مع اقتراب حسم معركة مأرب يقال ان المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني (المدعوم إماراتيا)، اتهم في وقت مبكر من فجر الثلاثاء، حكومة الهارب عبدربه منصور هادي (المدعومة سعوديا) بالإمعان في “نحر” اتفاق الرياض والمضي في استهداف القضية الجنوبية.
جاء ذلك وسط احتقان متصاعد بين شركاء حكومة هادي منذ منتصف مارس/ آذار الماضي، وفي وقت أعلنت فيه مصادر يمنية أن الجيش اليمني واللجان الشعبية باتوا يسيطرون على منطقة “التومة العليا” على بعد 5 كم من “مركز” مدينة مأرب.
ابتداءا فان اتفاق الرياض (هو اتفاق مصالحة جرى بوساطة سعودية ومشاركة ما يسمى بـ”تحالف دعم الشرعية في اليمن”، بين الحكومة اليمنية المستقيلة والمجلس الانتقالي الجنوبي، وجرى التوقيع عليه في العاصمة السعودية الرياض، في 5 نوفمبر 2019، برعاية الملك سلمان بن عبد العزيز، وحضور ابنه محمد بن سلمان، والفار هادي وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي)، يستند اساسا على عدد من المبادئ أبرزها وقف الحملات الإعلامية المسيئة بين الطرفين.
غير ان شرخ الحملات المسيئة المثخن بجراح المهاترات الاعلامية المتبادلة انفتق مجددا فجر اليوم الثلاثاء وهو اساسا لم يندمل بعد، انفتق عن اتهام المجلس الانتقالي لحكومة الهارب بالإمعان في “نحر” اتفاق الرياض والمضي في استهداف القضية الجنوبية، وذلك في اخطر مرحلة وصل اليها هذا التحالف الاستحواذي الانتفاعي المرتبط باطماع سعواماراتية، ما ينبّئ عن انفكاك محتمل قريب بين طرفي الارتزاق.
تصاعد الخلافات بين حكومة هادي والانتقالي
الاتهامات الجديدة أطلقها المتحدث باسم “المجلس الانتقالي الجنوبي”، علي الكثيري، بعد تداول قرار رئاسي أصدره الرئيس المستقيل “عبد ربه منصور هادي”، في 19 مارس/ آذار الماضي، وقضى بإقالة القائد الموالي للانفصاليين، فضل باعشن، من منصب قائد القوات الأمن الخاصة بمحافظات عدن وأبين ولحج والضالع.
جاء قرار إقالة باعشن على خلفية اتهامه بتهديد وزير الداخلية المحسوب على حصة هادي في حكومته، اللواء إبراهيم حيدان، الذي غادر عدن، أول أمس الأحد، صوب الرياض بعد أكثر من شهر على مغادرة رئيس الحكومة، معين عبد الملك.
غير ان الكثيري اعتبر أنّ قرار إقالة باعشن الذي سربته حكومة هادي “مرفوض جملة وتفصيلاً، ويضاف إلى القرارات أحادية الجانب التي تُعَدّ نسفاً لروح ومضامين اتفاق الرياض”، وفقاً لبيان نشره الموقع الرسمي للمجلس الانتقالي على “تويتر”.
خطاب الكثيري اقل ما يقال عنه انه خطاب (متعجرف) يكشف عن نبرة استعلاء تجاه المرسوم الرئاسي، حيث اعتبر متحدث الانتقالي ان قرار هادي “لا يساوي الحبر الذي كُتب به ولا يمكن تنفيذه إلا في وسائل التواصل الاجتماعي”.
لم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ اعتبر الكثيري، أنّ تسريب القرار في هذا التوقيت، يُعَدّ احتفاءً بذكرى ما وصفها بـ”الحرب العدوانية على الجنوب”، في إشارة إلى الحرب الأهلية التي اندلعت في صيف 1994 بقرار من الرئيس السابق علي عبد الله صالح ضد نائبه علي سالم البيض، وانتهت باجتياح عدن.
وكشف مصدر حكومي أنه لم يبق من وزراء حكومة هادي في عدن سوى وزيري الشؤون القانونية وحقوق الإنسان أحمد عرمان، وهو من حصة حزب المؤتمر، والمياه والبيئة توفيق الشرجبي، من حصة “الحزب الاشتراكي”، فضلاً عن وزراء المجلس الانتقالي الخمسة.
معركة مأرب تقترب الى الحسم
في هذه الاثناء، اقتربت القوات اليمنية المشتركة، كثيرا من مأرب حتى باتت تسيطر على منطقة “التومة العليا” على بعد اقل من 5 كم من “مركز” مدينة مأرب، ذلك ما افادت به مصادر خبرية، بقولها ان قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية تواصل تقدمها باتجاه مركز مدينة مأرب بعد السيطرة على مواقع استراتيجية جديدة في محيط المدينة منها “التومة العليا” واقترابها من مواقع اخرى، حيث بات لا يفصلها عن مركز المدينة سوى اقل من خمسة كيلومترات (أي كيلومتران اثنان فقط من مداخل مأرب).
وبسقوط الطلعة الحمراء، أهم حاميات مدينة مأرب وأكبرها تحت سيطرة قوات صنعاء، تكون عقارب ساعة «تحرير» المدينة دخلت محورا لا يمكنها معه العودة إلى الوراء، حتى ولو حاولت القوات الموالية للتحالف السعوإماراتي تجميع قواها مجددا، وتحصين دفاعاتها في ما تبقى من تخوم مركز المحافظة.
يذكر ان سقوط الطلعة الحمراء يماثل سقوط الجبل الأحمر المطل على مدينة عمران قبل سبع سنوات من اليوم، وقد جاءت هذه الخسارة الكبيرة بعد أيام قلائل من سقوط كامل جبهة المشجح شمال غرب مأرب
وحسب مصادر عسكرية فإن تسارع وتيرة الانهيارات في صفوف التحالف السعودي بجبهة مأرب دفعه إلى إنشاء مقرات جديدة لقواته خارج المدينة وسحب آلياته العسكرية من بعض المواقع مع تقدم قوات صنعاء باتجاه مركز المدينة ونجاحها في السيطرة على مواقع مهمة جديدة واغتنام ما فيها من أسلحة.
وتشير هذه التطورات ربما على اقتراب حسم صنعاء لمعركة مأرب، حيث يرى المراقبون أن سقوط مأرب بيد الجيش واللجان الشعبية، بات قاب قوسین او أدنى.
مبادرة هامة لوقف معركة مأرب
قدم عضو المجلس السياسي الأعلى “محمد علي الحوثي”، فجر اليوم الثلاثاء، مبادرة لوقف معركة مأرب، تقضي بخروج جميع الأجانب والقاعدة و”داعش” من مأرب، مؤكدا على أن أنصارالله لا تريد حل الصراع عسكريا، لا في مأرب ولا في غيرها.
وأكد الحوثي في تغريدة له على تويتر: “لا نريد حل الصراع عسكريا لا في مأرب ولا في غيرها ولكن دول العدوان الأمريكي البريطاني السعودي الإماراتي وحلفاءه تفرض هذا الخيار على الشعب اليمني المحاصر”، “لذلك نقول لهم أقرب فرصة لتوقف المعركة بمارب تكمن في إخراج الأجانب والقاعدة وداعش من مارب ولا يبقى فيها إلا أبناءها وهذا خيار اسهل”.
لكن من المستبعد أن تستجيب العقول المنغمسة اساسا في ذل الارتزاق لنداء المنطق والعقل الحر؟
قناة العالم