ما زال سؤال “أين الأمير حمزة بن الحسين” يدور بين الأردنيين، بعد مرور أسابيع على (الفتنة) التي أثارت ضجة واسعة في الشارع الأردني.
ونشرت صحيفة “صنداي تيليغراف” تقريرا لمراسلها في الشرق الأوسط كامبل ماكديرميد وجيمس روثويل تساءلا فيه عن الأزمة في الأردن ومرور أسابيع على “الفتنة” وسؤال أين الأمير، الذي لا يزال يدور بين الأردنيين.
وقالا إن السلطات الأردنية أكدت حل الأزمة لكن المظالم التي دعت إليها لم تحل بعد.
وحسب الصحيفة فإن الملك عبدالله الثاني شعر وبعد شهر من المؤامرة الانقلابية المزعومة التي تم “وأدها في مهدها” بالراحة لأن يغادر البلاد ويقوم بأول زيارة له هذا الأسبوع إلى بروكسل حيث اجتمع مع قادة الناتو والاتحاد الأوروبي.
وفي الوقت الذي يعرف فيه عن حب الملك السفر إلى الخارج إلا أن المواطنين الأردنيين يتساءلون عن أخيه غير الشقيق الأمير حمزة في حملة منسقة على منصات التواصل الاجتماعي مطالبين بمعرفة مكانه بوسم #أين_الأمير_حمزة؟”.
ولم ير الأمير حمزة، 41 عاما، منذ ظهوره مع أخيه لإحياء مرور مئة عام على إنشاء المملكة الأردنية الهاشمية في 11 نيسان/إبريل في مناسبة تم ترتيبها من أجل التأكيد على رأب الصدع الذي تكشف قبل أيام من المناسبة.
وقال صديق مقرب من الأمير “كان في وضع خطير وكنت قلقا على سلامته”، مضيفا أن الأمير لم يظهر على منصات التواصل الاجتماعي منذ حوالي شهر. وقال إن “حمزة وعائلته لن يروا ضوء النهار في نهاية المطاف وهذا هو الخوف الأكبر”.
وبالنسبة لمراقبي الشأن الأردني، فمؤامرة القصر بين متخرجين من كلية ساندهيرست العسكرية البريطانية ربما كانت لها أهمية في ظل السخط الشعبي المتزايد في المملكة التي تقدم نفسها على أنها واحة استقرار في منطقة صعبة، تشهد حروبا ونزاعات.
ومضى شهر على المؤامرة المزعومة، وهناك الكثير من الأسئلة التي لم يجب عليها بعد. ففي 3 نيسان/إبريل اهتزت المملكة الهادئة بأخبار عن إحباط محاولة انقلابية قادها أحد أفراد العائلة وبمساعدة من قوى أجنبية. واعتقلت السلطات الأردنية 18 من حاشية الأمير والمشاركين، والذي قام بمواجهة الإعلان الحكومي ونشر شريط فيديو حكى فيه جانبه من القصة وأنه وضع تحت الإقامة الجبرية.
ونفى حمزة أي علاقة بالانقلاب واتهم النخبة الحاكمة بالفساد والعجز. وقال إنه ليس المسؤول عن انهيار الحكم والفساد والعجز المستشري في بنية الحكم ومنذ 15- 20 عاما ويزداد سوءا و”لست المسؤول عن عدم ثقة الشعب بالمؤسسات”. وأضاف أن الوضع أصبح بدرجة لم يعد فيه أحد قادرا على الانتقاد علانية بدون تعرضه للتنمر والاعتقال والتحرش والتهديد.
ولم يقدم المسؤولون إلا القليل من الأدلة، إلا أن الملك عبد الله، 59 عاما، أعلن في خطاب قُرئ عبر التلفاز أن المؤامرة “وئدت في مهدها”. وقال إن العصيان جاء من داخل وخارج البلد، وأعلن عن أن موضوع الأمير حمزة سيتم حله ضمن العائلة الهاشمية و”حمزة اليوم مع عائلته في قصره وبرعايتي”.
وبعد خطاب الملك بأيام أفرج عن 16 شخصا وبقي شخصان من المتورطين بالفتنة: باسم عوض الله، رئيس الديوان الملكي السابق والشخص الذي تعتبره السلطات الأردنية العقل المدبر للمؤامرة، والشريف حسن بن زيد، أحد أعضاء العائلة الهاشمية الحاكمة والمبعوث السابق للسعودية.
وقررا تعيين محامي دفاع، قاضي أمن دولة وقريب لرئيس الوزراء الحالي، وربما استدعي الأمير حمزة للشهادة مما سيمثل صداعا للدولة.
ولو عقدت المحكمة فإنها ستمثل مشاكل لعدد من الدول الجارة، حسب رئيس الوزراء الأردني السابق طاهر المصري في تصريحات لموقع “أكسيوس”، ملمحا للسعودية.
وبعيدا عن مؤامرة القصر، تلخص القصة أن صورة الأردن المستقرة تخفي وراءها ميلا متزايدا للديكتاتورية وسخط الرأي العام من الدولة، كما يقول أدم كوغل، الباحث في منظمة هيومان رايتس ووتش ومقره العاصمة عمان. وقال إن “الاتهامات التي وجهتها القيادة الحالية لحمزة هي أنه كان يحاول استغلال السخط العام” و”لكن السخط حقيقي ولا ينكره أحد”.
يعتبر استقرار الأردن من الأهمية بمكان لدرجة أن مساعدات ضخمة تقدم له منها 1.5 مليار دولار في العام الماضي من الولايات المتحدة وحدها ورغم كل هذا فلا يزال البلد فقيرا بالمصادر ويعاني من الدين وغير قادر على توفير فرص العمل لسكانه الذين يبلغ متوسط عمرهم 24 عاما.
ولأن الملك لم يستطع الرد على التظاهرات الجماهيرية التي تهز البلاد بشكل متكرر فكان حله المفضل تعديل الوزارات وإعفاء رئيس الوزراء.
وبالمقابل فقد أقام الأمير حمزة علاقات مع مشايخ العشائر واستمع لمظالمهم.
وفي الوقت الذي كان فيه الملك عبدالله بن حسين يحب السفر إلى الخارج حيث خططت القاعدة لاغتياله وهو يصطاف بجزيرة يونانية إلا أن حمزة بنى صورة لنفسه أنه ابن الأردن. وربما كانت شعبية حمزة المتزايدة سببا بما حدث ومحاولة الملك التأكيد على ولاية ابنه العهد بعد عزل أخيه عام 2004.
نزعة الديكتاتور لدى الملك عبدالله الثاني
وتقول سارة لي ويتسون، المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية في العالم العربي بواشنطن، إن وضع الأمير تحت الإقامة الجبرية بدون أدلة يشير لنزعة ديكتاتورية “فهو ليس ولدا يمكن إجباره على البقاء في البيت وهو ما يحاول الملك عبد الله تصويره للعالم بالقول إن الأمر هو شأن عائلي”. ولأن القضايا الجوهرية التي يدور عليها السخط لم تحل فإن “كل هذا يعكس كيف أصبحت هذه الحكومة غير ديمقراطية وغير شفافة” كما قالت ويتسون.