تتصاعَدُ وتيرةُ الانهيار والارتباك في صفوف مرتزِقة العدوان الأمريكي السعودي بمحافظة مأرب، في ظل استمرارِ خسائرِهم الميدانيةِ في المعارك التي تقتربُ بشكلٍ متواصلٍ من المدينة، وعجزهم عن إنكار تلك الخسائر، في الوقت الذي يواجه تحالفُ العدوان ورعاته مأزقاً كَبيراً؛ نتيجةَ فشلهم في محاولات وقف تقدم قوات الجيش واللجان عن طريق ممارسة الضغوط السياسية والابتزاز بالمِلف الإنساني.
حكومةُ المرتزِقة التي تواصلُ التضليلَ إعلامياً على وقائعِ المواجهات القريبة من المدينة، وبَثَّ أخبارٍ مزيَّفة تزعُمُ أن المعاركَ لا زالت بعيدةً، واجهت هذا الأسبوع إحراجاً إعلامياً متزايداً كشف عن سوء وضعها الميداني داخل ما تبقى لها من المناطق في مأرب، حَيثُ نشرت شبكةُ “سي إن إن” الأمريكية قبل يومين تقريراً وصف خطوط الدفاع الأمامية للمرتزِقة حول المدينة بأنها “هشة”.
مراسلُ شبكة “سي إن إن” ظهر في مقطع فيديو من داخل جبهة مأرب برِفقة المرتزِق صغير بن عزيز رئيس ما تسمى “هيئة الأركان” التابعة للفارّ هادي، والمرتزِق معمر الإرياني، حَيثُ وثّقهما الفيديو وهما “يحاولان رفعَ معنويات مقاتليهما” و”يعدانهم باستلامِ رواتبهم”!
وأوضح التقريرُ أن مقاتلي المرتزِقة يعيشون في ظروفٍ صعبة، وأن كُـلَّ ما يفصلُهم عن قوات الجيش واللجان “ساترٌ طيني منخفض”، مؤكّـداً على أن المرتزِقة “يخسرون الأرضَ وينسحبون من الجبال الاستراتيجية”.
وَأَضَـافَ التقريرُ أن قياداتِ المرتزِقة “قلقون من الطائرات بدون طيار” التابعة لقوات الجيش واللجان الشعبيّة؛ لأَنَّها قادرة على تحديد مواقعهم وتنفيذ هجمات خاطفة”.
وفي الفيديو، يظهر المرتزِقُ “بن عزيز” وهو يشتكي من إعلان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عن وقف الدعم للسعودية، ويدعو الولايات المتحدة لمراجعة هذا القرار، وهي محاولةُ استغاثة، ليست الأولى من نوعها، تكشفُ أن المرتزِقة باتوا منهارين بشكلٍ كبيرٍ، ليس لأَنَّ الولايات المتحدة “أوقفت الدعم”، كما يزعمون، بل لأَنَّ هذا الدعم ما زال مستمراً في الحقيقة (لا زال البيت الأبيض ممتنعاً عن توضيح تفاصيل إعلان وقف الدعم)، ومع ذلك لم ينفعهم.
لجوءُ حكومة الفارّ هادي إلى “الاستغاثة” بالولايات المتحدة عبر شبكة “سي إن إن”، ومرافقة طاقمها في جولة إلى الجبهة لإظهار “هشاشتها” مثّل فضيحةً مدويةً لهذه الحكومة التي ظلت طيلةَ الفترة الماضية تبث أخباراً مضللة حول تمكّنها من صد هجمات الجيش واللجان، وتتوعد وسائلُ إعلامها بـ”اقتحام صنعاء”، في محاولة لتجاوز إحراج الحديث عن مأرب.
وإلى جانب ما نشرته “سي إن إن”، نشرت “وكالة الصحافة الفرنسية” (فرانس برس)، أمس الأحد، تقريراً أكّـد أن قوات الجيش واللجان الشعبيّة “حقّقت تقدماً مهماً” نحو مدينة مأرب، وأن المرتزِقة خسروا “جبهةَ الكسارة بشكل كامل” وأن “المعارك انتقلت إلى أطراف منطقة الميل الواقعة على بُعد ستة كيلو مترات فقط عن وسط مدينة مأرب”.
ومتجاهلة انسجام هذا التقرير مع الوضع الذي وصفه ووثقه تقرير “سي إن إن”، لجأت حكومةُ المرتزِقة ووسائلُ إعلامها وناشطوها إلى شَنِّ حملةٍ كبيرةٍ تهاجمُ الوكالة الفرنسية، وتتهمها بأنها “تعملُ لصالح الحوثيين”، في أُسلُـوب يكشفُ حجمَ الارتباكِ الكبيرِ الذي يعيشُه المرتزِقة، إذ لم يعودوا قادرين حتى على التعامل مع المعلومات الواردة من داخل مأرب، على الرغم من إقرارهم بأنهم يعيشون أوضاعاً صعبةً للغاية هناك.
وليست هذه المرة الأولى التي يواجهُ المرتزِقةُ فيها مثلَ هذه الإحراجات بخصوص مأرب، فقبلَ أسابيع كان محافظُ المحافظة التابع لهم، المرتزِق سلطان العرادة، قد كشف بأن قرابةَ 68 ألفَ مرتزِقة سقطوا بين قتيل وجريح بنيران قوات الجيش واللجان الشعبيّة، خلال عام واحد فقط، في مأرب، كما كانت وكالةُ “فرانس برس” قد كشفت في مارس الفائت عن تزايد انتشار تنظيم ما يسمى “القاعدة” التكفيري في مناطق سيطرة المرتزِقة بالمحافظة التي أصبحت “أبرز معاقله”.
الصداماتُ والصراعاتُ الداخلية في صفوف مرتزِقة العدوان بمأرب، لا تزالُ هي الأُخرى تكشفُ عن حالة الانهيار التي يعيشونها، فمع استمرارِ سقوطِ المزيدِ من قياداتهم الميدانية قتلى وجرحى، تزدادُ الاتّهاماتُ المتبادلة فيما بينهم بـ”الخيانة”.
وفي هذا السياق، أعلنت وسائلُ إعلام حكومة المرتزِقة، أمس الأحد، مقتلَ مدير ما يسمى بـ”القضاء العسكري” التابع للفارِّ هادي، المرتزِق “اللواء” عبد الله الحاضري، خلال المواجهات، إلا أن نشطاءَ وصحافيين موالين للعدوان تحدثوا عن “مؤامرة” و”خيانة” أودت بحياته، بحكم أنه كان طاعناً في السن وعمله لا يقتضي تواجُدَه في الجبهة، وقد أثير الحديثُ عن ذلك أكثر من مرة خلال الفترة الماضية التي سقط فيها العديد من القيادات العسكرية البارزة في صفوف المرتزِقة بمأرب.
إجمالاً، باتت حكومةُ المرتزِقة عاجزةً بشكل كامل عن التغطية على حقيقة “هشاشة” وجودهم في ما تبقى لهم من المناطق داخل مأرب، بالرغم من أن القوات المسلحة لم تنشر بعدُ أيةَ تفاصيل بشكل رسمي عن مجريات المعركة، ولم تبث مشاهدها حتى الآن.
ويفسّر هذا “الانهيارُ” الذي بات يكشفُ عن نفسِه بنفسه، “القلقَ” الأمريكي المتزايدَ من “اقتراب” تحرير المحافظة، وهو الأمر الذي بدا جليًّا في تصريحاتِ المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، الأسبوع الماضي، أمام لجنة الشؤون الخارجية، وفي لقاءاته بعد ذلك بدبلوماسيين ومسؤولين من أطراف مختلفة؛ لبحثِ وسائل لإيقاف تقدم الجيش واللجان الشعبيّة في المحافظة.
كما يفسّر “هستيريا” طيران العدوان الذي يكثّـف هذه الأيّام غاراته الجوية على محافظة مأرب، بشكل ملحوظ، محاولاً إعاقةَ تقدم قوات الجيش واللجان، وإسنادَ المرتزِقة لتمكينِهم من البقاء في مواقعهم، لكن وبحسب تصريح لرئيس الوفد الوطني وناطق أنصار الله، محمد عبد السلام، أمس الأول، فَـإنَّ كُـلَّ تلك الغارات “لا تمنحُ المرتزِقةَ أية قوة، بل ثمة غاراتٌ تستهدفُهم وتصفِّيهم”، وهو أَيْـضاً ما تؤكّـدُه وسائلُ إعلامهم التي تحدثت خلال الفترة الماضية عن قيام مقاتلات العدوان بقصف مجاميعهم أكثرَ من مرة وفي أكثرَ من منطقة.
وفي هذا السياق، أفادت مصادرُ عسكريةٌ بأن طيرانَ العدوان شن، أمس الأحد، 21 غارة جوية، منها 19 غارةً على مديرية صرواح، وغارتين على مديرية مدغل، وكان، أمس الأول، قد شن 19 غارة على مديرية صرواح أَيْـضاً.
ويفسّر هذا بدوره سببَ تمسُّكِ الولاياتِ المتحدة والسعودية بخيارِ استمرار القصف وعدم الحديث عنه في “مبادرات السلام” المزعومة التي تتمحور كلُّها حول وقف تقدُّم قوات الجيش واللجان الشعبيّة في محافظة مأرب.
صحيفة المسيرة