المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    مابين اليمن وإسرائيل ليس كرسي تفاوض

    إستراتيجية قديمة التكتيك حديثة الظهور، يهودية المنشأ، شيطانية التفكير،...

    “موانئ البحر الأحمر” تكشف حصيلة ضحايا الغارات “الإسرائيلية”

    قالت “مؤسسة موانئ البحر الأحمر” في محافظة الحديدة، اليوم...

    “كالكاليست” العبري: انسوا القصف الجوي لا يمكن هزيمة قوات “صنعاء”

    نشر موقع (كالكاليست) العبري تحليل مطول عن سير الضربات...

    ممر داوود.. مشروع “إسرائيل الكبرى” من الجولان إلى العراق

    يعتبر الكيان العبري الإسرائيلي المؤقت مُجَـرّد دولة مسكونة بالخرافات...

    الخامس خلال أيام.. وفاة رضيع فلسطيني نتيجة البرد الشديد في غزة

    أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، صباح اليوم الأحد، وفاة رضيع...

    صاروخ ديمونا.. الجذور والدلالات

    صاروخ ديمونا.. الجذور والدلالات

    أدركت المؤسَّسة العسكرية الإسرائيلية أنَّ مسار المواجهة العسكرية المفتوحة مع محور المقاومة لن يخدم مصالحها، والأهم أنَّ احتمال الهزيمة الإسرائيلية فيه وارد.

    تفجير مفاعل “نطنز” الإيراني وما تم تسريبه إلى الإعلام الأمريكي بأنَّ “إسرائيل” تقف وراء العملية، الأمر الذي سوَّق له الإعلام العبري، كما يبدو، بإيعاز من المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، مثّلا خطوطاً حمراء ترسمها “إسرائيل” للمتفاوضين في فيينا حول شروط العودة الأمريكية وإحياء الاتفاق النووي الإيراني “5+1”.

    اختلاف وجهات النظر الأمريكية تحت قيادة جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالنسبة إلى الموقف من الاتفاق النووي، ليس معناه انفكاك الحلف الصهيو أمريكي أو تراجع إدارة بايدن عن حماية “إسرائيل”، ولكن نتنياهو يحاول الضغط على حليفه الأمريكي من أجل وضع ملفّ الحدّ من تعاظم قدرات محور المقاومة وازدياد نفوذه العسكري في الإقليم كأحد العناوين الرئيسية في التفاوض الجديد بين المجتمع الدولي وإيران، وكمطلب حيويّ للحفاظ على الأمن القومي الإسرائيلي، وعدم اكتفاء الأمريكيين بمعالجة الملف النووي الإيراني فحسب.

    تعود جذور المطالب الإسرائيلية الجديدة إلى فشل الرهان الإسرائيلي الاستراتيجي على أن الأزمة السورية ستشكل المستنقع الذي سيُغرق محور المقاومة بكليّته في دوامة الصراع اللامنتهي، إذ اعتمد المخطّط الإسرائيلي على أنّ حلفاء “إسرائيل” الدوليين، وخصوصاً الأمريكيين، وأدواتها في الإقليم، سواء الجماعات الإرهابية أو دول التطبيع الخليجي، قادرون على تحقيق المصالح الإسرائيلية في استدامة دوامة الدم في سوريا، مع السعي لتصديره إلى بقية دول الإقليم، بعيداً من كيانها ومصالحها.

    شكّل انتهاء الصراع في سوريا صدمة استراتيجية لأصحاب القرار الإسرائيلي، إذ تفاجأت “إسرائيل” بأنَّ محور مقاومة وُلد من أتون الأزمة السورية أكثر قوةً عسكرياً، وأكثر انتشاراً من الناحية الجغرافية، والأهم أكثر ترابطاً بين جبهات المحور على امتداد الإقليم، وبات يحيط “دولة” الاحتلال بدوائر نار ثلاثية الأبعاد.

    كما تُطلق عليها مراكز الأبحاث الإسرائيلية، لكنَّ الأخطر من وجهة نظرنا أنّ محور المقاومة بات أكثر ثقة بقدرته على تحقيق النصر على “إسرائيل” في أيّ مواجهة قادمة، وخصوصاً في ضوء تجربته في إفشال مؤامرة تفتيت سوريا وهزيمة المخطّط الداعشي في الإقليم، الأمر الذي وضع “إسرائيل” أمام ضرورة مواجهة محور المقاومة على كل المسارات، ولكن بالتأكيد ليس بمفردها، بل كمحور صهيو عربي أمريكي.

    سعى نتنياهو من خلال المسار السياسيّ والاقتصاديّ إلى استثمار وجود الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب في تدعيم الحلف الصهيو عربي أمريكي على 3 مستويات:

    الأول: انسحاب الولايات المتّحدة الأمريكيّة من الاتفاق النووي مع إيران، وممارسة سياسة الضغوط القصوى، من خلال العقوبات الاقتصادية على محور المقاومة بكلّيته.

    ثانياً: إيجاد حالة من المواجهة العسكرية العلنية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، الأمر الَّذي برز باغتيال الشهيد الفريق قاسم سليماني، وبالتالي تعطيل الانسحاب الأمريكي العسكري من الشرق الأوسط، الأمر الذي يعزّز القوة الإسرائيلية في المنطقة.

    ثالثاً: مارس ترامب ضغطاً لإخراج العلاقات العربية الإسرائيلية من السرّ والخفاء إلى العلن والوضوح، تحت مسمى اتفاق “أبراهام”، في إعلان صريح عن الحلف الصهيو عربي أميركي في المنطقة.

    أدركت المؤسَّسة العسكرية الإسرائيلية أنَّ مسار المواجهة العسكرية المفتوحة مع محور المقاومة لن يخدم مصالحها، والأهم أنَّ احتمال الهزيمة الإسرائيلية فيه وارد، ولكن في الوقت ذاته لا بدّ للمؤسَّسة العسكرية الإسرائيلية من أن تحدّ من تعاظم قوة محور المقاومة. لذلك، استخدمت استراتيجيّة “المعركة ما بين الحربين” ذات الوتيرة المنخفضة في المواجهة، والتي يمكن أن تحقق بعض الانتصارات الإسرائيلية التكتيكية، ولكنها لا تستطيع إزالة تهديدات محور المقاومة الاستراتيجية.

    حدثت تغيرات في البيئة الاستراتيجية داخل المحور الصهيو عربي أميركي، تمثّلت في ازدياد عدم الاستقرار الإسرائيلي الحكومي، وفوز بايدن في الانتخابات الأميركية من جهة، وصمود محور المقاومة، وخصوصاً إيران، أمام الضغوط الأميركية القصوى، من جهة أخرى، الأمر الذي تطلّب من “إسرائيل” إعادة النظر في استراتيجية مواجهتها مع محور المقاومة مرة أخرى في ضوء التغيرات الجديدة.

    تحاول “إسرائيل” رفع وتيرة استراتيجيّة “المعركة ما بين الحربين”، من خلال الاعتماد على العمليات الأمنية السرية، كما حدث في تفجير مفاعل “نطنز”، ولكن مع انتهاج سلوك إعلامي مغاير، يعتمد على إعلان المسؤولية الإسرائيلية عن تلك العمليات بطريقة غير مباشرة، بخلاف المعتاد في عمليات “المعركة ما بين الحربين”.

    بذلك، تهدف “إسرائيل” إلى توريط الرئيس الأمريكي بايدن الملتزم التزاماً صهيونياً بحماية أمن “إسرائيل”، وبالتالي منعه من ممارسة أيّ ضغوط على “إسرائيل” للقبول بأيّ اتفاق أمريكيّ مع إيران لا يعالج الخطر العسكريّ لمحور المقاومة، إلى جانب الخطر النووي الإيرانيّ.

    تبقى المعضلة الأساسيّة أمام قرار “إسرائيل” رفع وتيرة العمليّات الأمنيّة الإسرائيلية بشكلها الجديد، اصطدامه بقرار حاسم من محور المقاومة بعدم السماح بذلك، ولو أدى الأمر إلى مواجهة مفتوحة. تلك هي الرسالة التي، كما أعتقد، حملها الصّاروخ المجهول النوعية الّذي انطلق، بحسب الرواية الإسرائيلية، من الجولان السوري، وسقط قرب الموقع الأكثر حساسيّة في “دولة” الاحتلال، أي مفاعل “ديمونا”، قاطعاً أكثر من 200 كم فوق فلسطين المحتلة، من دون تمكّن منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي المتعدّدة من إسقاطه.

    _____
    حسن لافي

    spot_imgspot_img