اعتبر محللون إسرائيليون أن الحملة العسكرية الأخيرة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة والرد غير المتوقع من قبل الفصائل الفلسطينية طوال 11 يوميا سوف يعرقل أو على الأقل يبطئ وصول قطار التطبيع إلى محطات جديدة في العالمين العربي والإسلامي.
كما رأوا أن جولة القتال الأخيرة بين إسرائيل وحماس، والتي تعتبر أول اختبار لاتفاقات التطبيع، قد تتسبب في حدوث تراجع ملموس بمجالات التعاون والاستثمار بين الدول المطبعة، طالما ظلت القضية الفلسطينية عالقة دون حل.
فمن المرجح أن تعزز نتائج جولة الحرب الأخيرة القناعات في العالمين العربي والإسلامي بأن القضية الفلسطينية لا تزال تلقى صدى بين العرب، وتحظى بتضامن شعبي في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
والعام الماضي أبرمت أربع دول عربية هي السودان والمغرب والبحرين والإمارات اتفاقات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل برعاية من الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس السابق “دونالد ترامب”.
وبحسب الباحث في معهد أبحاث الأمن القومي، في تل أبيب “يوئيل جوجزنسكي”، أنه في ضوء حجم الدمار في قطاع غزة، “اضطرت الدول المطبعة تدريجيا لإظهار دعم أكبر للفلسطينيين”.
ورجح أن وقف إطلاق النار وإنهاء العملية العسكرية، حال دون تآكل محتمل للاتفاقيات وإلحاق الضرر بالعلاقات بين إسرائيل والدول الموقعة على “اتفاقيات أبراهام”.
ويعتقد أن الدول التي قررت تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، سعت إلى فصل مظاهر الدعم الديني والإنساني للفلسطينيين عن الحاجة إلى الاستمرار في الحفاظ على الاتفاقيات، وخاصة الاقتصادية منها.
ومع ذلك، قال “جوجزنسكي” إن أحداث القدس والحرب على غزة قد تزود الدول التي اختارت الجلوس على الحياد وعدم الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، بأسباب إضافية لعدم تطبيع علاقاتها مع إسرائيل مستقبلا.
من جانبه، رأى رئيس الكنيست السابق “أبراهام بورج” أن الحرب على غزة ونتائجها أثبتت مجددا أنه لا مستقبل لاتفاقيات التطبيع دون إنهاء الصراع مع الفلسطينيين، وإقامة دولة فلسطينية ضمن حدود الرابع من يونيو/حزيران (1967) إلى جانب إسرائيل، وفقا للقرارات الدولية.
وقال “بورج” :”لطالما اعتقدت أنا وزملائي أن جوهر المشكلة في منطقتنا هو الصراع مع الفلسطينيين، ولذا هذه الاتفاقيات فارغة”.
وشدد قائلا: “فقط عندما تحل القضية الفلسطينية، سيتم بناء جسور مع بقية الدول العربية والعالم الإسلامي، بالضبط بحسب الخطوط العريضة لاقتراح الجامعة العربية”.
وقال رئيس الكنيست السابق في مقال بصحيفة “هآرتس” “لقد مرت بضعة أشهر فقط على اتفاقيات أبراهام، وعادت فلسطين التاريخية بكامل قوتها للوعي الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة والقدس واللد، لقد اندمجت فلسطين 48 مع فلسطين 67، وتوحدت القدس مع غزة”.
وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت إلى الأنظمة المطبعة خلال الحرب على غزة، فإن “اتفاقيات أبراهام”، بحسب المحاضر والباحث في قسم الشرق الأوسط والإسلام في جامعة حيفا الدكتور يرون فريدمان “صمدت أمام الاختبار، بحيث لم تنسحب أي من الدول التي وقعت اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل العام الماضي من الاتفاقية، واكتفت الإمارات والبحرين والسودان والمغرب بإدانة عامة لاعتداءات إسرائيل على الفلسطينيين”.
واستعرض فريدمان مجموعة من الحلول لملف غزة، ورأى أن من الحلول سيطرة السلطة الفلسطينية على قطاع غزة بدلا من حكم حماس، لكنه يرجح أن الحل الأكثر قابلية للتنفيذ هو الرعاية المصرية لقطاع غزة، وهو ما سيكون تعديلا مهما لاتفاقيات السلام بين إسرائيل ومصر عام 1979، قائلا “ربما يكون مثل هذا الترتيب أفضل من الوساطة المصرية لتحقيق وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل في غزة”.