قالت وكالة الأنباء الفرنسية في تقرير لها أن الرياض وإسلام أباد عززا علاقاتهما الثنائية عبر التوقيع على اتفاقيات خلال زيارة لرئيس الوزراء الباكستاني “عمران خان” إلى جدّة، بعد أشهر من التوتّرات بين الحليفين على خلفية منطقة كشمير التي تتنازع باكستان السيادة عليها مع الهند.
وعقد ابن سلمان ولي العهد السعودي بحسب الوكالة جلسة مباحثات مع “خان” أكّدا فيها على “عمق العلاقات (…) وأهمية توسيع وتكثيف آفاق التعاون”, كما وقّع مسؤولون من البلدين اتفاقي تعاون “في مجال المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية ومكافحة الجريمة”، ومذكرتي تفاهم في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات وتمويل مشاريع في مجالات الطاقة والبنية التحتية والنقل والمياه والاتصالات, واتفقوا كذلك على إنشاء مجلس للتنسيق الأعلى بين البلدين.
وكانت السعودية أول دولة أجنبية يزورها “خان” بعد انتخابه في 2018، وقد زار المملكة 5 مرات منذ ذلك الحين آخرها في ديسمبر/كانون الأول 2019 في ظل تقارب واضح بين الحليفين التقليديين.
لكنّ المملكة بدت مستاءة من باكستان العام الماضي بعدما حاولت إسلام أباد دفع الرياض لاتخاذ موقف حازم بشأن منطقة كشمير المتنازع عليها مع الهند في أغسطس/آب الماضي.
ودعمت المملكة باكستان بمساعدات مالية وقروض بمليارات الدولارات في السنوات الأخيرة، غير أنّ مراقبين يقولون إنّ السعودية حريصة أيضاً على عدم إثارة غضب الهند، الشريك التجاري الرئيسي والمستورد للنفط الخام السعودي.
وقبل ذلك، تجنّبت باكستان الردّ على طلبات سعودية لإرسال قوات بريّة لدعم الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن ضدّ المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران.
وبسبب التوترات، استدعت المملكة مليار دولار من قرض بقيمة 3 مليارات دولار من باكستان التي تعاني من ضائقة مالية، كما لم يتمّ تجديد تسهيل ائتماني نفطي منتهي الصلاحية بمليارات الدولارات.
وتركّز زيارة رئيس الوزراء الباكستاني إلى جدّة التي وصلها مساء الجمعة وتستمرّ 3 أيام، على إعادة الدفء للعلاقات وكذلك على احتياجات 2.5 مليون باكستاني يعملون في السعودية.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية أنّ “خان” أشاد خلال اللقاء مع ولي العهد بدور السعودية “في حلّ القضايا التي تواجهها الأمة الإسلامية”، وناقش معه “سبل تقوية وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين”.
من جهته، ادّعى وزير الخارجية السعودية الأمير “فيصل بن فرحان” في تغريدة أنّ زيارة “خان” تأتي “انطلاقاً من عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية بين المملكة وجمهورية باكستان الإسلامية، وحرص قيادتي البلدين الشقيقين على دعم وتعزيز العلاقات بينهما” ولم يتطرق إلى ان سبب التقارب الجديد بين البلدين مرده إلى تخفيض الهند من اعتمادها على النفط السعودي.
وكانت وكالة “رويترز” قد كشفت إن الهند تعتزم خفض وارداتها من النفط السعودي بنسبة 25% بذريعة أمن الإمدادات.
ويأتي قرار الهند في ظل تفاقم المواجهة مع الرياض بعد قرار “أوبك” بتجاهل دعوات نيودلهي لزيادة إنتاج النفط وخفض أسعار الهيدروكربونات.
وناقشت مؤسسة النفط الهندية المملوكة للدولة كلا من “مؤسسة النفط الهندية” و”بهارات بتروليوم” وشركة “هندوستان بتروليوم”، ومصفاة “مانجالور والبتروكيماويات المحدودة”، إمكانية خفض شراء النفط السعودي لشهر مايو/أيار، ولديها حتى 5 أبريل/نيسان مدة زمنية لإبلاغ الرياض بهذا الأمر، بحسبما قال أشخاص مطلعون على المسألة.
وأوضحت مصادر أن ضعف الطلب على الوقود في الهند بسبب زيادة حالات فيروس كورونا، أو إغلاق المصافي للصيانة الدورية، قد يساهم أيضا في انخفاض الشراء من المملكة العربية السعودية في مايو/أيار.
ولدى المصافي صفقات شراء سنوية مع المملكة السعودية، ويجب عليها مشاركة خطط التحميل الشهرية الخاصة بها قبل حوالي 4 أسابيع، ولا توجد عقوبة مالية لعدم احترام الصفقة.
وكانت الهند، ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم، منزعجة بشكل خاص لتجاهل الرياض دعوة نيودلهي لزيادة الإنتاج.
ولدى المملكة العربية السعودية علاقات تجارية ودية مع الهند لعقود من الزمن، تعززت أكثر في السنوات الأخيرة.2