أطلق القنصل العام البريطاني في القدس المحتلة، فيليب هول، تصريحاً حول موقف المملكة المتحدة من قضية القدس الشرقية، معتبراً إياها منطقة محتلة، وأنه قد تم ضمها بصورة غير قانونية.
القنصل البريطاني قام بزيارة مفاجئة لسكان حي الشيخ جراح المهددين بالإخلاء من منازلهم، قائلاً :” نعتبر عمليات استرداد الملكيات والتسجيل غير عادلة ومجحفة وتنتهك القوانين التي تلزم إسرائيل كقوة احتلال”.
واستهجن فيليب هول القوانين الإسرائيلية التي تطارد الفلسطينيين.
وأظهر فيديو لزيارة هول لحي الشيخ جراح أمس الأحد، والذي جرى تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، مجموعة من اللقاءات ببعض أصحاب المنازل المهددة بالإخلاء واستماعه لشكواهم، وقال إنه يقوم بزيارة الحي للاستماع لسكان الحي المهددين بالإخلاء.
ومن جهتها طالبت الخارجية الفلسطينية المحكمة الجنائية الدولية “بموقف علني وواضح”، تجاه ما يتعرض له حي “الشيخ جراح” الفلسطيني في القدس الشرقية، ومحاولة تهجير سكانه وتسليمه للمستوطنين.
وقالت الوزارة في بيان، إن وزير الخارجية رياض المالكي بعث “رسالة شارحة“ عما يتعرض له أهلنا في حي الشيخ والمستجدات المتعلقة بقضيتهم إلى المدعية العامة للجنائية الدولية”. وأضافت أن المالكي طالب في رسالته المحكمة “باتخاذ موقف علني وواضح تجاه الجريمة التي يتعرضون لها”.
وفي تطورات ما يجري في الشيخ جراح، وصف الباحث والمختص في شؤون القدس، زياد ابحيص قرار محكمة الاحتلال بالفخ الذي نصب للعائلات الفلسطينية.
وقال ابحيص، في منشور على صفحته بفيسبوك: “محكمة الاحتلال أمهلت أهل حي الشيخ جراح حتى الخميس المقبل للاتفاق مع المستوطنين، مضيفاً: “المستوطنون يعرضون تسوية تقر بموجبها العائلات بأنها مستأجرة وفق قانون “حماية المستأجر” الإسرائيلي. وأوضح أنه ووفق التسوية، يتم تحديد فرد من كل عائلة ينتهي الانتفاع بوفاته باعتباره آخر الأجيال المنتفعة من “الإيجار المحمي”.
وأشار إلى أن ذلك يعني بأن المحكمة تمارس دورها كذراعٍ استعماري صهيوني وتعمل على شق صف أهل الحي وإضعاف موقفهم. وأضاف: “لعل بعضهم أمام خطر الإخلاء يتراجع عن حقه الأصيل في الملكية ويقرّ بنفسه –لا عبر وكيل- بأنه يعترف بأنها ملكية للمستوطنين وأنه مستأجر لها، يدفع الإيجار ويلتزم بشروط الإجارة، وبعد وفاة المستفيد تعود الملكية للمستوطنين”.
وتابع: “إذا انجرت أي عائلة إلى هذا الفخ لاجتناب خيار التهجير، فإن الشخص المحدد بالاتفاقية ستصبح حياته مهددة، لأن وفاته هي مفتاح انتهاء وجود عائلته في العقار، وأمام آلة استعمارية قامت على القتل والتهجير فالهدف التالي في هذه الحالة سيصبح قتل المستفيد المحدد بالاسم بأي شكل”.
وشدد الباحث على أن أخذ القضية لمحكمة الاحتلال للبت بها هو تحرك في مربع الراحة الصهيوني، لأنها مع الزمن ستستنزف طاقة أهل الحي وتخمد تحركهم؛ وستتمسك بموقفها للحكم ضدهم. وأكمل: “تصبح بذلك خسارتنا محتومة، وإذا كان هذا خيار الضرورة لأهل الحي لدفع التهجير عن أنفسهم، فهذا لا يجوز أن يكون خيارنا الوحيد”.
وبين ابحيص، أنه لا تزال هناك ثلاثة مساحات فعل مركزية لم تُفعّل حتى الآن أولها أنه يجب على الأردن كدولة ضامنة لحقوق هؤلاء اللاجئين الذهاب إلى المحكمة الجنائية الدولية. وحسب تعبيره، فإن ما يحصل جريمة حرب موصوفة: قوة احتلال تهجر أصحاب الأرض مرتين وتعوض مستوطنيها مرتين رغم أنهم كانوا مجرد مستأجرين مؤقتين في نهاية القرن التاسع عشر.
واستكمل: “الأردن مصادق على ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية منذ عام 1998، أي أنه عضوٌ مؤسس للمحكمة، فإذا كانت قضية الشيخ جراح ليست جريمة تستوجب الذهاب للمحكمة الجنائية الدولية؛ فما الذي يستحق؟ وما فائدة الانضمام للمعاهدات الدولية؟ ولماذا تنضم لها حكوماتنا العربية؟.
أما الخيار الثاني، وفق الباحث، فهو وجوب تفعيل الاشتباك في الشارع وعدم انتظار حصوله بعد الإخلاء.
وقال: “عند تهجير العائلات الثلاثة الأولى عام 2008-2009 استمر الاعتصام على مدى عامين، وكانت خيمة أم كامل الكرد محجاً للتضامن والاشتباك، والإرادة الشعبية التي كسرت المحتل في باب الأسباط وباب الرحمة وباب العامود قادرة اليوم على تغيير الموازين بالوقوف إلى جانب أهل الحي، وهناك دعوات مهمة للاعتكاف وصلاة التراويح في الحي تضامناً مع أهله”.
في حين يرى الباحث، أن الخيار الثالث يتمثل في إقرار محكمة الاحتلال بملكية المستوطنين انطلاقاً مما تعتبره “حق اللاجئين اليهود” في أملاكهم –المزعومة- قبل حرب 1948.
وأضاف: “هذا يعني إقرارها بعدم شرعية سلب الأملاك في تلك الحرب، وبالتالي هي تقر عملياً وبالممارسة بحق كل لاجئ فلسطيني في أرضه التي هُجّر منها في النكبة وبحق العودة”.
ويرى الباحث، أن أول أولئك هم أهل حي الشيخ جراح وبيوتهم في حيفا والمجدل وحي البقعة والطالبية غرب القدس. وتابع: “علينا جميعاً بكل الوسائل اتخاذ قضية الشيخ جراح مدخلاً للمطالبة بحق العودة وعبر كل الوسائل”.
الخارجية الأردنية
وفي السياق، قال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية، السفير ضيف الله الفايز في تريح لـ “عربي 21” إن البحث لا يزال مستمرا عن أي وثائق رسمية أردنية تثبت حق أهالي منطقة الشيخ جراح في القدس وتضمن حقوقهم”.
وأضاف الفايز : “كل الوثائق التي تم العثور عليها تمت المصادقة عليها وتسليمها للجانب الفلسطيني، وما زال البحث مستمراً عن أي وثائق إضافية لتثبيت حقوق أهالي الشيخ جراح ودعمهم”. وتابع: “لن نتوانى عن استخراج أي وثيقة تخدم قضيتهم، وهناك تنسيق مستمر بين الأردن والسلطة الفلسطينية في هذا الخصوص”.
وأشار الفايز إلى أن “إسرائيل تخرق القانون الدولي في هذه القضية، “إذ تعد القدس في القانون الدولي أراضي محتلة، ولا ينطبق عليها القانون الإسرائيلي، بالتالي فإن الإجراءات الإسرائيلية غير قانونية وغير شرعية، ومخالفة للقانون الدولي وتخرقه”.
وأعلنت الخارجية اﻷردنية، في 20 نيسان/ إبريل من الشهر الجاري، عن تسليمها للجانب الفلسطيني هذا العام وفي عام 2019، نسخاً مصدقة من كل الوثائق التي تم العثور عليها في سجلات الدوائر الرسمية اﻷردنية، من عقود إيجار ومراسلات وكشوفات بأسماء مستأجرين تتعلق بتثبيت حقوق سكان حي الشيخ جراح، المهددين بالترحيل والطرد بقرار من السلطات الإسرائيلية.