كشفت صحيفة إسرائيلية، أن سلطات الاحتلال تسعى جاهدة عبر أذرعها المختلفة، إلى طرد وتفريغ بيوت مدينة يافا المحتلة من سكانها الفلسطينيين.
وأوضحت صحيفة “هآرتس” العبرية، أن هذه المحاولات تجرى بواسطة ما يسمى قانون “أملاك الغائبين”، مشيرة إلى أنه يسعى إلى استبدال اليهود بسكان يافا الفلسطينيين.
ولفتت الصحيفة إلى أنه “في كل يوم جمعة، يتظاهر في يافا بضع عشرات من الأشخاص، للاحتجاج على مسألة ملحة وهي بيع أملاك الغائبين في المدينة”، منوهة إلى أن شعارات كتبت باللغة العربية والعبرية تؤكد أن “يافا ليست للبيع”.
وأشارت إلى أن المكان الذي خط فيه هذا الشعار لم يكن صدفة، “فقد كتب قرب جدران فرع شركة الإسكان العام “عميدار” المحلي، التي تدير فعليا “أملاك الغائبين”، وهي البيوت التي هاجر سكانها الفلسطينيون في حرب 1948 (النكبة)، والآن يعيش فيها سكان يعتبرون محميين”.
وأكدت أن “عميدار” نشرت مؤخرا 5- 10 مناقصات لبيع “أملاك غائبين” في يافا، مشددة على أن “هذا الأمر أثار غضبا شديدا في المدينة، خاصة بعد أن عرضت عميدار في السنوات الثلاثة الأخيرة على جميع المستأجرين المحميين في المدينة شراء العقار الذي يعيشون فيه”.
وينص القانون المزعوم، على أنه “يمكن لإسرائيل إبلاغ السكان المحميين الذين يسكنون في العقار، عن نيتها بيع البيت، وأن تعطيهم حق الأولوية لشرائه بسعر مخفض، وإذا لم يفعلوا ذلك خلال 90 يوما، يتم بيعه عبر مناقصة بدون المس بحقوقهم كسكان محميين”.
وأفادت الصحيفة بأن العائلات الفلسطينية التي تقيم “أملاك الغائبين” في يافا “فقيرة في الغالب، ولا تقدر على شراء المنزل، مشيرة إلى أنه “في حال تم عرض المنزل للبيع عبر مناقصة، في حالات كثيرة يكون المشتري من اليهود، وهذا الأمر يفسر في يافا؛ على أن إسرائيل تريد استبدال اليهود بسكان المدينة العرب”.
وكشفت أن “عميدار” تدير حاليا نحو 4800 من عقار من “أملاك الغائبين” في أجاء فلسطين المحتلة، وفي يافا وحدها هناك 1200 عقار منها.
وفي 1985، “تم تشكيل طاقم تخطيط يافا الذي مهد الأرض لإعادة تطوير المدينة، وحتى ذلك الوقت كانت هناك أيديولوجيا قلة الاستثمار في المدينة”، بحسب ما قاله المؤرخ دانييل كونترسكو لصحيفة “هآرتس”.
وذكر أنه “في 1985 اكتشفت البلدية الإمكانية الكامنة الجديدة ليافا، وشكلت كادرا من الأشخاص الذين أدركوا هذه الإمكانية الكامنة؛ التخطيطية والعقارية لها، وهذا الأمر مكن من التحسين الذي نشاهده الآن، وضمن أمور أخرى، عن طريق بيع عقارات (تعود ملكيتها للفلسطينيين) من “عميدار” وسلطات حكومية أخرى للسوق الحرة”.
ونبه كونترسكو، أن “عميدار” لم تعد منذ زمن شركة إسكان، هدفها هو خصخصة أملاك الدولة التي تمت مصادرتها بأمر قانون “أملاك الغائبين” في السوق الحرة”.
إحباط مستمر
ولفتت الصحيفة إلى أن “المشاعر الكبيرة التي تثيرها هذه القضية ظهرت أيضا في مواجهات حدثت في المدينة مؤخرا، والتي بدأت بعد مهاجمة رئيس إحدى المدارس الدينية، الحاخام إلياهو مالي، الاثنين الماضي الذي وصل لشراء قطعة أرض في حي العجمي، وتم تكرار جملة “هم يحاولون إخراجنا من يافا، ويافا لأهلها”.
وأشارت إلى أن عائلة جربوع الفلسطينية التي تقيم في مبنى مجاور لقطعة الأرض هاجمت الحاخام مالي، الذي فتح البوابة وحاول أن يقتحم المكان، وقال رمضان جربوع للصحيفة: “خلال نصف ساعة جاءت الشرطة إلى المكان ونبشوا البيت وهددونا، بدأت أمي وزوجة أخي بالبكاء، نحن نعيش هنا منذ ثلاثين سنة وندفع ضريبة “الأرنونا” والكهرباء وكل شيء، نحن نريد شراء البيت ونريد التوصل معهم إلى اتفاق”.
وبينت “هآرتس”، أن “البلدية المسؤولة عن ضائقة السكن في يافا، تدرك الغضب الشديد للسكان الذين يعيشون في “أملاك الغائبين”، وفي ظل النقص في الشقق وأسعار العقارات المرتفعة جدا”، منوهة إلى أن “إسرائيل تطلب من المستأجرين المحميين شراء البيوت التي يسكنون فيها بأسعار مرتفعة، أو إخلاء هذه العقارات”.
وأكدت أن “الصعوبة شديدة بشكل خاص في أوساط العرب في يافا، وتجاهل الحكومة وغياب معالجة ضائقة العرب في الداخل في مواضيع كثيرة، كله سيعمل على الاستمرار في خدمة الهياج والنزاع”.
وقال مصدر رفيع في البلدية في حديثه للصحيفة: “نظرة “عميدار” و”سلطة أراضي فلسطين المحتلة“، هي نظرة غير جيدة، أنتم تحرقون الأرض بما عليها، لماذا لا يتم التعامل مع مشاعر السكان وكبار السن والتاريخ؟”.
وذكر المحامي محمد كابوب من سكان يافا لـ”هآرتس”، أنهم “يأتون إلى عائلة في وضع اقتصادي متدن، ويقدمون لهم عرض سعر (مقابل العقار) بمبلغ مليون و600 ألف شيكل، وحتى لو كان يستحق ذلك من ناحية اقتصادية، إلا أنه لا يوجد لديهم ما يدفعونه”، مضيفا أن “هذا ترانسفير اقتصادي للعرب في يافا”.
وأكد كابوب الذي يتعامل مع “عميدار” منذ خمس سنوات، أن “الهدف هو تهويد يافا”، منوها إلى أن “بلدية تل أبيب قررت استثمار مئات الملايين في يافا فقط بعد أن بدأ اليهود يدخلون إلى المدينة، الجميع ضدنا، البلدية و”سلطة الأراضي ” و”عميدار” وحتى جهاز الشرطة”.
وبحسب مزاعم الصحيفة، فقد تعرض “عميدار” للبيع في يافا حوالي 25 عقارا في السنة في المتوسط، نصفها من “أملاك الغائبين”، بينما في كل سنة تبيع “عميدار” بالمتوسط 80 عقارا في أرجاء الأراضي المحتلة، بما في ذلك “أملاك الغائبين”.