كشفت منظمة حقوقية، أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اعتدى بالضرب على الداعية سليمان الدويش، الذي اختفى منذ مدة طويلة بعد اعتقاله.
منظمة “منّا” نشرت معلومات صادمة حول الدويش، كشف عنها رمزي قيس، الزميل القانوني بالمنظمة، ونقلتها بالتفصيل منظمة “داون” الحقوقية.
ولفتت “منّا” إلى أن “القمع السياسي ليس بالأمر الغريب في المملكة، لكن في السنوات التي أعقبت صعود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى السلطة، وصل الثمن الذي يجب أن تدفعه الأصوات الناقدة في المملكة إلى مستويات مشؤومة للغاية”.
وقالت المنظمة إن الدويش أحضر إلى محمد بن سلمان شخصيا، وإن الأخير قام بضربه، وذلك بعد مدة من اعتقاله الذي تم في نيسان/ أبريل 2016.
وأضافت: “محمد بن سلمان جعل الدويش يجثو على ركبتيه وشرع في الاعتداء عليه شخصيًا، حيث لكمه في صدره وحنجرته، وقام بتوبيخه بسبب تغريداته. كان الدويش ينزف بشدة من فمه وفقد وعيه”.
ولفتت “داون” إلى أن “الدويش ليس معارضًا سعوديًا بأي حال من الأحوال. فحسابه على تويتر، الذي يتابعه أكثر من 133,000 شخص، يعكس ولاءً قويًا لأسرة آل سعود الحاكمة. كما أنه أظهر ازدراءً لا حرج فيه لحركات الاحتجاج والمعارضة السياسية في المناطق ذات الأغلبية الشيعية في المنطقة الشرقية للمملكة، وأبدى بُغضًا شديدًا لليبرالية وعدو السعودية الإقليمي، إيران”.
وتابعت: “لكن في التغريدات التي يبدو أنها أدت إلى اختطافه، كتب الدويش عن مخاطر قيام الأفراد بمنح أبنائهم المدللين صلاحيات ومسؤوليات مفرطة دون مراقبة ومحاسبة. وربما كانت تلك إشارة غير واضحة إلى الملك سلمان وابنه محمد بن سلمان، الذي كان في ذلك الوقت يكتسب قوة سياسية جديدة بعد أن عينه والده قبل عام من ذلك وزيرًا للدفاع ونائبًا لولي العهد. وبحلول عام 2017، أصبح محمد بن سلمان وليًا للعهد”.
بعد التعذيب
قالت منظمة “منّا” إن الدويش وبعد تعذيبه تم وضعه في غرفة احتجاز غير رسمية تقع في قبو أحد القصور الملكية في الرياض.
وبحسب مصادر “منظمة القسط” الحقوقية، فإنه تم استخدام الطابق السفلي من هذا القصر لسجن وتعذيب كبار المسؤولين السعوديين وأعضاء العائلة المالكة، من قبل حاشية محمد بن سلمان.
ولفتت إلى أن مسؤولية السجن كانت تقع على ماهر المطرب وسعود القحطاني، وهما عضوان في فرقة الاغتيال الشهيرة “فرقة النمر” المسؤولة عن قتل الصحفي جمال خاشقجي ومعارضين سعوديين آخرين، وكانا مسؤولين عن إدارة السجن السري وأشرفا شخصيًا على تعذيب الدويش.
الأفراد الذين احتُجزوا في نفس سجن الدويش، والذين نُقلوا بعد ذلك إلى مراكز احتجاز سعودية أخرى، أبلغوا عائلة الدويش لاحقًا بأنهم كانوا محتجزين معه.
وذكروا أنهم رأوا الدويش آخر مرة في يوليو/ تموز 2018. وعلى الرغم من انتشار شائعات حول الدويش، زاعمة على سبيل المثال أنه توفي في أغسطس/ آب 2018 بعد تعرضه للتعذيب، فلم تؤكد السلطات السعودية ذلك أو تنفيه.
ولا يُعرف الكثير عن مصير الدويش منذ اختطافه لأن السلطات السعودية سعت عن عمد إلى محو أي دليل حول احتجازه.
وبعد بضعة أشهر من اختفائه، وجدت عائلة الدويش اسمه في سجل السجناء الذي تحتفظ به المديرية العامة للمباحث —جهاز المخابرات الداخلي الغامض المعروف في المملكة باسم المباحث— حيث تم الإشارة إلى أنه تم القبض عليه في 22 أبريل/ نيسان 2016، وكان “رهن التحقيق”.
وبعد عدة محاولات للحصول على مزيد من المعلومات من وزارة الداخلية، قام موظف في الوزارة من الرتب الدنيا بإبلاغ عائلة الدويش بأنه تم سجنه وأنه أدين بتهم تتعلق بـ”إثارة الرأي العام”. ومع ذلك، فقد نفى مسؤول رفيع المستوى في مكتب التنسيق الأمني بالوزارة ذلك لاحقًا. ثم أخبر ضابط رفيع المستوى في المديرية العامة للمباحث العائلة بأن وجود اسم الدويش في سجل السجناء كان نتيجة “خطأ”. وبحسب منظمة القسط، فقد أبلغ المسؤول نفسه الأسرة بالبحث عن الدويش “في المشرحة أو المصحات العقلية أو المستشفيات” بدلًا من ذلك.
تطور مفاجئ
وقالت منظمة منّا: “في تطور غريب ومشؤوم آخر، أفادت عائلة الدويش بتلقي مكالمتين هاتفيتين قصيرتين منه في عام 2018، تم إجراؤهما من رقم هاتف أمريكي. وبحسب أسرته، فقد زعم الدويش أنه اتصل من تركيا في المكالمة الأولى، ثم من سوريا في المكالمة الثانية، وقال إنه سافر إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام”.
لم يكن الأمر منطقيًا بالنسبة لعائلته، لأنه قبل اختطافه، عارض الدويش علنًا تنظيم الدولة ومن ينضمون إليه.
شككت العائلة في صحة هذه المكالمات الهاتفية، واستفسرت أيضًا من أحد أفراد العائلة المالكة، وهو أيضًا مسؤول سابق رفيع المستوى في وزارة الداخلية، والذي أكد للعائلة في نهاية الأمر أن المكالمات تم إجراؤها في الواقع من داخل السعودية.
دلالات القضية
بحسب منظمة “منّا”، تعكس حالة الدويش نمطًا متناميًا لعمليات الاختطاف والاختفاء في السعودية.
وفي الشهر الماضي، قدمت منّا لحقوق الإنسان ومنظمة القسط لدعم حقوق الإنسان، مناشدة بشأن قضية الدويش إلى الفريق العامل التابع للأمم /المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري، طالبت فيها لاظط بتوضيح مصيره ومكان وجوده.
وبعد مرور خمس سنوات على اختطافه، فإن سبب اختفاء الدويش لا يزال غير واضح، بدلًا من مثوله أمام السلطات القضائية مهما كانت جريمته.
من جانبه، أدان الفريق العامل التابع للأمم المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي هذا النمط الجديد من القمع في السعودية. ففي عام 2020، في أعقاب تقرير سابق قدمته منّا لحقوق الإنسان، أصدر الفريق العامل تقريرًا يسلط الضوء على العديد من العوائق التي تحول دون تنفيذ إعلان الأمم المتحدة لعام 1992 بشأن حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري في المملكة، وخلص إلى أن عمليات الاختفاء تلك كانت “منتشرة” و”مدروسة” و”مدمجة في الإطار المؤسسي والسياسي للمملكة العربية السعودية”.