بما لا يدع مجالاً للشك, تجمع أوساط حقوقية في السعودية و خارجها على أن النيابة العامة في المملكة برئاسة “سعود المعجب” هي شريك رئيس في انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة في المملكة.
وقال المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان السعودي طه الحاجي في مقال له بصحيفة “صوت الناس” إنّ النيابة العامة بدلَ أن تقوم بمهامها النظامية هي “شريك في الانتهاكات”.
وذكر الحاجي أنه في ما يتعلق بمهامها النظامية كالرقابة على السجون وتفتيشها والاستماع لشكاوى المساجين، قامت النيابة “بالتستر على الانتهاكات والتعذيب والتحرش” الذي تمارسه السلطات ومسؤولوها في السجون.
من هذه القضايا قضية الطفل مجتبى قريريص الذي اعتقل بعمر 14 عامًا على خلفية أعمال يزعم ارتكابه إياها عندما كان عمره 11 عامًا، وقد قضى قريريص في الحبس الانفرادي شهرًا كاملًا “تعرض خلالها للتعذيب بالضرب”، حسب ما أوردت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان.
وأضاف الحاجي أنه بدلًا من أن تقوم النيابة بمهام التحقيق المناطة بها، فالجهات القابِضة ومسؤولو السجن هم من ينفذون ذلك في عديد من القضايا، وفي ظروفٍ تغيب عنها ضمانات العدالة الجزائية.
وهذا ما تعرض له قريريص أثناء حبسه الانفرادي والتحقيق معه ووعده بأنه سيفرج عنه “في حال التعاون مع التحقيق والقبول بالتهم المنسوبة إليه”.
ولا يقتصر الدور السلبي للنيابة العامة على التحقيق، بل يصل إلى المحاكم أيضًا، حيث “تطالب دون وجه حق بعقوبات مبالغ فيها”، وقامت “بالتوسع في المطالبة بالإعدام”.
وهو ما يظهر في قضية قريريص الذي اعتقل لمشاركته في الحراك المطلبي في القطيف لعام 2011، من مطالبتها الأولية بإعدامه رغم أنه كان قاصرًا وقت التهم ووقت الاعتقال زاعمةً أنه أقدم عليها “وهو في كامل أهليته الشرعية”.
ويعلق المدافع عن حقوق الإنسان على مزاعم استقلاليتها بأنها “من وحي الخيال”، قائلًا إنها دائمًا في صف السلطات بدل أن تأخذ موقف انتصاف سواءً قبل المحاكمة أو اثنائها.
وأكد الحاجي أن المشكلة الأساسية هي “سيطرة رأس الهرم على كل مفاصل الدولة، والقضاء عاجز عن الخروج عن إرادته السياسية، فالدولة تفتقد دستور، وآلية للمراقبة والمحاسبة”.
وأصدر الملك سلمان قبل أيام مرسوما بتمديد خدمة النائب العام سعود المعجب لمدة أربع سنوات أخرى، وذلك بعد أربع سنوات طالب بإنزال أحكام الإعدام على نشطاء سلميين ومعتقلي رأي، منهم الأطفال والقاصرين، واتهمته منظمات حقوقية بالتستر على الانتهاكات.
وصرح المعجب، حسب ما نقلت صحيفة عكاظ، أنّ “المرحلة المقبلة ستشهد تحولات جذرية لتحقيق مبادئ العدالة الجزائية الناجزة”، وأن “النيابة العامة ماضية بعزيمة راسخة وخطى متسارعة طموحة في تحقيق توجهاتها الإستراتيجية وخططها المنبثقة من رؤية المملكة 2030”.
ذلك مع العلم أن “رؤية 2030” لا تندرج فيها أي مستهدفات معنية بالعدالة الجزائية.
وتأسست النيابة العامة بأمر ملكي عام 2017 بفصل “هيئة التحقيق والادعاء العام” عن وزارة الداخلية وربطها مباشرةً بالملك، فيما بدا كسحب البساط من تحت ولي العهد السابق محمد بن نايف وانتزاع الأجهزة الحكومية التي كانت تحت إدارته، قبل عزله وتبديله بنجل الملك وولي العهد الحالي محمد بن سلمان.
ورغم ما ظهر على تأسيسها من خطوة سياسية، أكد نص الأمر الملكي أن الدافع وراء ذلك هو ضرورة الفصل بين السلطتين التنفيذية والقضائية، ومنح النيابة “الاستقلال التام في مزاولة مهامها؛ بما يضمن لها مباشرة عملها بكل حياد، ودون تأثير من أي جهة كانت”.
ورغم ربطها مباشرةً بالملك، نص الأمر بأنها تتمتع في الوقت نفسه “بالاستقلال التام، وليس لأحد التدخل في عملها”.