سعت قوات المرتزقة، في خلال الأيام الماضية، إلى إعادة المعركة إلى الطلعة الحمراء الاستراتيجية غرب مدينة مأرب، فرمت بثقلها العسكري لشنّ هجوم امتدّ من الأطراف الشرقية للطلعة، وصولاً إلى مناطق واقعة في شرق منطقتَي العطيف والميل، إلّا أنها فشلت وتكبّدت مزيداً من الخسائر البشرية.
وعلى رغم الإسناد الذي قدَّمه طيران التحالف السعودي الإماراتي، منفِّذاً أكثر من 100 غارة منذ فجر الجمعة على جبهات مأرب، لم يتجاوز تقدُّم تلك القوات أطراف حمة الدحلة الواقعة شرق الطلعة الحمراء، فضلاً عن أنه لم يوقف تقدُّم الجيش اليمني و”اللجان الشعبية” إلى ما بعد الطلعة، في اتجاه الأطراف الشمالية الغربية للمدينة.
ويعود ذلك إلى أن معلومات استخبارية كشفت لقوات صنعاء مخطّط هجوم قوات هادي ومساراته ومحاوره، ما أدّى إلى إفشال العملية وعكْس مسارها بعدما وُضعت الكمائن المناسبة على طرق الإمداد والتموضع في مواقع حاكمة لصدّ الهجوم في الجبهتَين الغربية والشمالية الغربية.
وتمكّن الجيش و”اللجان”، أيضاً، من التقدُّم نحو منطقة الميل شمالي شرقي المدينة، كما صدّا هجوماً آخر في منطقة القباقيب والحنافير شرق الطلعة الحمراء، وشنّا عملية مضادة لتأمين ميمنة الجبهة من الاختراق في التومة السفلى، وفي اتجاه البلق القِبْلي، وكسْر زحف قوات هادي المسنودة بالعشرات من عناصر “القاعدة” في المناطق الواقعة بين البلق القِبْلي وأطراف الطلعة الحمراء في منطقة أم القباقيب وشرق الشعب الحمر في الجبهة الغربية، علماً بأن غزارة الأمطار أدت إلى توقُّف المواجهات وتراجعها في مختلف جبهات مأرب المشتعلة خلال اليومين الماضيين.
ومع ذلك، تبادل الطرفان مواقع الدفاع والهجوم، وحصلت حالات كرّ وفرّ مع تبادل القصف المدفعي المكثّف، منذ فجر السبت، في أطراف الطلعة الحمراء وما بعدها من مواقع وتباب عسكرية.
وأفاد أكثر من مصدر محلّي بأن المواجهات امتدّت، خلال الساعات الـ 48 الماضية، من منطقة المطاحس الواقعة بعد الطلعة الحمراء، إلى منطقة ديرة عجيم وحمة أم نخارير المسيطرة على تبة دحلة المرخ. كما شنّ الجيش و”اللجان” عدداً من الهجمات الخاطفة على مواقع قوات هادي وعناصر “القاعدة” في البلق القِبْلي، وأوقعا خسائر فادحة في صفوف تلك القوات.
وأفاد مصدر قبلي، “الأخبار”، بأن قوات هادي تلقّت توجيهات صارمة من غرف عمليات “التحالف” في الرياض بضرورة استعادة ما خسرته على الأرض من مواقع استراتيجية يوم الأربعاء الماضي. وتحت هذا الضغط، تحرّكت قوات ضخمة من مدينة مأرب في اتجاه جبهات القتال في المحورَين الغربي والشمالي الغربي للمدينة من دون تخطيط مسبق. ولفت المصدر إلى أن جحم الخسائر التي مُنيت بها تلك القوات، في خلال اليومين الماضيين، يدلّ على أن العملية الهجومية لم تكن مخطّطة، مشيراً إلى سقوط أكثر من 125 مقاتلاً ما بين قتيل وجريح في العملية.
وأشار أيضاً إلى سقوط عدد كبير من الجنود والضباط والقيادات العسكرية في الهجوم العشوائي، واصفاً ما حدث بالانتحار الجماعي من أجل إرضاء “التحالف”. وكشف المصدر عن اسم العملية التي أُطلق عليها “غزوة بدر”، وشاركت فيها أعداد كبيرة من العناصر العقائدية من السلفيين الجنوبيين وتنظيم “القاعدة”، لافتاً إلى أن العملية امتدّت إلى جبهات شمال مأرب الصحراوية، وانتهت هناك بسقوط عدد من المواقع العسكرية لقوات هادي في منطقة الجدافر.
منحت قيادة “التحالف” قوات هادي في مأرب أسبوعين للقيام بترتيبات عسكرية واسعة في صفوفها
كذلك، قضت توجيهات “التحالف” بتصعيد المواجهات في الضالع والبيضاء وتعز، بهدف تخفيف الضغط عن مأرب. وفي هذا الإطار، أفادت مصادر محلّية في الضالع بأن “التحالف” عَمَد إلى إشعال الجبهات المحاذية لمحافظة إب، بعدما قدّم دعماً مالياً مغرياً للتحشيد والاستقطاب من كلّ مديريات المحافظة لتصعيد القتال في قعطبة ومريس. ومساء الجمعة، وجّهت القيادة العسكرية السعودية في مدينة عدن بتفجير الوضع في الضالع، بالتزامن مع تنفيذ قوات هادي وميليشيات “الإصلاح” وعناصر “القاعدة” أكثر من عملية هجومية على مواقع الجيش و”اللجان” في جبهات غرب وشمال غرب مدينة مأرب.
لكن الهجوم على منطقة الفاخر شرق الضالع، والذي شنّته ميليشيات موالية للإمارات، انتهى بمقتل عشرات المهاجمين، بمَن فيهم قائد الهجوم، العميد يحيى الشوبجي، وعدد من القيادات السلفية التي شاركت وحشدت له، فيما لم تتمّ السيطرة على منطقة وسوق الفاخر في مديرية قعطبة، الواقع تحت سيطرة قوات صنعاء.
على المنوال نفسه، شنّ تنظيما “القاعدة” و”داعش”، بتنسيق سعودي، هجوماً مزدوجاً مساء الخميس على مواقع الجيش و”اللجان” في جبهات الحازمية وذي ناعم في محافظة البيضاء.
جاء ذلك بعد أيّام من وصول العشرات من عناصر “داعش” من سوريا عبر البحر إلى منطقة أحور في محافظة أبين، حيث تمّ نقلهم إلى معاقل التنظيم في ذي ناعم والحازمية.
وعلى مدى الأيّام الماضية، دارت مواجهات عنيفة استُخدمت فيها مختلف الأسلحة في منطقة طباب في ذي ناعم، وفي جبهة الحازمية في مديرية الصومعة، والتي فُتحت لأوّل مرة مِن قِبَل العناصر الإرهابية. وعلى رغم ادّعاء قوات هادي أنها مَن يخوض المعركة، وأنها أسقطت عدداً من المناطق كمحيد حنكة والعبيد وحيد المحلب وحية المنصة في عزلة طياب، سخرت مصادر في قوات صنعاء من تلك الادّعاءات، مؤكدةً أن المعركة لم تتوقّف في المناطق المذكورة إلّا بـ”تطهيرها بشكل كامل من التنظيمات الإرهابية”.
في موازاة ذلك، أفادت مصادر مطّلعة بأن قيادة “التحالف” منحت قيادة قوات هادي في مأرب أسبوعين للقيام بترتيبات عسكرية واسعة في صفوفها، وهدّدت بإقالة وزير الدفاع في الحكومة الموالية لها، اللواء محمد المقدشي، من منصبه. وبحسب المصادر نفسها، فإن التوجيهات ألزمت وزارة دفاع هادي بإنهاء الاختلالات في أوساط قواتها، وإعادة دمج عدد من ألويتها العسكرية مع الميليشيات المساندة لها في وحدات ومحاور عسكرية، فضلاً عن إجراء تغييرات في قيادة الألوية والمحاور، وإنهاء الخلافات والعمل بشكل موحّد في الجبهات لإدارة المعركة بطرق وتكتيكات مختلفة عن السابق.
ولذلك، يدفع المقدشي بالمزيد من القوات والميليشيات لإعاقة تقدُّم الجيش و”اللجان” في الأطراف الغربية والشمالية الغربية لمدينة مأرب.
الأخبار اللبنانية