لا زالت أصداء تأجيل الانتخابات التشريعية في فلسطين بسبب تعنّت سلطات الاحتلال ومنعها إجراء الانتخابات في القدس المحتلة تلقى تفاعلاً ومعارضةً عند الفصائل والشعب الفلسطيني.
أعاد قرار تأجيل الانتخابات الفلسطينية الأمور إلى نقطة الصفر في ما يتّصل بالانقسام داخل الشارع الفلسطيني والاصطفافات التي كانت قائمةً حول المقاومة والمفاوضات وأوسلو.
الرئاسة الفلسطينية تُبرّر قرارها برفض إجراء الانتخابات من دون القدس المحتلة حتى لا يُمنح الاحتلال “اعترافاً بسيادته على القدس عاصمةً له”.
أما معارضو قرار التأجيل فيؤكدون أن إجراء الانتخابات مهما كان رأي الاحتلال، يُشكل مناسبةً لتأكيد هُوية القدس عاصمةً لفلسطين، ولتحدي سياسات الاحتلال في عزل القدس والمقدسيين ولإفشال مخططاته.
ويأتي تأجيل الانتخابات الفلسطينة في وقت يتداعى فيه الشارع الفلسطيني عموماً والمقدسي خصوصاً نحو رفض سياسات الاحتلال القمعية بحق المواطنين، وفرضه تدابير قاسية للحد من تحركهم، الأمر الذي نتج عنه في الأيام الأخيرة حراكاً شعبياً انتهى بنزع انتصار من الشرطة الإسرائيلية.
قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس تأجيل الانتخابات التشريعية وتحميل “إسرائيل” المسؤولية عن ذلك لم يُفاجئ أحداً في “إسرائيل”، فيما ينصبُ الاهتمام الإسرائيلي على تبعات هذا القرار وتأثيره في “إسرائيل” والشارع الفلسطيني.
وفي هذا السياق، قال الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني أحمد مجدلاني، في حديث للميادين، أن “من الخطورة أن يتحول الصراع إلى الداخل”، مضيفاً أن الحديث عن إجراء الانتخابات في القدس رغماً عن الاحتلال “غير واقعي”.
وتابع مجدلاني: “الذهاب للانتخابات بدون القدس تسليم بصفقة القرن”، مشيراً إلى أنه على “حركة حماس أن تقول إذا كانت تريد إجراء الانتخابات دون القدس”.
وأوضح مجدلاني أن قرار تأجيل الانتخابات “لا يعني إلغاء الانتخابات”، مشدداً على تخطي “اتفاقية أوسلو” التي “أصبحت خلفنا”.
وأشار إلى إمكانية “البدء بتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية بمشاركة حماس”، واستثمار المواقف الدولية الداعمة للموقف الفلسطيني “لتشكيل قوة ضغط على إسرائيل لإجراء الانتخابات في القدس”.
وأعرب مجدلاني عن توافقه مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على الدعوة لتشكيل حكومة وحدة وحوار.
من جهته، قال نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اللواء أبو أحمد فؤاد للميادين إن الجبهة “لا تسير وفق اتفاق أوسلو”، كذلك قالت حركة “فتح” إن اتفاق أوسلو “أصبح خلفنا”، حسب قوله.
وأكد فؤاد أن “اتفاقية أوسلو ليست مرجعيتنا على الإطلاق”، متسائلاً إن كان الاجتماع الذي انعقد، أمس الخميس، في رام الله هو “المرجعية لاتخاذ قرار مصيري حول الانتخابات”.
ودعا فؤاد إلى “بحث الخطوات المناسبة لترتيب البيت الداخلي”، إذا لا يوجد خيار أمام الفصائل “إلا العودة للحوار الوطني الشامل واجتماع الأمناء العامين”.
كما وأبرز فؤاد أهمية “تشكيل قيادة وطنية للحراك الشعبي في القدس وقيادة وطنية لمدينة القدس”.
أما الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي فأكد للميادين معارضة تأجيل وإلغاء الانتخابات الفلسطينية، مبيناً أن التصويت في اجتماع رام الله “لم يكن عملية سليمة لذلك لم نشارك فيه”.
وأضاف البرغوثي: “نعتبر أنفسنا لم نشارك في التصويت وموقفنا واضح أننا ضد تأجيل الانتخابات”، مشدداً على أن ما حصل هو “كارثة ومصيبة”.
وكانت فصائل فلسطينية عدّة قد رفضت المشاركة في اجتماع الفصائل المخصص لتأجيل الانتخابات، أمس الخميس، وذلك رغم الإجماع على ضرورة إجراء الانتخابات في القدس المحتلة.
وبالتزامن مع قرار تأجيل الانتخابات، شهدت مناطق فلسطينية عدة تظاهرات شعبية رفضاً لقرار التأجيل، مع مطالبات بتحويل الانتخابات إلى معركة مع الاحتلال الاسرائيلي.
فصائل فلسطينية تحذر من خطورة قرار تأجيل الانتخابات
أعلنت حركة حماس رفضها قرار حركة فتح والسلطة الفلسطينية المتعلق تعطيل الانتخابات الفلسطينية.
حماس وفي بيانها، اليوم الجمعة، حملّت حركة فتح ورئاسة السلطة المسؤولية الكاملة عن هذا القرار وتداعياته، مشيرةً إلى أنه “يمثّل انقلاباً على مسار الشراكة والتوافقات الوطنية، داعية إلى عدم رهن الحالة الوطنية كلها والإجماع الشعبي والوطني الفلسطيني لأجندة فصيل بعينه”.
من جهتها، جددت الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين موقفها برفض تأجيل الانتخابات، ودعت إلى “التمسّك بالاتفاقيات الوطنيّة لإجراء الانتخابات بحلقاتها الثلاث، مشددة على أنها ستسعى بكل السبل من أجل العدول عن قرار تأجيل الانتخابات من خلال أوسع اصطفافٍ وطني وشعبي يفرض على القيادة المتنفّذة تنفيذ هذا الاستحقاق الوطني”.
الجبهة وفي بيانها، اليوم، قالت “إنّ قرار تأجيل الانتخابات يضع علامة سؤال على مدى جديّة الفريق المتنفّذ والمُهيمن على منظمة التحرير الفلسطينيّة حول إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنيّة وبناء منظمة التحرير الفلسطينيّة”.
بدورها، أكدت لجان المقاومة في فلسطين على أن الإشتباك هو القانون الذي يحكم العلاقة مع المحتل، وأضافت أن الحقوق تنتزع بالقوة، محذرة من أن “التسليم بسطوة العدو على مدينة القدس بمثابة تخلي عن واجب الدفاع عن المدينة المقدسة”.
وفي سياق متصل، قال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة للميادين، إن التأجيل اعتداء على حق أساسي من حقوق الفلسطينيين ومدخلاً لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني سواء المنظمة او مؤسسات السلطة.
أبو ظريفة أكد للميادين، أن الجبهة لن تقدم أي غطاء سياسي لهذه الخطوة التي لا مبرر لها، ولفت إلى أن الجبهة ستحتفظ بحقها في التعبير عن موقفها بكل الاشكال التي تراها مناسبة، مشدداً على أنه لا يمكن القبول بإعطاء الاحتلال حق الفيتو على اجراء أو تعطيل الانتخابات في القدس.
كذلك، أعلنت حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية وقائمتها المبادرة الوطنية الفلسطينية ” للتغيير و انهاء الانقسام” رفضها لقرار تأجيل الإنتخابات الفلسطينية ودعت الى التراجع عنه و الإصرار على إجراء الانتخابات في موعدها، بما في ذلك داخل مدينة القدس.
وفي ردود الفعل، قالت الهيئة الدولية (حشد) إن “الإعلان عن إيقاف المسار الانتخابي يحرم المواطنين الفلسطينيين من ممارسة حقوقهم الدستورية الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني”.