي. وأسوأ من هذا، فالتواطؤ هو فعل عنف ضد الفلسطينيين. وسيعزز هذا السخط العرقي حيث يصبح الكفاح الفلسطيني أكثر يأسا وتحصل فيه جماعات اليمين المتطرف اليهودية على دعم واسع في داخل إسرائيل”.
وقال: “سيتذكر العالم في النهاية عقودا من الإدارات الأمريكية التي غضت الطرف عن انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين. ومنحت إدارة بايدن فرصة أخرى لكي تثبت فاعلية سياستها الخارجية التي تقوم على حقوق الإنسان ولكنها اختارت بدلا من ذلك تأخير تحقيق العدالة للفلسطينيين مرة أخرى. ومن في فلسطين الذين يعانون دولة تمييز عنصري يرفضون بقاء الوضع على ما هو ويستحقون أكثر من قادة العالم بشكل يساعدهم على محاربة المظالم الأساسية التي يحرمها القانون الدولي”.