لا يوجد في المستوى السياسي والأمني والقانوني الأردني حتى هذه اللحظة على الأقل أي دليل “علني ومعروض” يشير إلى ضلوع “جهات خارجية” أو تتبع أي دولة في المنطقة حقا في مخطط صناعة فتنة ومؤامرة في الأردن.
باستثناء تعبيرات وزير الخارجية أيمن الصفدي عندما تحدث عن “اتصال المتهمين” بـ”جهات خارجية” وكذلك بـ”معارضة خارجية” لا يوجد بيان رسمي محدد “يعرف” تلك الجهات الخارجية.
رواية “المعارضة الخارجية” تم تصنيفها في رئاسة الوزراء باعتبارها “زلة لسان” ليس أكثر.
وعلى مستوى “تبادلات الكواليس” التي تتضمن “إحاطات” لها علاقة بالفتنة لا إشارات من أي نوع تحدد “تدخل أي دولة شقيقة أو صديقة” بشؤون الأردن الداخلية.
لا بل يكشف مصدر مطلع جدا النقاب عن “عدم وجود أدلة ملموسة على ذلك” حتى الآن ما لم يكشف عنها لاحقا “تحقيق المحكمة”.
بوضوح وفي مقر رئاسة الوزراء نقل إعلاميون عن رئيس الحكومة الدكتور بشر الخصاونة إشارته بأن حكومته “لا تتهم أي جهات رسمية محددة خارج الأردن” وإلى أن بلاده لم توجه أي تهم لأي دولة شقيقة أو صديقة أو مجاورة، لافتا إلى أن مسألة تعريف الجهات الخارجية المتورطة بالفتنة الأخيرة وهو مخطط الفتنة في بلاده مسألة بين يدي القضاء وأن السلطة التنفيذية لا تتدخل بما تكيفه السلطات القضائية ضمن صلاحياتها المستقلة.
الخصاونة وفقا للنقول حاول تذكير الإعلاميين بوضوح بأن أيا من البيانات الرسمية لم يتضمن أي إشارة لها علاقة بتحديد من هي الجهات الخارجية أو تفصيل ماهيتها ليس لأن الحكومة الأردنية تريد استباق الأحداث فقط ولكن لأن هذه المهمة الأساسية في متابعة القضية ورموزها وتحقيق القضاء المستقل المفصل هي من صلاحيات السلطات القضائية.
رغم ذلك بقي الإلحاح كبيرا في الساحة الأردنية على تحديد وتعريف الجهات الخارجية، حيث ورد تعبير الجهات الخارجية في بيان أصدره نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية أيمن الصفدي في الثالث من نيسان الحالي.
لكن التحقيق في “ملف الفتنة” الأردني يفترض أن يتواصل بعيدا عن أي اعتبارات سياسية.
أما الإشارات التي تصدر بين الحين والآخر عن “دور عواصم في الشرق” فلها علاقة بتتبع سلطات الأمن الأردنية لظاهرة “الذباب الإلكتروني” التي تنشطت لسياق التحريض في الحالة الأردنية.
ودون رصد ظاهرة الذباب الإلكتروني لا يوجد قرائن أو أدلة أو وقائع تشير إلى أن الحكومة الأردنية حتى بعد انتهاء التحقيق لديها أي نية لتعريف أو تلميح لتورط دول عربية أو صديقة أو شقيقة في المسألة.
وهي محطة يفضل صانع القرار الأردني التأمل والتعمق والتريث قبل الانطلاق نحوها، حيث ستحسب المسائل بدقة في هذا السياق، وحيث سيكون معيار الإجراءات بعد انتهاء التحقيق القضائي هو مصالح الدولة والشعب في الأردن.
وعبارة المصالح هنا يعيدها سياسيون ومراقبون كثر إلى طبيعة العلاقات الأردنية مع بعض الدول الخليجية الشقيقة والصديقة خصوصا مع وجود كتلة ديموغرافية كبيرة من العمالة الأردنية موجودة في بعض الدول.
إلا أن كل ذلك لا يعني وجود أدلة فعلية حتى اللحظة على وجود جهات رسمية لدول مجاورة ساهمت أو دعمت مخطط الفتنة بتفاصيله الحكومية المعلنة.
وحتى مع وجود هذه الأدلة يعتقد وعلى نطاق واسع بأن إدارة هذا الملف ستنتقل في حال وجود وقائع يمكن التحدث مع أي دولة صديقة أو شقيقة في تفاصيلها ستنتقل من المستوى الأمني والقضائي إلى المستوى الثنائي وفي القنوات المغلقة وهو ما فهم من مسؤول بارز الاطلاع.
لكن رغم ذلك لا يوجد ما يفيد حتى اللحظة بوجود أدلة قاطعة على الأقل حتى مرحلة التحقيق الحالية بتورط جهات خارجية لها علاقة بقنوات رسمية.